يستكمل النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم تحقيقه في ملف وزارة الصحة التي كانت قد فتحته «الأخبار» عبر سلسلة تحقيقات استقصائية توثق مخالفات وزير الصحة غسان حاصباني وبعض مستشاريه، وتشمل طريقة توزيع السقوف المالية على المستشفيات الخاصة والحكومية كما التلاعب بعدد الأسرّة، إضافة إلى استبدال أدوية أمراض مزمنة بأدوية أخرى تتسبب بردود فعل خطيرة لدى بعض المرضى. يتم شراء هذه الأدوية عبر عقد جانبي بين الوزارة وإحدى الشركات التي لم تتمكن من دخول مناقصة الأدوية لعدم استيفائها الشروط المطلوبة. على الأثر، طلب القاضي إبراهيم الاستماع إلى مستشاريّ حاصباني، أنجليك خليل وإيلي زيتوني، ثم الاستماع إلى مدير عام وزارة الصحة وليد عمار يوم، أول من أمس، حول السقوف المالية. وفي اتصال أجرته معه «الأخبار»، أكد القاضي إبراهيم أن التحقيق «مستمر والملف لن يقفل»، وأنه تم الطلب من وزارة الصحة تزويد النيابة العامة المالية بأسماء العاملين في لجان الأدوية من أجل الاستماع إليهم. ومع هذه الخطوات التي يقوم بها القاضي إبراهيم، يفترض فتح كوة جديدة في قضايا الفساد ليس فقط في وزارة الصحة بل في مختلف الوزارات والإدارات العامة. أما بشائر هذا التحول، فتتلخص بما يلي:

المالية ترد قرار حاصباني
* تقول مصادر وزارة الصحة إن مراقب عقد النفقات في الوزارة وهي مندوبة وزارة المالية هناك، ردت أخيراً قرار الوزير حاصباني الذي سعى إلى تمريره في جلسة الحكومة الأخيرة لإلغاء المرسوم 4599. وذلك لأن القرار غير قانوني، إذ لا يمكن إلغاء المرسوم الوزاري إلا بمرسوم آخر وليس بقرار وزير. هكذا يكون حاصباني قد أدخل المستشفيات في أزمة مالية والمتضرر الأول هو المواطن الذي لا يحظى بضمان اجتماعي ولا بتأمين صحي والذي كان يعاني أصلاً مع إقرار السقوف المالية للمستشفيات، فكيف اليوم مع عدم توافر الأموال المطلوبة لتغطية علاجه على حساب الوزارة؟

ملف مستشفى صيدا بيد التفتيش
* تحرك التفتيش المركزي إثر نشر «الأخبار»، أول من أمس، تحقيقاً بعنوان: «صندوق مستشفى صيدا الحكومي مفخوت»، مما شكل بارقة أمل إضافية. فقد زارت لجنة من التفتيش المركزي مستشفى صيدا الحكومي، أمس، للتدقيق في ما ورد في مقالة «الأخبار»، وطلبت مستندات تتعلق بالحسابات المالية والفواتير من دون أن تسهل لها إدارة المستشفى عملها. ويفترض أن تستكمل اللجنة تحقيقاتها في الموضوع، لا سيما أنه يوجد بحوزتها ملف سابق عن المستشفى فيه شهادات بعض الموظفين حول ما يحصل، على أن تصدر قراراً قريباً يعيد الثقة بمؤسسات الرقابة ويشكل خطوة أولى في طريق مكافحة الهدر داخل المستشفيات الحكومية.

صرخة المستشفيات مفتعلة أم حقيقية؟
* علت صرخة المستشفيات الخاصة بعد سكوت طويل نتيجة عدم حصولها على السقوف المالية المعدلة التي وعد وزير الصحة بها، وجاء مؤتمر رئيس نقابة المستشفيات الخاصة سليمان هارون في هذا الإطار. وقال الأخير: «إننا مقبلون على ما لا تحمد عقباه» بفعل «تراكم ديون المستشفيات لدى المستوردين للأدوية والمستلزمات الطبية الذين أبلغوا القطاع بتوقيف التسليم بانتظار قبض فواتيرهم»، مطالباً بتأمين «الموازنات اللازمة لوزارة الصحة».
علي إبراهيم لـ«الأخبار»: طلبت من وزارة الصحة تزويدي بأسماء العاملين في لجان الأدوية


تجدر الإشارة هنا إلى أن بعض الشركات التي تبيع معدات طبية للمستشفيات الخاصة ومنها المعدات الثقيلة، تتردد اليوم في وضع معداتها داخل المستشفيات خوفاً من عدم موافقة ديوان المحاسبة على زيادة حاصباني للسقوف المالية للمستشفيات الخاصة. وهو ما حصل فعلياً عبر ردّ وزارة المالية للقرار قبل وصوله حتى إلى ديوان المحاسبة. أما الأزمة المالية، فليست حكراً على المستشفيات الخاصة بل تشكل عبئاً أكبر على المستشفيات الحكومية التي تعاني أصلاً من العجز، ويتحمل مسؤوليتها وزير الصحة شخصياً نتيجة قفزه فوق المرسوم المعتمد منذ سنوات وانتظاره جلسة الحكومة الأخيرة للمطالبة بإقرار السقوف المالية بقرار يخالف القانون. علماً أن عقود المستشفيات تنتهي خلال آذار أو نيسان، وكان يفترض بوزارة الصحة أن تستبق هذا الأمر لا أن تنتظر انتهاءها للتصرف. كذلك لم يجر الضغط في شكل جدي لتسديد عقود المصالحة مع المستشفيات، بل اختار الوزير حاصباني تسديد عقود ثلاثة أو أربعة مستشفيات خاصة بشكل استنسابي. وحتى في حال سعي حاصباني لإيجاد حلّ عملي اليوم لإقرار السقوف المالية عبر العودة إلى المرسوم رقم 4599 فإن الأمر يتطلب على الأقل شهراً لتسيير الآلية وتقديم المستشفيات فواتيرها مجدداً حتى تخضع لتدقيق وزارة المالية قبيل اتخاذ قرار الدفع. علماً أن الوزارة لم تسدد تدوير العام 2017 بعد ولا قامت بدفع أي فاتورة من فواتير عام 2018.



بري: بمقدور القضاء محاسبة وزير
خلال لقاء الأربعاء النيابي الذي يعقده رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة أسبوعياً، طُرح موضوع المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي لم يوضع يوماً في إطار التنفيذ منذ الطائف حتى الآن.
ونقل عن بري قوله إنه سبق للنائب العام المالي القاضي علي إبراهيم أن راجعه في هذا الشأن، فأجابه أنه لا يوجد أي نص قانوني يمنع القضاء من محاسبة أي وزير.


مقالات سابقة ذات صلة

غسان حاصباني: إبداعات الوزير المعجزة

«إصلاحات» حاصباني: ضرب المستشفيات الحكومية أولاً

أدوية السرطان «المفقودة»... حلّ مؤقت قريباً؟

حاصباني «يُنجز»: مكافآت وعقود ووظائف حزبية!

حاصباني يصرُف المليارات على مستشفيات وأسرّة وهمية

أن تغطي فشلك بالصراخ السياسي... حاصباني نموذجاً

مستشفى صيدا صندوق «مفخوت»