أكد معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب أهمية ودور «صفقة الغاز الكبرى»، المعقودة أخيراً بين العدو الإسرائيلي ومصر، في تعزيز وترسيخ المصالح الاسرائيلية في المنطقة وديمومتها، وتحديداً ما يتعلق بإمكان لجم ما سمّاه "غطرسة" لبنان وعناده، ورفضه العروض الأميركية لتسوية "الخلاف" على الحدود البحرية بين الجانبين، الأمر الذي يسهم في الحؤول دون تنامي الخلاف الى مواجهة عسكرية.وتحت عنوان «صفقة الغاز مع مصر: إسرائيل تعمق مرساتها في شرق البحر الأبيض المتوسط»، استعرض عدد من باحثي المركز في نشرته الدورية «مباط عال»، "البديل المصري" لنقل الغاز من إسرائيل، الذي يعدّ من ناحية تل أبيب أكثر واقعية من الاعتماد على أنبوب نقل الغاز الى تركيا بحراً، خاصة مع تردّي السياسة الاقليمية لتركيا، وتراجع علاقاتها مع أوروبا، و«كذلك احتمال ازدياد قوة حزب الله بعد الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان، إذ يفترض أن يمر الأنبوب التركي في المياه الاقتصادية اللبنانية».
وشدد البحث على ضرورة إضافة صفقة الغاز مع مصر إلى صفقة الغاز الموقعة عام 2016 مع الجانب الأردني، التي يمكن أيضاً أن تتمدد باتجاه صفقة غاز ثالثة مع السلطة الفلسطينية، ما يتيح لإسرائيل جملة فوائد اقتصادية لا ترتبط فقط بعوائد العلاقة مع الجهات الثلاث، بل تتجاوزها إلى تحقيق مصالح إسرائيلية أوسع، من بينها إمكان «ربط شمالي» بأنبوب الغاز العربي، الذي يمر في الأردن. «وللصفقتين مع الأردن ومصر قيمة استراتيجية كبيرة، لأنهما تثبتان علاقات إسرائيل بالدول المحيطة بها، وتخلقان مصالح متبادلة معهم، وتفتحان الباب أمام تعاون إقليمي يتجاوز موضوع الغاز، نحو تصدير واستيراد الكهرباء وتحلية المياه».
اتفاقيتا الغاز مع مصر والأردن «قيمة استراتيجية كبيرة» لإسرائيل


ولفت البحث إلى أن الصفقتين مع الأردن ومصر تتيحان لتل أبيب أن تشرك عمّان والقاهرة في تحقيق المصالح الإسرائيلية ودفعهما للحؤول دون الإضرار بالغاز الاسرائيلي من جانب حزب الله أو حركة حماس. وهو الأمر الذي يعدّ مكوّناً رئيسياً في الدفع نحو تعاون استخباري وأمني مسبق للحؤول دون مواجهة، وكذلك لمنع تفاقم أي مواجهة قد تحدث مع أحد هذين التنظيمين.
الرسالة الرئيسية للبحث الاسرائيلي هي في التأكيد للبنان، من جملة أمور أخرى استعرضها باحثو المركز، أن الإضرار بالمصالح النفطية والغازية لتل أبيب التي تعدّ موضع "الخلاف" مع الجانب اللبناني، بات بعد الصفقة مع مصر وقبلها مع الاردن إضراراً أيضاً بالدولتين العربيتين، الأمر الذي يعني مواجهة معهما، إضافة الى المواجهة مع إسرائيل.
وفي سياق ذلك، يؤكد الباحثون الاسرائيليون أن «النزاع الذي لم يحسم مع الجانب اللبناني حول الحدود البحرية يشكل من ناحية اسرائيل مصدر ازعاج سياسي وامني، لكنه لم يمنع مصر أو الاردن من الارتباط مع إسرائيل في مجال الطاقة، ولآماد طويلة».
وفي موازاة استعراض الشراكة الامنية والاستخبارية مع الجانب المصري والاردني، والتهديد بها، وجّه الباحثون الاسرائيليون جملة رسائل تهديدية للبنان وتحذيرية للشركات الثلاث صاحبة امتياز التنقيب واستخراج النفط والغاز في لبنان، مع محاولة تفسير "عجائبية" لأسباب تمسك اللبنانيين بحقوقهم وثرواتهم. بحسب البحث، «من الواضح أن الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان ستتسبب بعواقب مدمرة، وخاصة للبنان، لأنها ستحد من قدرته على استخراج النفط والغاز في مياهه، رغم أنها ستضر أيضاً بالمصالح الإسرائيلية في ما يتعلق بتطوير مكامن الغاز القريبة من الحدود». يضيف: «ذلك كله، مع الاشارة الى ان الخطابة العدائية المقبلة الينا من لبنان، والرفض المتكرر لمقترحات الولايات المتحدة التوفيقية، هي ضوضاء على خلفية اقتراب الانتخابات النيابية في لبنان». وبحسب البحث أيضا «من الأفضل للبلدان التي تحافظ على حوار سياسي مع لبنان، ولا سيما (الدول) التي تسهم شركاتها في تطوير الغاز (اللبناني)، أن تعمل على التقليل من الغطرسة اللبنانية».