مَثلَ سمير جعجع أمام القضاء أمس. هذه المرة، كمدّعي لا كمدّعى عليه، في الشكوى المرفوعة ضد رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال انترناشيونال (Lbci)، بيار الضاهر، بجرم الاحتيال وإساءة الائتمان.في حضرة القاضية المنفردة الجزائية في بيروت فاطمة جوني، وقف جعجع والضاهر، والشاهد كريم بقرادوني. الجلسة كانت أشبه بتكرار جزء من التاريخ السياسي والإعلامي لمرحلة ما بعد اتفاق الطائف. أعاد كل من الطرفين سرد وجهة نظره. جعجع، الذي كان يرفض المثول أمام القاضية، بذريعة وضعه الأمني (طالب سابقاً بانتقال القاضية إلى معراب للاستماع إليه)، أكّد في قصر العدل ببيروت أمس أن القوات تملك محطة «أل بي سي». ودليله أن الضاهر كان يدفع الأموال للقوات دورياً، وأن حزبه لم يكن ليتخلى عن محطة تلفزيونية بقوة «أل بي سي». الجديد في إفادته إقراره بأنه علِم بإنشاء شركة «أل بي سي انترناشيونال» قبل دخوله السجن عام 1994. ففي إفادته أمام قاضي التحقيق، سابقاً، قال جعجع إنه لم يعرف بأمر إنشاء «أل بي سي آي» إلا بعد خروجه من السجن عام 2005. وهذا الاعتراف يعوّل عليه فريق الدفاع عن الضاهر لتأكيد ثلاثة أمور: أولاً، مرور الزمن على الجرم في حال كان الجرم موجوداً. إذ كانت أمام جعجع فرصة للإدعاء على الضاهر، قبل دخوله السجن، لكنه لم يستغل تلك الفرصة؛ ثانياً، إنشاء «أل بي سي آي» يُثبت، برأي الضاهر، أنه اشترى «أل بي سي» من القوات اللبنانية، ولهذا الهدف أنشئت «أل بي سي آي»؛ ثالثاً، وجود سوء نية لدى جعجع، وإلا، فلماذا أنكر سابقاً معرفته بإنشاء «أل بي سي آي»، على رغم كونها علنية، وكانت تبث على الهواء، منذ عام 1992، أي قبل أكثر من سنتين من توقيف جعجع.
في المقابل، يرى فريق الدفاع عن جعجع قضية الإقرار بمعرفة وجود «أل بي سي آي» غير جوهرية إطلاقاً، بل هامشية جدياً. فصحيح أن جعجع علم منذ عام 1992 بوجود الشركة الجديدة، إلا أن ذلك لا يثبت حصول البيع. وبرأي هذا الفريق، أن جعجع تعامل عام 1992 مع خلق مؤسسة جديدة أمراً تقنياً متصلاً بالتحضير للحصول على ترخيص للبث بعدما قررت الدولة اللبنانية تنظيم قطاع الإعلام المرئي.
أمر ثانٍ كان مثار بحث في الجلسة. روى بيار الضاهر كيف لجأ إلى جعجع عام 1994 لتأمين مبنى لـ«أل بي سي آي»، بدلاً من المبنى الذي دهمه الجيش في جونيه، كونه ليس ملكاً للقوات ولا للمؤسسة الإعلامية، بل كان مدرسة. عرض جعجع على الضاهر مبنى السجن السابق، التابع للقوات، في أدما (مبنى «أل بي سي آي» الحالي)، فوافق الثاني، واتفق مع المسؤول القواتي الذي وكّله جعجع متابعة القضية، على شراء المبنى بـ900 ألف دولار أميركي. وقال الضاهر إنه سدد هذا المبلغ بالتقسيط، بعدما أضيف على سعر «أل بي سي» البالغ 5 ملايين دولار.
الضاهر: «أل بي سي» كانت خاسرة، وكنتُ أسدّد ثمنها، لا الأرباح، للقوات


مسألة بيع المبنى يراها الضاهر دليلاً إضافياً على كونه اشترى «أل بي سي» من القوات. أما فريق جعجع، فيؤكد أن استمرار الضاهر بدفع مبالغ للقوات لم يكن بهدف تقسيط ثمن المحطة والمبنى، بل كحصة القوات من أرباح المؤسسة. ويشددون على أن مصاريف القوات انخفضت بعد حل الميليشيات، وأنها كانت قد حصلت على مبلغ كبير من المال لقاء بيعها سلاحها إلى الصرب، وهي بالتالي لم تكن بحاجة إلى بيع محطتها التلفزيونية الناجحة لتحصيل مال إضافي. ويرد الضاهر على ذلك بتأكيد أن «أل بي سي» كانت مؤسسة خاسرة لا رابحة، في بلاد خارجة للتو من حرب أهلية، وسوق الإعلانات فيها ضئيلة. وبناءً على ذلك، لم يكن ممكناً منح القوات أي حصة من أرباح غير موجودة، والمبالغ التي كانت تُدفع لحزب جعجع لم تكن سوى ثمن المحطة.
ويرد فريق الدفاع عن جعجع بتذكير الضاهر بأنه كان يتقاضى مبلغ 1500 دولار أميركي شهرياً بدل إدارة المحطة. واستخدم رئيس «القوات» مثلاً للدلالة على ملكية حزبه تلفزيون «أل بي سي» أن الرئيس رفيق الحريري فاوضه عام 1993 لإنشاء شركة تلفزيونية جديدة تملك كلاً من «أل بي سي» و«المستقبل»، إلا أنهما لم يتفقا على كيفية تقاسم الشركة التي ستملك المحطتين.
وبعد الانتهاء من الاستماع إلى إفادات جعجع والضاهر وبقرادوني، أرجأت القاضية جوني المحاكمة إلى 8 تشرين الأول المقبل، للمرافعة.