جلسة اللجان النيابية المشتركة بالأمس وبجدول أعمالها المؤلف من 11 بنداً هي أول جلسة يدعو إليها الرئيس نبيه برّي بعد الانتخابات النيابية وانتخاب اللجان، وقبل تأليف الحكومة. بدا كأن هناك اتفاقاً على تمرير المشاريع المطروحة من دون تعديلات تُذكر. ساعة من أصل ثلاث ساعات للنقاش في ملف إدارة النفايات الصلبة، كانت «مضيعةً للوقت»، بعدها، قرر النواب، بحسب نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي، التصويت، فكانت الأكثرية مع الانتقال إلى بقية بنود جدول الأعمال. عند هذا الحد (التصويت)، قرر النواب سامي الجميل وبولا يعقوبيان وإلياس حنكش مغادرة جلسة اللجان احتجاجاً، بعد أن كانوا سجلوا اعتراضهم على توزيع جدول الأعمال على النواب قبلَ 48 ساعة فقط من موعد الجلسة. في بداية الجلسة التي انعقدت ظهراً، اقترح الفرزلي أن يبدأ النواب بمناقشة مشروع القانون المتعلّق بالمعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي (رقمه السابع بحسب ترتيب جدول الأعمال). غيرَ أن مُطالبة النائب نواف الموسوي ببدء الجلسة بمشروع الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة «نظراً لأهميته والحاجة الملحّة إليه» هي التي اعتمدت، بعد موافقة أكثرية النواب الحاضرين.
تقدم النائب أكرم شهيب بداية بمداخلة، كونه كان رئيساً للجنة الفرعية المنبثقة من اللجان النيابية المشتركة، وتلته يعقوبيان على الخط. هذه المرة سجلت اعتراضاً على «الأخطاء اللغوية في المشروع، وبعض المصطلحات غير المفهومة». علماً أن المشروع مُلحق بمحضر يشرح التفاصيل. عدم انتباه يعقوبيان للأمر دفع الزملاء النواب للفت نظرها حول وجوده. يسجّل للأخيرة إصرارها على مناقشة المشروع مادة مادة. لكنها حين تساءلت عن نسب النفايات المتبقية بعد الحرق، تدخّل الوزير علي حسن خليل معلّقاً وشارحاً، وأكد أن «البلديات ليست قادرة وحدها على تحمّل النفقات، لذا كان لا بدّ من صياغة المشروع بشكله الحالي»، مشيراً إلى «تطييف النفايات لأن ما حدا بدو زبالة حدا». ولما أصرّت يعقوبيان على المعارضة توجه إليها خليل بما معناه «لا أحد يقاطعني وإن كانت لديك ملاحظات توجهي بها إلى رئيس الجلسة». وفيما أيّد غالبية النواب ما قاله وزير المالية، كان للنائب أسامة سعد رأي بتشديد الدور الرقابي لمجلس النواب.
إلى هنا كانت لا تزال أجواء الجلسة هادئة نسبياً. قبل أن يقترح النائب جورج عدوان التصويت على مشروع القانون لأن «النظام الداخلي يسمح بهذا الخيار ما دام هناك أصوات معترضة». فعلّق سامي الجميل قائلاً: «الجميع تحدث في الإطار العام ولا أحد ناقش المواد مادة مادة». وحين قال عدوان للجميل: «أنت وبولا وأسامة دخلتم في التفاصيل»، احتدّ رئيس حزب الكتائب قائلاً «مش إنت بتحدد شو انحكى». ثم دخل النائبان أنور الخليل وسيمون أبي رميا على خط النقاش. فردّ الأول بأن «هذه المواد سبق وأن نوقشت في اللجان وتمّت الموافقة عليها»، في حين توجّه أبي رميا إلى الجميل بالقول: «عضو حزب الكتائب ايلي ماروني كان في اللجان ولم يعترض، فلمَ التعطيل الآن»؟ هذا السجال دفع بالجميل ويعقوبيان وزميلهما الياس حنكش إلى الخروج من الجلسة التي وافق فيها بقية النواب على مشروع القانون، مع التحفظ على المادة العاشرة من الفصل الثاني (التنفيذ). هذه المادة تنصّ على إنشاء هيئة وطنية لإدارة النفايات تحت وصاية وزير البيئة. فيما كان اقتراح النواب أن توضع تحت وصاية مجلس الوزراء.
يقدّم «كاشف الفساد» معلوماته حصراً أمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد


ضيق الوقت لم يسمح للنواب الحاضرين إلا بتمرير مشروع قانون «النفايات»، واقتراح آخر يرمي إلى حماية كاشفي الفساد. وقد مرّ هذا الاقتراح بسرعة وكان قد تقدم به 8 نواب هم: جوزف معلوف وغسان مخيبر وألان عون وياسين جابر ووليد خوري وعماد الحوت وزياد القادري وعلي فياض. وقد أقرّته لجنة الإدارة والعدل عام 2015، بعد إدخال تعديلات عليه. ويأتي هذا الاقتراح من ضمن مجموعة اقتراحات ترمي إلى مكافحة الفساد عملاً بالاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، التي صادق عليها لبنان عام 2008. في حينه، لحظت لجنة الإدارة والعدل إمكانيّة أن يكون «كاشف الفساد» أي شخص طبيعي أو معنوي يُدلي للهيئة بمعلومات تتعلق بالفساد، بمعزل عن الصفة وفق المادة 8. وقد جاءت مقرونة بشرط أن تقدم المعلومات حصراً أمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. أهمية الاقتراح أنه يوفر الحماية أولاً والحوافز ثانياً سواء لمن هم في الإدارات العامة أو من خارجها وقدرة الملاحقة ثالثاً أمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
يذكر أن يعقوبيان قالت قبل مغادرة المجلس إن «النصبة الكبيرة هي المحارق وهذا فساد قاتل»، فيما قال سامي الجميل إنه «لا يجوز أن يكون مجلس الإنماء والإعمار هو الذي يلزم ويراقب وينفذ».