في مدرسة الراهبات في بلدة القاع، المجاورة للهرمل، تلقّى إيهاب عروة حمادة (8 شباط 1973) علومه الابتدائية، قبل أن يتابع المراحل المتوسطة والثانوية في ثانوية الهرمل الرسمية. المتوسطات والثانويات الخاصة في «بلاد الهرمل»، آنذاك، كانت ترفاً حتى لأبناء الطبقات الميسورة. هو ابن «العشيرة الحمادية» التي تنتسب اليها معظم عشائر البقاع، وكانت منذ بداية الحكم العثماني سنة 1516 حتى منتصف القرن الثامن عشر صاحبة النفوذ الأقوى في بلاد بعلبك وجبل لبنان (كسروان وجبيل).
جدّه لأبيه محمد سعيد الباشا كان وارث هذه الزعامة التاريخية، فقسّمها بين زعامة عشائرية عهد بها الى ابنه سعدالله حمادة، وزعامة سياسية أوكلها الى ابن ابنته رئيس مجلس النواب الراحل صبري حمادة.
عام 1982، مع الاجتياح الاسرائيلي للبنان، وصلت طلائع الحرس الثوريّ الايراني إلى لبنان، واستقرّت في مدن البقاع وبلداته، ومنها الهرمل. أحضر هؤلاء معهم إلى «منشية الوقف»، المتنزه الهرملي الوحيد حيث خيّموا، أنشطة «غريبة» كـ«البينغ بونغ» و«الكاراتيه»، مما لم يكن لأبناء المدينة الغارقة في إهمال تاريخي عهد به من قبل. اجتذب عناصر الحرس الودودون أطفال الهرمل وفتيانها، ومنهم ابن التاسعة من عمره، هؤلاء الذين شكّلوا في ما بعد الجيل الثاني لما يُعرف اليوم بـ«حزب الله». مذذاك، تدرّج حمادة في المسؤوليات الحزبية: بعد تخرّجه من «معهد الكوادر» في حزب الله، عمل في إعداد وتأهيل الكوادر في البقاع، وتولى منصب معاون مسؤول منطقة البقاع (عضو قيادة المنطقة منذ 17 عاماً)، قبل ان يعيَّن مسؤول قضاء الهرمل في الحزب منذ عام 2007.

حمادة: في
السياسة، أنتمي حصراً الى البيئة الجهادية المستضعَفة


بالتوازي، تابع دراسته في الجامعة اللبنانية التي تخرّج منها مجازاً في اللغة العربية وآدابها، ونال فيها الدكتوراه، قبل أن يعمل، فيها أيضاً، منذ سنتين، أستاذاً متعاقداً بالساعة لتدريس مادة الأدب الصوفي في الفرع الرابع في زحلة، وأصول التدقيق وفن الالقاء لصفوف الماجستير. كما نال ماجستير من «جامعة الامام الصادق» في طهران في إدارة الموارد البشرية، وخضع لدورات عليا في التخطيط الاستراتيجي في لبنان والخارج.
دراسته الأكاديمية وعمله الحزبي لم يحولا دون شغفين: الرياضة والشعر. في الأولى نال جوائز عدة في بطولات محلية في الـ«بينغ بونغ»، وحاز الحزام الأسود في «الكاراتيه». وفي رصيده الأدبي خمس مجموعات شعرية وكتابان في النقد الأدبي وآخر في أصول التدقيق اللغوي ومقالات في صحف لبنانية وعربية. كما شارك في تحكيم مسابقات شعرية وفي مؤتمرات شعرية وأدبية في لبنان والخارج. تولّيه مسؤولية قضاء الهرمل منذ أحد عشر عاماً جعله لصيقاً بمشاكلها وتفاصيل حياة أهلها اليومية. وهذا، في رأيه، قد يكون واحداً من أسباب ترشيح الحزب له (للانتخابات النيابية المقبلة عن أحد المقاعد الشيعية في بعلبك ــ الهرمل)، إلى جانب «تلبية القيادة لمطلب التغيير وضخ دماء جديدة». يهاب «التجربة النيابية» خصوصاً أن «مشاكل المنطقة الكثيرة تحتاج الى أكثر بكثير من قدرة نائب واحد على حلّها». لا «بل أنا مرعوب. لأنني امام امتحان ثقتين: ثقة الناس التي أطمح الى تعظيمها وثقة القيادة التي آمل أن أكون على قدرها». لا يرى في تسميته إعادة مقعد نيابي إلى العائلة التي شغلته تاريخياً لعشرات السنوات، «فأنا لست منتمياً إلى أي فكرة عائلية. أنا فرد من عائلة حمادة وأفخر بانتمائها التاريخي الى جذورها، وبأفرادها وعلمهم وعصاميتهم، لكن من دون ان تربطني بهم أي صلة سياسية. في السياسة، أنتمي حصراً الى البيئة الجهادية المستضعَفة».