أجرى رئيس الجمهورية، ميشال عون، مساء أمس، مقابلة تلفزيونية مع قناة «بي بي سي عربي»، تطرّق فيها إلى ملفّات محلّية وإقليمية رئيسية، مرتبطة بالانتخابات النيابية التي انطلقت قبل ساعات. في ما يأتي أبرز تصريحات عون:
راضٍ عن القانون الانتخابي
القانون الانتخابي الجديد قد اعتُمد بهدف إتاحة المجال لتمثيل الأكثريات والأقليات في آن واحد، وبالطريقة الأصح لكافة شرائح الشعب اللبناني، ولكي يُنتج مجلساً نيابياً يسمح بمعالجة كافة القضايا، وهذا ما سيؤمّن مزيداً من الاستقرار الداخلي.
المسؤولية في إثارة الغرائز والأجواء الطائفية قبيل الانتخابات لا تعود إلى القانون بحد ذاته، بل إلى الذين استخدموا هذا الأسلوب. الخطاب الطائفي صدر على ألسنة السياسيين، وهم يتحملون هذه المسؤولية.
راضٍ عن القانون، لأن اللائحة المغلقة تشير إلى الخط السياسي الذي يختاره المواطن، فيما الصوت التفضيلي يتيح للمواطن عينه أن يختار من يريده، من هنا يأتي التمثيل صحيحاً في أعلى المراتب. من هذه الناحية، أنا راضٍ عن القانون.
بعض التصرفات كان فيها تخطٍّ للمدلول، ذلك أن الصراع على الصوت التفضيلي، أدى إلى الاحتقان داخل اللائحة الواحدة. وكان على المرشحين أن يعملوا من أجل الحاصل الانتخابي للائحة، فيما المواطنون هم الذين يصنفونها. وما حصل هو أن الصراع بات على من سيربح الصوت التفضيلي.
أعرف أن هذا القانون قد يؤدي إلى خسارة بعض المقاعد النيابية، هي في المطلق عائدة للتيار، لكن ما يهمني هو أن تتحقّق عدالة التمثيل، ليربح الوطن والشعب وتكون له كلمته في اختيار ممثليه.

سنلجأ إلى الأكثرية
سنواصل العمل بعد الانتخابات وفق الأسلوب الذي اعتمدناه، والذي يقوم على الإجماع في اتخاذ القرارات، وهذه وسيلة قد تعاني من بعض البطء، إلا أنها تُعفينا من الخلافات.
سيُطبَّق الدستور وما ينص عليه، وسنحاول دوماً التوصل إلى الإجماع، وهو الأمر المستحب. وفي غياب الإجماع هناك التصويت
المهم هو دائماً الحفاظ على الوحدة الوطنية في أي عمل حكومي مقبل، وإذا تعذّر ذلك، فسنلجأ إلى الأكثرية، لقد كنا خارج الحكومة وفي المعارضة منذ 2005، وهناك حرية المعارضة.
من يُرد الدخول إلى الحكومة، فعليه أن يلتزم القوانين التي ترعاها وطريقة العمل داخلها. ومن يُرِد البقاء خارجها وفي صفوف المعارضة، فهو حرٌّ بذلك.
إذا ما حصلت عرقلة داخل الحكومة، يمكن أن تستقيل ويعاد تشكيل حكومة أخرى، لكن الأمر لن يستغرق كما في بعض الدول سنتين أو أكثر لتشكيل حكومة جديدة.

