التحضير لـ«الحرب الكبرى» مع العدو الإسرائيلي، عبر تجميع قوى محور المقاومة، انطلق. هذا ما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في مقابلته مع قناة الميادين أمس. لا يجزم السيّد بأنّ الحرب ستُشنّ. ولكن، «هناك شيء يُحضّر للمنطقة. (الرئيس دونالد) ترامب حين يذهب في اتجاه ضرب مسار التسوية والمفاوضات في الصميم، يعني إما الاستسلام وإما المواجهة الكبرى».والشعب الفلسطيني، كما يعرفه نصرالله، «لن يستسلم. أصبح لديّ يقين، لا يوجد فلسطيني يوقّع على تسوية القدس ليست فيها عاصمة لفلسطين. ورغم كلّ الحراك في المنطقة، من دون توقيع الفلسطيني لا تنتهي القضية». والمقاومة «لن تتردد في اغتنام أي فرصة لتقديم الدعم والسلاح للمقاومة في فلسطين، وهذا الدعم واجب وليس رد فعل». إعلان ترامب القدس عاصمة لكيان الاحتلال، الموضوع الذي «يستفز مشاعر كلّ الأمة»، أدّى خلال الأسبوعين الماضيين إلى عقد لقاءات مع كلّ فصائل المقاومة «من أجل لمّ الشمل وإعادة التواصل.

وقد التقيت حسب الترتيب الزمني: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الشعبية للقيادة العامة، حركة فتح الانتفاضة، منظمة الصاعقة، حركة النضال الوطني الشعبي، حركة حماس، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الجهاد الإسلامي، وحركة فتح وفدها كان برئاسة عضو اللجنة المركزية عزام الأحمد».

السعودية كانت تُناقش
في كيفية إيصال السلاح إلى
لبنان واندلاع الحرب الأهلية
الجميع اعتبر أنّ هناك «استهدافاً لجوهر القضية. ثبّتنا مبدأ التنسيق في مختلف الساحات من أجل دعم الانتفاضة داخل فلسطين، عبر الحضور المباشر، ومواكبتها من الخارج عبر كلّ اشكال المساندة المطلوبة، إن كان بالمواقف، أو الدعم الإعلامي والسياسي والمالي. وإيران تعتز بأنها تقوم بواجبها عبر تقديم الدعم المادي». أوضح نصرالله أنّه «لا نتحدث عن قتال وحرب، ولكن انتفاضة شعبية، يجب أن تنطلق وتتواصل، وعن تضامن عربي معها». ورداً على سؤال عمّا إذا كانت حركة فتح موافقة على هذا التوجه، أجاب نصرالله بأنّ «فتح موافقة وقالت إنّها أساسية في انطلاق الانتفاضة. وكلّ الفصائل تُسلّم بدور حركة فتح»، كاشفاً عن أنّ الاتصال مع «فتح لم يكن مقطوعاً يوماً». حتى مع حركة حماس، «العلاقة لم تنقطع. يُمكن القول إنّ دفئها تراجع، وكنا مختلفين حول بعض القضايا، ولكن اليوم الأمور أحسن وإلى مزيد من تطويرها».
كرّر نصرالله أكثر من مرّة أنّ «مشروعنا ليس الحرب، ولكن ترامب ونتنياهو قد يدفعان المنطقة إليها، وقد تحصل كحرب على غزة، أو لبنان، أو سوريا، الهدف منها ضرب محور المقاومة». إذا حصلت الحرب المقبلة، وكانت مثلاً تستهدف لبنان، «سيكون هناك الآلاف يُشاركون فيها. السيد عبد الملك الحوثي أعلن استعداده ليكون جزءاً منها. وقد وصلت رسائل مباشرة من السيد الحوثي، أنهم جاهزون إذا وقعت الحرب لأن نُرسل قوات بعشرات الآلاف من المقاتلين حتى لو لم تتوقف الحرب السعودية الأميركية علينا». النواة التي تُحضر وتعمل لاحتمال الحرب، تتألف من فصائل المقاومة في إيران، العراق، سوريا، لبنان، واليمن. المسؤولية التي تقع على هذا المحور هي «التحضير حتى لا نُفاجأ بالحرب، والعمل على تحويل التهديد إلى فرصة تاريخية يعني ما هو أبعد من الجليل. فإذا حصلت حرب كبرى، كلّ شيء وارد»، لافتاً إلى أنّ الهدف حينذاك سيكون تحرير القدس، لا الجليل وحسب. وكما احتمال الحرب وارد، هناك «يقين بالانتصار». فالمعركة الكبرى، يوجد فيها «الآلاف من المقاتلين المستعدين لخوضها من دون حساب، وهم عُشّاق الشهادة». وقال نصرالله إنّ من «ألحق هزيمة بداعش، قادر على إلحاق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي، الخارج من مجموعة هزائم، وميزته الوحيدة في سلاح الجو الذي لا يحسم معركة». أما عن عدم الردّ على استهداف الإسرائيلي لأهداف حزب الله في سوريا، «فيخدم التحضير للحرب الكبرى. علماً أنّ الإسرائيليين يعرفون أنّهم لم ولن يتمكنوا من منع وصول السلاح إلى حزب الله».
