يوم الثلاثاء، على أبعد تقدير، يُحسم «الانفصال» الانتخابي بين رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي. القرار بأن يُشكّل كلّ منهما لائحة، مُتّخذ منذ الأسبوع الماضي، من دون أن يعني ذلك خلافاً بين ابنَي طرابلس، «فالأرجح أن يُشكّل الاثنان، بعد الانتخابات النيابية، كتلة واحدة»، يقول أحد المقرّبين من الاثنين في عاصمة الشمال.
في الفترة الأخيرة، كانت المفاوضات بين ميقاتي وكرامي تتمحور حول قبول الأخير أو رفضه الانضمام إلى لائحة تيار العزم «وحيداً»، من دون بقية حلفائه المُقرّبين من فريق 8 آذار: النائب السابق جهاد الصمد (الضنية)، الحزب العربي الديمقراطي، تيار المردة، رئيس المركز الوطني في الشمال كمال الخير... لم تصل الأمور إلى خواتيمها «السعيدة». بعد ذلك، حاول ميقاتي إقناع تيار المردة بترشيح رفلي دياب (عن المقعد الأرثوذكسي في طرابلس) على لائحته، أيضاً من دون حلفاء حزب الله. على ذمّة قيادي في «المردة»، باءت المفاوضات بين حزبه وميقاتي بالفشل، «لأنّنا لا نترشح من دون كرامي والصمد. فكّ تحالفنا معهما لا ينجح، إن كان مع تيار المستقبل أو مع ميقاتي».

يراهن ريفي على
تكرار سيناريو الانتخابات البلدية في 6 أيار


«همّ» ميقاتي الأكبر أن لا «توصم» لائحته بأنّها «8 آذار»، بل أن يبقى في الموقع الوسطي الذي ارتضاه لنفسه. انطلاقاً من هنا، يتجه إلى تشكيل «لائحة تيار العزم» في دائرة طرابلس ــ المنية ــ الضنية. أسماءٌ عدّة باتت الأكثر ترجيحاً على لائحة رئيس الحكومة الأسبق، مثل رشيد المقدّم وميرفت الهوز ومحمد نديم الجسر (عن المقاعد السنية)، جان عبيد (المقعد الماروني)، نقولا نحاس (المقعد الأرثوذكسي)، جهاد اليوسف ومحمد الفاضل (عن مقعدَي الضنية)، ويبحث ميقاتي عن شخصية من آل علم الدين في المنية، مع أرجحية تحالفه مع عثمان علم الدين. ليس من المفترض أن «يُزعج» ترشيح جهاد يوسف، جهاد الصمد في الضنية. وقد تقصّد ميقاتي أن لا «يستفز» حليفه السابق، فاختار مُرشّحاً من قرصيتا (الجرد) وليس من بخعون (ضيعة جهاد الصمد)، كما أنّ يوسف يأكل من صحن تيار المستقبل.
خيار ميقاتي تشكيل لائحة وحده، لا يترك مجالاً أمام كرامي و«المردة» والصمد سوى تشكيلٍ لائحة خاصة بهم. يقول أحد المُقرّبين من كرامي إنّ «مساء الغد (الليلة) تصلنا نتائج الدراسة لوضعنا الانتخابي، ومن المتوقع أن نُعلن يوم الثلاثاء خيارنا. التحالف مع ميقاتي أصبح بعيداً، لأنّ هذه الانتخابات تقوم على الحسابات، وعلى حلفاء لا يتخلّى عنهم ابن عمر كرامي. الصمد حليف وصديق ووفي. ومع تيار المردة هناك علاقة تاريخية وخاصة». ويؤكد أنّ الابتعاد الانتخابي مع ميقاتي «لا يُلغِي أننا مع الرئيس في خندق واحد ورؤية واحدة». أما في المنية، فعلى الرغم من الحالة الشعبية التي يتمتع بها كمال الخير، إلا أنّ خياراته السياسية إلى جانب المقاومة والقيادة السورية تُفرمل اندفاعة بقية حلفاء 8 آذار للتحالف معه. الأرجح أن تضم لائحة كرامي ــ تيار المردة ــ جهاد الصمد، المُرشح عادل زريقة من المنية، من دون أن يُحسم بعد من سيكون المُرشح العلوي على اللائحة.
