بعد موافقة مجلس الوزراء على التنقيب عن الغاز والنفط في اثنين من بلوكات الثروة النفطية العشرة في مياه المنطقة الاقتصادية الخالصة على الشاطئ اللبناني، دخل لبنان رسمياً، نادي الدول النفطية والمنتجة للبترول.
وقد أجاز ذلك لوزير الطاقة سيزار أبي خليل التوقيع على عقدين مع «كونسورسيوم» أو تحالف من 3 شركات عالمية هي: «توتال» الفرنسية، «إيني» الإيطالية و«نوفاتيك» الروسية، لمباشرة عمليات الحفر بداية عام 2019، بعد رفعه تقريراً إلى الحكومة يشرح المفاوضات التي خيضت مع ممثلي الشركات الثلاث حول الجوانب التقنية والمالية. وحدّد العقدان الحصة المبدئية للدولة اللبنانية من إنتاج الغاز والنفط بعد التنقيب في البلوك الجنوبي (9) وفي البلوك الشمالي (4).
وفيما صّنف التقرير «سرّياً» حرصاً على عدم كشف تفاصيل تضر بدورة التراخيص لاحقاً، تولّت هيئة إدارة قطاع البترول أمس شرح بعض ما يُمكن الإفصاح عنه. وكشفت في ورشة عمل أقامتها في فندق «كراون بلازا» نتائج التراخيص الأولى في المياه اللبنانية والمراحل المقبلة في القطاع، والمسار الذي تمّ اتباعه تمهيداً للتوصل إلى الرخصتين. وفي ما يلي، تنشر «الأخبار» بعض المعلومات التي عرضتها «الهيئة» وأخرى حصلت عليها من التقرير الذي تقدّم به أبي خليل إلى الحكومة.

اختلف التقويم
التجاري بين الرقعتين
4 و9 بناءً على سيناريوات مفترضة



بحسب «الهيئة»، أتت هذه الخطوة بهدف توطيد ثقة الرأي العام بالقيّمين على إدارة القطاع، وأكد الوزير قبل العرض سعيه إلى «إرساء نمط جديد للتعامل بين الدولة اللبنانية المتمثلة بالسلطة التنفيذية وسلطة الإعلام، على أن يكون النمط جديداً وشفافاً». ثم عرض الوزير ملف النفط بأوراقه ومراحله كلها أمام الصحافيين الذين شاركوا في ورشة العمل، تحت عنوان «الشفافية» التي تبدأ «عبر الهيكلية التي أرساها القانون من أجل حوكمة إدارة القطاع البترولي وأنشطته». وتتألف الهيكلية من ثلاث طبقات حوكمة: «الأولى تتمثل بهيئة إدارة قطاع البترول، والثانية هي وزير الطاقة، أما الطبقة الثالثة فهي مجلس الوزراء».
وقدّم رئيس الهيئة وليد نصر شرحاً تفصيلياً عن دورة التراخيص الأولى منذ انطلاقتها مع إقرار المرسومين، مروراً بعملية التسويق للدورة وتسلّم عرض على الرقعتين 4 و9، وصولاً الى موافقة مجلس الوزراء على منح رخصتين بتروليتين حصريتين في الرقعتين 4 و9. وعرض المعايير والشروط التي أهّلت ائتلاف الشركات لدورة التراخيص الأولى، موضحاً تفاصيل العرض التجاري الذي أخذ حيّزاً كبيراً من النقاشات في الأوساط السياسية والاقتصادية وتعرّض لكثير من الشكوك بشأن حصة الدولة من الإنتاج النفطي. وهذه الحصة، كما قال، تمّ احتسابها في كل رقعة بناءً على «سيناريوات تشمل ثلاثة أحجام للاكتشافات وثلاثة أسعار»، وتقدّمت الوزارة والهيئة بأرقام حصة الدولة كاملة (تشمل الإتاوة وحصة الدولة من بترول الربح والضرائب)، تتراوح بين 65% و70.5% من الرقعة 4 وبين 54.9% و63% من الرقعة 9. وعرض نبذة عن حجم أصول كل من الشركات وحجم أعمالها في العالم، وذلك نفياً لـ«بعض الشائعات» التي طاولت إحدى الشركات بأنها تواجه قضايا احتيال وفساد في أكثر من دولة في العالم.
