لازم الغضب عين الحلوة طوال يوم أمس. صباحاً، علا الصراخ بين أعضاء لجان الأحياء بعد تبلغهم أن نائبة المدير العام لوكالة الأونروا غوين لويس، ألغت زيارتها المقررة لداخل المخيم للاجتماع بالأهالي المحتجين على منح الوكالة تعويضات مالية للمتضررين من الاشتباكات التي وقعت العام الفائت بين مجموعة بلال بدر وفتح.
وأكد البعض أن هناك تعويضات رصدت «لأشخاص غير متضررين، منهم مسافرون أو يقيمون في أحياء لم تصلها الاشتباكات أو يقيمون خارج المخيم، في مقابل حجبها عن مستحقين خسروا ممتلكاتهم». لويس استبدلت بالزيارة اجتماعاً في مقر جمعية «نبع» في صيدا، التقت خلاله ممثلي اللجان الشعبية ولجان الأحياء، وأُعقب بجلسة مغلقة بينها وبين اللجان الشعبية، لم يسمح للمعترضين بحضوره، الأمر الذي أذكى غضب المحتجين. وبحسب مصادر مواكبة للاجتماع، كانت زيارة لويس قد وضعت في إطار «إطلاق مشروع ترميم حيّ الطيرة، المعقل السابق لبدر، الذي تضررت منازله بنحو فادح». إلا أن تبيان ما وصف بـ«محسوبيات» في اللوائح التي نتجت من المسح الميداني للأضرار (قام به عناصر من الأونروا و«نبع»)، أجّل الإطلاق وحصر برنامج الزيارة بمناقشة ملاحظات المعترضين. ونقلت المصادر عن لويس توقعها أن «يحصل خطأ بنسبة 1 في المئة خلال إحصاء المتضررين»، واعدة بإعادة النظر باللوائح. علماً بأن التعويضات المخصصة لإعادة الإعمار والترميم توافرت للوكالة من طريق هبتين، إحداهما قدمتها الحكومة اليابانية، والثانية قدمها مكتب المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية.
لم يكد غضب عين الحلوة تجاه الأونروا يهدأ، حتى تفجر غضب آخر من إجراءات الجيش المشددة عند مداخل المخيم. مساء أمس، وبنحو مفاجئ، شددت الحواجز عمليات التدقيق بأوراق الداخلين والخارجين من المخيم وتفتيش السيارات، ما سبّب زحمة خانقة عند المداخل. مصدر فلسطيني من داخل المخيم لفت إلى «دعوات تحضّر على مستوى الأهالي وبعض الهيئات لتسيير تظاهرات شعبية اعتراضاً على إجراءات الجيش التي تشكل عقاباً جماعياً يزيد من المعاناة اليومية للاجئين، ويدفعهم إلى البقاء أسرى داخل أسواره». وتوقف المصدر عند «الجدوى من الإجراءات، في الوقت الذي يتمكن فيه المطلوبون من الخروج من المخيم بسهولة». علماً بأن مصادر أمنية لبنانية أكدت أن «المنفذ الذي سلكه المطلوبون في الآونة الأخيرة يقع في حيّ الطوارئ». فيما تحدثت مصادر أمنية فلسطينية عن أن بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية «تعلم من أين يخرجون وتغضّ الطرف عنهم».
ضغوط عدة تخبر عن صبر أهالي عين الحلوة، وسط تساؤلات عن ماهية المصلحة والفائدة من تفجير غضبهم. ليست إجراءات الجيش فحسب هي التي تجبر البعض على الدخول والخروج سيراً على الأقدام تجنباً للوقوف في طابور تفتيش السيارات الطويل، لكن الاختبار الأكبر الذي ينتظر المخيمات يأتي من تفريغ عمل الأونروا بعد إعلان الولايات المتحدة الأميركية وقف تمويل برامجها. مصدر محلي في الوكالة أكد لـ«الأخبار» أن الأموال الأميركية التي تتلقاها الوكالة عند مطلع كل عام لم تصل بعد. ويبقى الاختبار اللاحق، نشر الجنود على أبراج المراقبة التي ارتفعت على طول الجدار الإسمنتي الذي سيّج المخيم بمحاذاة أوتوستراد الجنوب. ورشة الإنشاء انتهت، لكن المراقبة من علوّ لم تبدأ بعد.