لائحة ثالثة في طرابلس سيُشكّلها تيار المستقبل، «وهذه الدائرة مُهمة جداً بالنسبة إلينا. من يدعمنا من الأحزاب ذات الطابع المسيحي في معركتنا هنا، سنردّ له الجميل في دوائر أخرى»، يقول مسؤولٌ في تيار المستقبل. والأرجح أن يكون «ردّ الإجر» للتيار الوطني الحرّ في دائرة الشمال الثالثة (بشرّي ــ زغرتا ــ الكورة ــ البترون)، ويُتبنّى ترشيح طوني ماروني عن المقعد الماروني في طرابلس. أما عن المقعد الأرثوذكسي، فقد حاول تيار المستقبل إقناع النائب محمد الصفدي بترشيح زوجته فيوليت خيرالله، من دون أن تتبلور الأمور بينهما إيجاباً. يشرح أحد العاملين في فريق الصفدي أنّ «العائلة ما زالت تدرس خياراتها، فالوزير لم يُقرّر أصلاً إن كان يُريد أن يترشح أو لا»، مع اتجاه إلى العزوف عن المشاركة في الانتخابات. بُحث خيار ترشيح خيرالله «بسبب وجود منافسة شرسة على المقاعد السنية، والوزير لن يُخاطر في حال لم يكن المقعد مضموناً». ولكن، حتّى خيرالله «غير مُتحمّسة للترشح»، وتنفي المصادر وجود أي خلاف عائلي بين خيرالله وابن شقيق الصفدي، أحمد الصفدي، المطروح كبديلٍ من وزير المال السابق منذ الـ2013. هناك اتجاه لدى محمد الصفدي لتجيير أصواته الشعبية لمصلحة لائحة تيار المستقبل، ولكن خلال اجتماع عمل بين أحمد الصفدي والكوادر الشعبية الداعمة له، اعترض عددٌ منهم على طلب أحمد وضع ماكينة الصفدي الانتخابية في تصرّف «المستقبل»، من منطلق أنّ «أصواتنا ليست للبيع». وبالفعل، انقسمت قدرة الصفدي التجييرية بين تيار المستقبل وميقاتي وكبارة الذي استقطب مجموعة أساسية منهم. ليست «المنافسة السنية» السبب الوحيد أمام عزوف الصفدي؛ فقد تقاطعت الأسباب اللبنانية ــ السعودية، ولا سيّما وضع «صديقه» تركي بن ناصر في الرياض.
في الضنية، سيُرشح المستقبل سامي أحمد فتفت. أما في المنية، «فسيبقى كاظم الخير، رغم صعوبة الوضع في المنطقة»، يقول المسؤول المستقبلي. أما الجماعة الاسلامية، «فلا يوجد حماسة أو مصلحة للتحالف معها». يبقى أنّ الحليف الأول لتيار المستقبل في طرابلس ــ المنية ــ الضنية هو الأجهزة الأمنية. «الأمر لديها» هو للأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري أو منسّق «المستقبل» في طرابلس ناصر عدره، حيث لا يُطلق سراح موقوف أو يُبتّ ملّف أمني ما، من دون تدخل أحدهما.
الوزير السابق أشرف ريفي ينتظر «أخطاء» الآخرين، ليبني على أنقاضها لائحته وتحالفاته، قبل ذلك لن يُقدم على إعلان لائحته. اتكاله أن يتكرر سيناريو الانتخابات البلدية، لا سيّما بعد أن «نُمي» إليه احتمال أن يتحالف رئيس الحكومة سعد الحريري ونجيب ميقاتي ضده. يقول المقرّبون من ريفي إن ردّ ميقاتي كان سلبياً، وفق ما توافر لديهم من معلومات، ويؤكدون أن الموفد السعودي لن يغيّر شيئاً في الوقائع الانتخابية، «فهم لم يتدخلوا في السابق، ولا نية لديهم بالتدخل حالياً»!