«حزب البعث السوري (في لبنان) معطل». توصيف يختاره المعارضون في حزب البعث في مقاربتهم للأزمة الداخلية التي يواجهها الحزب مؤخراً، والجزء الأكبر منها مرتبط بالانتخابات النيابية، ترشيحات ونتائج. بدأت الأزمة مع إعلان ترشيح وجيه عراجي عن المقعد السنّي في زحلة على لائحة نقولا فتوش وحزب الله. يومها، اتهم المرشح البعثي الرسمي، عضو القيادة القطرية، فادي العلي (عن المقعد السنّي في زحلة) الأمين القطري المساعد نبيل قانصو بالتآمرعليه، منعاً لتبنّي ترشيحه، كما اتّهمه بخلق مجموعة ترشيحات، للإيحاء من خلالها بأن الحزب منقسم ولا يفيد تبنّي أيّ من ترشيحاته.يتّهم فادي العلي القيادي نبيل قانصو بأنه سبب كل المصائب الحزبية، وهو المسؤول عن عدم وصول أيّ مرشح حزبي إلى الندوة البرلمانية، خصوصاً أنه كان يُعلَن عن ترشيحات رسمية ويجري العمل من تحت الطاولة لتمرير ترشيحات مخفاة كما حصل في أكثر من دائرة. ترافق هجوم العلي على الأمين القطري المساعد مع اندلاع خلاف بين الامين القطري نعمان شلق ومساعده نبيل قانصو، قبل أن تجري محاولة للملمة ذيوله في الآونة الأخيرة. وكان اللافت للانتباه محاولة هذا الطرف أو ذاك إقحام السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي في خلافات البيت البعثي، الأمر الذي جعل السفارة تضع نفسها على مسافة واحدة، تاركة للحزب، بقيادتيه القطرية والقومية، معالجة أيّ خلاف حزبي داخل القنوات الحزبية وليس خارجها.
في هذا السياق، يقول العلي إن نبيل قانصو هو المسؤول عن عدم وصول أي مرشح حزبي الى البرلمان، لأن صفة نائب ستجعل من يفوز بها قوياً ويطيح هذه القيادة.
وإذ يؤخذ على الحزب تبنّيه خيارات غير سياسية، وتحديداً تبنّي ترشيح متموّلين (نموذج المرشح العلوي حسن سلوم على لائحة وجيه البعريني في عكار)، فإن كل مرشحي البعث سقطوا في الانتخابات باستثناء النائب قاسم هاشم (المقعد السنّي في دائرة الجنوب الثالثة)، ولعل أحد أسباب نجاح هاشم في انتفاء القرار الحزبي سلباً أو إيجاباً، فالقرار هنا حسمه كلّ من الرئيس نبيه بري وحزب الله، بإبقاء المقعد للبعثيين الذين أنهكتهم خلافاتهم الداخلية المتكررة.
في المحصلة، لا اجتماعات قيادية، فيما يتجه أبرز القياديين في الحزب، احمد عاصي (أبو عواضة)، الى الاستقالة، وكذلك أمين فرع الحزب في البقاع الشمالي الذي وضع استقالته بتصرف السفير السوري، وتردّد وجود توجه لتقديم استقالة جماعية في البقاعين الشمالي والغربي وفي عكار، احتجاجاً على «تصرفات قيادة الحزب». ويقول أحد هؤلاء المعارضين إن إبعاد نبيل قانصو عن حزب البعث هو المدخل الضروري لمعالجة الأزمة الحزبية المتفاقمة، خصوصا بعد أن حوّل قانصو الحزب الى حصان طروادة لمشاريعه الشخصية، ويطالب هؤلاء «بتدخل حزبي سوري مباشر لإنهاء محاولات تدمير الحزب من قبل قيادة غير مؤهلة للعمل الحزبي».
لا يحدد شلق موعداً لآخر اجتماع عقده الحزب، مؤكداً أن الاجتماعات مفتوحة


صحيح أن الازمة ما زالت بين الجدران المغلقة، إلا أن المعارضة تهدّد «بنقلها الى العلن وتسمية الاشياء بأسمائها، لأن الحزب الذي كانت له كتلة من 4 حزبيين لن يسمح لقيادته بتحويله الى أقل من جمعية خيرية».
في المقابل، ينفي الأمين القطري للحزب كل ما يحكى عن شلل حزبي، ويقول «قد لا يعجب أداء نبيل قانصو البعض، وهو قد يخطئ وقد يصيب، لكن لا يعني ذلك تحميله مسؤولية ملف الانتخابات». ويضيف: «القيادة، وباستثناء استقالة واحدة لأسباب انتخابية، لم تتلقَّ أي استقالة ثانية، وفي نهاية الامر، الالتزام بالحزب طوعي وليس إلزامياً والعكس صحيح»، واضعاً ما يحصل في خانة الخلافات ضمن العائلة الواحدة.
وإذ تجنّب الحديث عن آخر اجتماع عقدته القيادة أو تحديد موعد لاجتماعها المقبل، قال في اتصال مع «الأخبار» إن اجتماعات القيادة مفتوحة. وعن اللغط الذي شهده الحزب جراء تعدد الترشيحات النيابية، قال شلق «نحن حزب ليس بوسعنا تشكيل لوائح أو فرض ترشيحات، كان لنا مرشحان أعلنّا عنهما، وعموماً نعتبر أن فوز حلفائنا هو بمثابة فوز لنا في كل لبنان».
وعن نية البعض بيع مركز الحزب في راس النبع قال «للمبنى رمزيته والحزب يعرف كيف يحمي أملاكه»، نافياً تدخل السفير السوري في شؤون الحزب الداخلية. وقال: «هو صديق وحليف ونلتقي به تحت هذا العنوان».