بين عيدي السيدة (15 آب) والأضحى (22/ 23 آب)، تكون البلاد قد دخلت عملياً في إجازة لأسبوعين. وهذا يسري على عمل اللجان التي ستدخل في إجازة صيفية هي الأولى للمجلس الجديد، وإن لم يبدأ عمله فعلياً بعد. لكن هل تنعكس هذه الإجازة على مساعي تشكيل الحكومة، فتزيدها تأخيراً، أم تترجم الإيجابية التي يمضي فيها كل من الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، بحمل الحريري في زيارته المقبلة إلى بعبدا أول مسودة حكومية، حتى لو كانت حكومة أمر واقع؟ وإذا كانت الصورة التي جمعت الرئيس المكلف مع كل من الرئيس بري والوزير جبران باسيل قد أسهمت في زيادة التفاؤل باقتراب التأليف، إلا أن لقاء الحريري وباسيل بدا بحد ذاته أنّه حقق غاية للطرفين: أعاد الحريري من خلاله تأكيد جديته في السعي إلى إنضاج التشكيلة، مقابل حصول باسيل على تنازل حريريّ، تمثّل بإبداء رغبته في لقائه وموافقته على أن يكون هذا اللقاء محصوراً بالقطبين فقط، ما اضطر الوزير غطاس خوري إلى الانسحاب من اللقاء.وبعيداً عن الشكل، ذكرت معلومات التيار الوطني الحر أن اللقاء كان إيجابياً إلى الحد الذي عكس انطباعات أن الحريري سيقدم على تنازلات مهمة في ما يتعلق بطريقة توزيع الحصص والحقائب، بما يسرع عملية تشكيل الحكومة.
أجواء التيار الوطني الحر سادت لدى أوساط أخرى لمست استعداد الحريري لعدم البقاء على موقفه الاول، وأنه يدرس جدياً السير في تشكيلة حكومية لا تحقق كل مطالب «حليفيه الاضطراريين» سمير جعجع ووليد جنبلاط.
وقالت الأوساط ذاتها إنّ الحريري مستعد للسير في عملية التأليف إلى حدود أن ينجز مع رئيس الجمهورية ميشال عون تشكيلة «حكومة أمر واقع» يعطي فيها ما يعتقده والشركاء منصفاً للجميع، بمن فيهم جعجع وجنبلاط.
لكن الأوساط القريبة من الفريق الآخر لا تزال تعتقد بأن الأمور لا تزال على حالها منذ الزيارة الاخيرة للحريري إلى قصر بعبدا. وأعربت عن اعتقادها بأن الحريري إن زار عون قريباً، فهو لن يحمل له أي مسودة حكومية، لأن الأمور لا تزال جامدة عند الحصص، ولم يتم الدخول في الحقائب أو الأسماء حتى.
العونيون مطمئنون إلى أن الضغط على الحريري قد أثمر «تنازلات مهمة»


«القوات» لا تزال تستند إلى الدعم السعودي والأميركي، وجدد أحد وزراء «القوات» التمسك بالموقف الاساسي. وقال لـ«الأخبار» إن «القوات متمسكة بثلاث مسلمات: أولاً، التمسك بالحريري رئيساً مكلفاً وتسهيل مهمته إلى الحدود القصوى.
ثانياً، تمسك القوات بحقها في التمثيل كمّاً ونوعاً رغم دورها الاستثنائي في تسهيل عمل رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية عبر ترك نيابة رئاسة الحكومة له في مقابل حقها في إحدى الحقيبتين السياديتين من الحصة المسيحية، وإلا فلن يكون بمقدور «القوات» التخلي عن نيابة رئاسة الحكومة. ثالثاً، تمسك القوات بالتمثيل المسيحي النوعي والتوازن المسيحي السياسي الذي أسهم في تأمين وصول العماد عون الى الرئاسة والتوازن الوطني الذي كان مختلاً حتى في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي كان للعونيين فيها عشرة وزراء.
وعُلم أن وزير الاعلام ملحم الرياشي سيلتقي خلال الساعات المقبلة الرئيسين بري والحريري لمناقشة الأمر قبل العودة إلى قيادته، علماً بأن جعجع لا يزال خارج البلاد حالياً. وبحسب المعطيات، فإن القوات «قد وافقت على حصة من أربعة وزراء، لكنها لم تتراجع عن طلبها الحصول على حقيبة سيادية «لا لبس بسيادتها»، ربطاً بما تردد عن إمكان تعويضها عن هذه الحقيبة بأخرى «من وزن سيادي».
الأمر نفسه يبدو قائماً عند جنبلاط، إذ تقول مصادر الأخير إنه لم يتراجع عن مطلبه الحصول على الوزراء الدروز الثلاثة، بحسب من التقوا رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، الرافض لتكرار سيناريو تحالف الرئيس كميل شمعون مع الأمير مجيد أرسلان. وعاد جنبلاط مجدداً إلى نغمة التدخل السوري، متّهماً دمشق بالوقوف «خلف تعنّت باسيل وطلال أرسلان وإصرارهما على مواجهته، خاصة بعد زيارة أرسلان لدمشق ولقائه الرئيس بشار الأسد مؤخراً».