حزب الله جزء من توازن القوى الإقليمية
الاعتداء الإسرائيلي على أي دولة عربيّة أمر مرفوض من قبل لبنان، فكيف إذا كان الأمر يتعلّق بسوريا وهي الأقرب جغرافياً إلينا، أما الردّ على الاعتداء (في ردٍّ على سؤال عن تصريحات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله)، فما زال ضمن إطار خطاب، وهو ليس موقف الحكومة اللبنانية.
في ما يتعلق بمشاركة حزب الله بالنزاع الدائر حالياً في سوريا، باتت مسألته قضية على مستوى الشرق الأوسط، حيث أصبح الحزب جزءاً من توازن القوى، ولم يعد بإمكانه الخروج وحيداً من المعركة الدائرة.
هناك إقرار من الجميع، بأن لبنان يجب أن يبقى مزدهراً، ومهما كان الانقسام السياسي الداخلي بسبب الخارج، فإنّ الجميع مؤمن بوجوب الحفاظ على الاستقرار الداخلي وإبقاء كافة أشكال النزاع خارجه.
الجيش يطبق قرارات الحكومة، وسبق أن اتخذنا قراراً بالإجماع، قضى بطرد الإرهابيين من بعض المناطق الحدودية، التي كانوا فيها. وجرى ذلك عبر معركة عسكرية شهد الجميع خلالها لقدرات جيشنا، الذي قام بها في أسرع وقت ممكن، وانتصر فيها بعدد ضئيل من الشهداء.
نحن لسنا في وضع انتظار أن يربح أحد في الخارج كي ننقلب وطنياً على مواطنينا. نحن إذا ربحنا في لبنان نربح جميعاً، وإذا ما خسر أحدنا فإننا جميعاً خاسرون. وكل من يعرفني يعرف جوابي هذا منذ حرب عام 2006، التي شنتها إسرائيل ضدنا.
سئلت حينها (في حرب تموز) عما حققته من هذه الحرب وقد «حشرت نفسك فيها»، فأجبت بأن هذا هو اعتداء على الوطن وعلى مواطنينا، فإن خسروا سنعيش وإياهم الخسارة، وإن ربحوا سنعيش معهم أيضاً، لذلك لا يجوز التخلي عن المواطنة ولا عن أرض الوطن. وأنا أتصرف على الدوام وفق هذه القناعة الفكرية.



على النازحين العودة برضاهم
لا أفهم مواقف مسؤولي الأمم المتحدة وتصريحاتهم، كذلك فإنني تفاجأت بمواقف الاتحاد الأوروبي، لأنّ من غير الممكن أن يبقى لبنان يتحمل ما يتحمله.
كم استقبلت أي دولة أوروبية من النازحين؟ وفي المقابل ما هي مواردنا نحن في لبنان وكم هي مساحة وطننا؟
ارتفعت الكثافة السكانية لدينا من 400 إلى 600 في الكيلومتر المربع الواحد، كذلك ارتفعت نسبة البطالة إلى 46%.
الوضع الاقتصادي ازداد سوءاً، لأنّ من غير الممكن تحمُّل كل هذه الزيادة السكانية وأعبائها بين ليلة وضحاها.
المساعدات التي تأتي إلى النازحين أصبحت بمثابة إعطائهم راتبين، راتب المساعدة وراتب العمل على الأراضي اللبنانية، مقابل حرمان الشعب اللبناني العمل، لأن النازح يتقدم إلى العمل بأجور أدنى مما يطلبه العامل اللبناني، من دون أن يدفع أي ضرائب.
لبنان يطالب بعودة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في سوريا، وفي بعض المدن حيث يُسلَّم سلاح المسلحين إلى النظام في سوريا.
ما دام النازحون موجودين عندنا، فإن هناك قلقاً يساورنا من نتائج الحرب، التي تنحسر أكثر فأكثر راهناً في سوريا، حيث لم يعد هناك من اضطراب أمني إلا في محافظتي درعا وإدلب، وهما الأصغر بين المحافظات السورية. أما في كافة المناطق الأخرى، فقد انتهت المشاكل الأمنية فيها.
لبنان لا يضغط على أحد للعودة كيفما كانت الظروف إلى سوريا. فنحن نتكلم على خروج النازحين من لبنان، برضاهم، وإلى المناطق الآمنة في بلدهم.
إنني كلبناني موجود على أرض وطني، وكرئيس للجمهورية، أقسمت اليمين على احترام الدستور والقوانين اللبنانية والاستقلال، وعلى المحافظة على سلامة الأراضي اللبنانية، والقانون الدولي من جهته لا يتيح لأحد آخر أن يعطيني الأوامر على أرضي. بإمكانه أن يعترض على تصرفاتي، إذا ما أسأت التصرف تجاه النازحين، لكن لبنان أعطى النازحين السوريين أفضل معاملة إنسانية، والبرهان على ذلك أن لا أزمة حصلت بيننا. إلا أن نسبة الجرائم العادية قد ارتفعت بسبب وجودهم، لكن لا أزمة من الجهة اللبنانية معهم.
ما من أحد بإمكانه أن يتهمنا بأيِّ أمر سلبي تجاه النازحين. واليوم هناك شائعات تسري عن أن هناك ضغطاً يمارس عليهم، وهذا غير صحيح إطلاقاً.