هدفا دورة التراخيص، حدّدتهما الهيئة بـ«التوصل إلى اكتشافات تجارية في المياه البحرية، والمحافظة على حقوق لبنان في موارده الطبيعية على امتداد مياهه البحرية». وأشارت إلى أن الاتفاقيتين اللتين تمّ توقيعهما، تنصّان على أن «تقديم خطة الاستكشاف في كل رقعة، وتحضير قاعدة الخدمات البريّة واستحصال الرخص البيئية اللازمة واستكمال أعمال التصميم للبئرين، ستتم خلال عام 2018». أما «تأمين معدات التنقيب وحفر بئر في الرقعة 4، ثم حفر بئر أخرى في الرقعة 4 وحفر بئر في الرقعة 9، فسيتم خلال عام 2019، مع الإشارة الى إمكانية مشاركة الدولة تجارياً مع ائتلاف الشركات مستقبلاً عبر شركة وطنية أو غيرها من الوسائل».
وبحسب معلومات «الأخبار»، التزم مقدّم الطلب بموجب العرض التقني في الرقعة 4 بحفر بئر استكشافية واحدة في كل من مرحلتي الاستكشاف الأولى والثانية. يصل عمق البئر في مرحلة الاستكشاف الأولى إلى 4400 متر، وإلى 4200 متر من سطح البحر في مرحلة الاستكشاف الثانية، من دون إجراء أي مسوحات زلزالية إضافية. كما تم اقتراح حفر بئر احتياطية إضافية في مرحلة الاستكشاف الأولى، شرط ألا تكون البئر الاستكشافية الأولى جافة.
أما العرض التجاري فشمل 4 عناصر للمزايدة في الرقعة 4:
ــ الحصّة الدنيا للدولة من بترول الربح لا تقلّ عن 30 في المئة
ــ الحصة القصوى للدولة من بترول الربح لا تقلّ عن الحصّة الدنيا للدولة. وهي 55 في المئة (بحسب التقرير)
ــ سقف استرداد بترول الكلفة على ألّا يتخطّى 65 في المئة (في التقرير 60 في المئة)
ــ عامل الوصول إلى الحصة القصوى للدولة لا يقلّ عن 1 (في التقرير 2,5)
أما الرقعة 9 فقد حدّدت كالآتي:
ــ الحصّة الدنيا للدولة من بترول الربح لا تقلّ عن 30 في المئة
ــ الحصة القصوى للدولة من بترول الربح لا تقلّ عن الحصّة الدنيا للدولة وهي 40 في المئة (بحسب التقرير)
ــ سقف استرداد بترول الكلفة لا يتخطّى 65 في المئة (في التقرير 65 في المئة)
ــ عامل الوصول إلى الحصة القصوى للدولة لا يقلّ عن 1 (في التقرير 3 )
وقد تمّ تقويم العرض التجاري بناء على السيناريوات المفترضة، التي رسمت بدورها بناءً على ثلاثة حقول نموذجية وثلاثة احتمالات لأسعار.
وهذه السيناريوات بحسب التقرير «تم تحديدها بناءً على ثلاثة حقول نموذجية وثلاثة احتمالات لأسعار النفط». وهي على الشكل الآتي:
ــ 2 تريليون قدم مكعب من الغاز و14 مليون برميل من النفط
ــ 5 تريليونات قدم مكعب من الغاز و35 مليون برميل من النفط
ــ 10 تريليونات قدم مكعب من الغاز و70 مليون برميل من النفط
فيما حدّدت احتمالات سعر النفط، بالاستناد إلى توقّعات «برنت» الطويلة الأمد، وهي :
النفط (50 دولاراً سعر منخفض، 65 دولاراً سعر متوسّط، 80 دولاراً سعر مرتفع)
الغاز (4 دولارات سعر منخفض، 5.5 دولارات سعر متوسّط، 7 دولارات سعر مرتفع)
وكانت الهيئة في التقرير الذي رفعه أبي خليل إلى الحكومة، قد قدّمت توصية أشارت فيها إلى أنه «بنتيجة التقويم الشامل على الرقعتين، يتبيّن أن العرضين المقدمين جيدان من الناحية التنقية، حيث يؤمنان برامج استكشافية واعدة لأماكن محتملة قد تحتوي على مواد هيدروكاربونية في الرقعتين». أما من الناحية التجارية «فيؤمن العرضان المقدمان نسبة حصّة إجمالية للدولة اللبنانية تفوق في الرقعة 4 وتلامس في الرقعة 9 النسبة الوسطية لحصة مئة دولة أخرى شبيهة بلبنان من حيث مياهها البحرية العميقة وطبيعة مواردها الغازية».