انطلقت الحلقة على «الميادين»، بحديث نصرالله عن التظاهرات في إيران، وتأكيده أنّ «الأمور انتهت، وما جرى تمّ استيعابه بشكل جيد». قارن بين الأحداث في الأيام الأخيرة، وما حصل غداة الانتخابات عام 2009، «اليوم كلّ تيارات النظام موحدة. بدأت القصة بخلفية مالية، ودخل على الخطّ جهات سياسية متربصة: كجماعة الشاه السابق رضا بهلوي، مجاهدي خلق، ومجموعات أخرى... استغلّت الأمور وأخذتها باتجاه سياسي، وطرحت شعارات سياسية. النظام والمسؤولون تعاطوا بهدوء». ما أعطى ضخامة «هي أعمال الشغب، والتدخل الخارجي إن كان من ترامب ونائبه، أو نتنياهو، والسعودية التي اعتبرتها معركتها وعلّقت آمالاً كبيرة على ما يحصل». الكلّ في إيران «يعترف بالتحدي الاقتصادي ويتفهم الاحتجاجات. سيُشكل هذا حافزاً للمسؤولين والمؤسسات لتُعالج الموضوع بجدية». أما إن كانت الاحتجاجات ستؤثر في دعم المقاومة في فلسطين أو لبنان أو سوريا، فنفى نصرالله ذلك لأنّ «النسبة الأكبر بين الإيرانيين تؤيد السياسة الخارجية. قضية فلسطين، والمقاومة، جزء من عقيدة الشعب ومن التزامه الديني الثوري، وجزء من أمنه القومي. وشُرح للشعب، أنه إذا لم نُساعد في سوريا والعراق واللبنانيين ليقاتلوا التكفير، المعركة ستكون على حدود إيران وداخلها».
في الملفّ اللبناني، كشف نصرالله عن مسعى يقوم به حزب الله لحل أزمة مرسوم ضباط «دورة عون» بين الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، من دون أن يُعبّر عن إيجابية في إيجاد حلّ. ثمّ تحدّث عن تفاصيل إضافية في ما خصّ أزمة رئيس الحكومة سعد الحريري. وفق المعلومات، إنّ السعودية كانت تُحضّر لأن «تُقبل الاستقالة، يبقى الحريري نهائياً في السعودية، ونصل إلى تسمية رئيس حكومة جديد. إذا سُمي شخص من خارج تيار المستقبل، سيتم تحريض الأخير وإنزاله إلى الشارع وأخذ لبنان إلى الفوضى. وإذا رُشّح أحد من تيار المستقبل، سيُمنع من قبول التسمية. يؤدي ذلك إلى فراغ، ودفع الأمور إلى التصعيد والفوضى والحرب الأهلية. وحصل نقاش بطريقة إيصال السلاح إلى لبنان». أما في ما خصّ الانتخابات النيابية، «فما يُحكى عن تحالف خماسي، يعزل أطراف أخرى، غير مطروح ولا أساس له من الصحة. الأصل هو التحالف مع حلفائنا. من خارج التحالفات الطبيعية، في مناطق ما، الموضوع قابل للنقاش». وقال نصرالله إنّه «لم نُناقش بعد في الأسماء».
من لبنان إلى سوريا، تحدّث نصرالله عن وجود للمقاومة السورية في الجنوب السوري، وستعمل إما بعنوان «الدفاع، أو اذا أخذت سوريا قراراً بالمقاومة الشعبية لتحرير الجولان. هذا خيار تخشاه إسرائيل». نصرالله الذي التقى الأسد «قبل أسابيع»، قال إنّ الحرب في سوريا «في مراحلها الأخيرة، تنتهي بحدود سنة أو سنتين، إذا بقي مسار الأمور كما هو حالياً». وشرح نصرالله ما قاله أمام كوادر في حزب الله، أنّ العامل الأول للانتصار هو «شخص بشار الأسد، والفريق معه، والجيش السوري، والحاضنة الشعبية. الباقي كانوا عوامل مساعدة». وقال إنّ وجود حزب الله في سوريا «قرار يرتبط بالقيادة السورية، لا نفرض نفسنا ولا نبحث عن شيء. قد يُصبح وجودنا كما كان قبل عام 2011».
في ما خص العدوان على اليمن، أسف نصرالله لأنّ «الحرب ستستمر، ولا يوجد أفق للحل السياسي، بسبب السعودية. هناك مجازر يومية تُرتكب والعالم كلّه ساكت. اليمنيون يطالبون بحكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع وتعيد توحيد الجيش».
على صعيد آخر، ذكّر نصرالله بأنّه بعد أحداث 11 أيلول، وصلته رسالة من نائب رئيس الولايات المتحدة السابق ديك تشيني، يعرض فيها على حزب الله «إعادة كلّ الأسرى، ورفع الفيتو عن وجودنا في الحكومة، وشطب الحزب عن لوائح الإرهاب، وإزالة القيود، وتقديم مبلغ ملياري دولار لإعادة الإعمار، والاحتفاظ بسلاحنا، من دون الكاتيوشا. ويمكننا أن لا نعترف بإسرائيل، ونخطب ضدّها. ولكن المطلوب، عدم إطلاق نار في مواجهة إسرائيل، عدم تقديم أي مساعدة للفلسطينيين، والتعاون في موضوع القاعدة». حزب الله رفض أي تعاون مع الأميركيين، «وآخر محاولة من قبلهم كانت بعد انتخاب ترامب، ولكن قبل تسلّمه الرئاسة». أما الأوروبيون، «فحصل لقاء بين مسؤول أمني أوروبي ومسؤولين من الجناح العسكري في حزب الله، طلبوا تعاوناً معلوماتياً معنا في مجال مكافحة الإرهاب، ولا مانع لدينا».
(الأخبار)