في ظل الحديث الذي يدور عن مساعٍ دولية «لتوطين النازحين» السوريين، أو إطالة أمد بقائهم لفترة أطول في لبنان، يعمل الأمن العام اللبناني على توفير التسهيلات المتاحة لعودتهم إلى بلداتهم بالتنسيق مع الدولة السورية. أخيراً، قام الأمن العام اللبناني بتنظيم عملية عودة عدد من النازحين السوريين من بلدة شبعا اللبنانية ومحيطها، إلى بلدتهم السورية، بيت جن، الواقعة في الجنوب السوري. في السياق، قال المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم، في حديث إلى مجلة «الأمن العام»، إن «الأمن العام أخذ على عاتقه إدارة عملية انتقال النازحين السوريين من شبعا ومحيطها إلى بلدتهم في بيت جن ومزرعتها، في أفضل الظروف، بعد التواصل مع السلطات السورية المعنية من أجل عودة طوعية وآمنة».اللواء إبراهيم أكد أهمية «توسّع المناطق الآمنة والمصالحات في سوريا للتشجيع على العودة»، ورفض الربط بين العملية التي جرت بين شبعا وبيت جن، والانتخابات النيابية في لبنان، وعزا توقيتها إلى قرار «السوريين أنفسهم ومدى شعورهم بالأمان». وقال: «كانت للأمن العام مهمة إدارة سير انتقال النازحين على الصعيدين اللوجستي والأمني، من خلال الإشراف على العملية وتوفير إيصالهم إلى الحدود اللبنانية السورية عند معبر المصنع، إضافة إلى التدقيق في أوراق النازحين وأعدادهم قبل توجههم إلى بلدتهم. وقد سبقه تواصل مع السلطات السورية المعنية بالعملية لتنسيق حسن سيرها».

الأمن العام يعدّ لوائح

وفي السياق ذاته، فقد علمت «الأخبار» من مصادر مطّلعة، أن الأمن العام اللبناني قد أعدّ قوائم بـ4000 نازح سوري موجودين حاليا في البقاع اللبناني، وسلّمها إلى الدولة السورية، من أجل نقلهم إلى قراهم ومدنهم في القلمون الغربي في مرحلة لاحقة

ورداً على سؤال بشأن توقيت عملية العودة الأخيرة، قال اللواء إبراهيم: «بالفعل، كان من المقرر أن يعود المواطنون إلى بلدتهم قبل الفترة التي تمّت فيها العملية. لكن الظروف الميدانية التي كانت تمر فيها بعض المناطق السورية، ولا سيما الغوطة الشرقية لدمشق، أسهمت في تأخير عودة أهالي بيت جن إلى ديارهم». أما في ما يتعلق بالخطوات التالية، فقد أكد إبراهيم أن «الأمن العام على استعداد دائم لتسهيل أي عودة طوعية للنازحين السوريين إلى قراهم، خصوصاً أن مناطق كثيرة أصبحت آمنة في سوريا، بفعل المصالحات التي تجري».
وعن العودة الشاملة بعد توسع رقعة المناطق الآمنة، أشار إبراهيم، في حديثه إلى مجلة الأمن العام، إلى أنه «لا شك في أن توسّع رقعة المناطق الآمنة في سوريا شجّع عدداً من النازحين السوريين على العودة إلى مناطقهم. كذلك فإن هناك تسجيلاً يومياً لعودة الكثيرين منهم ممن هم مسجلون كنازحين في لبنان وقرروا العودة إلى بلدهم. لكن نحن دائماً، كما قلت، مستعدون لتسهيل العودة الآمنة بفعل التنسيق القائم». وعن المعايير التي ترافق العودة، أكد أنه «لا يمكن أن يقرّر أي نازح سوري العودة إلى بلاده، إلا إذا كانت عودته طوعية وآمنة في الوقت نفسه، وخصوصاً بعدما أصبحت نسبة كبيرة من المناطق آمنة في سوريا، إما بفعل المصالحات أو العمليات العسكرية التي أدت إلى خروج الجماعات الإرهابية منها»، مضيفاً أن «من أهم المعايير لتلك العودة هي إرادة النازحين أنفسهم».

اللواء إبراهيم رأى أن «التنسيق بين الحكومتين في لبنان وسوريا، وبمشاركة المجتمع الدولي، هو الحل الأنسب»، وأشار إلى أن لبنان توجّه إلى المجتمع الدولي لمساندته في ملف النازحين السوريين، «لكونه من أكثر البلدان المجاورة التي تستقبل العدد الأكبر من النازحين، منذ بدء الحرب حتى اليوم، نسبة الى عدد سكانه. لكن تلك المساعدة كانت ولا تزال خجولة في ضوء التبعات الاقتصادية والاجتماعية التي ترتّبت على لبنان». كذلك، أكد أن «ملف النازحين لا يمكن معالجته من خلال المؤتمرات الداعمة فقط، بل يجب إيجاد حلول على المدى البعيد». ولدى سؤاله عن مدى إمكانية الرهان على العفو الشامل (في سوريا) للسماح بعودة شاملة للنازحين، أجاب إبراهيم: «يمكن الرهان بشكل كبير على هذه الخطوة التي تشكل ضماناً للنازحين للعيش في أمان في مناطقهم، ما يُسهم في تشجيع المواطنين على العودة إلى سوريا. لكن يبقى التنسيق الجدّي والفعلي بين الحكومتين اللبنانية والسورية، وبمشاركة المجتمع الدولي، هو الأنسب لحلّ الترددات السلبية التي خلّفها حجم النزوح إلى لبنان».