هذا الموقف لاقاه الأمين العام للتيار الأزرق في منتصف الطريق، عندما دعا من سمّاهم «المصطادين في الماء العكر إلى أن لا يدخلوا بين البصلة وقشرتها»، موضحاً أن العلاقة بين الحريري وفتفت «متجذرة قبل عام 2005، وأن الذين آمنوا بخط رفيق الحريري وعملوا معه برغم كل المضايقات، وناضلوا معنا، مزروعون في القلب».
غير أن هذا الكلام في الشكل وأمام جمهور فتفت من أجل احتواء الخلاف وتأجيل انفجاره، لا يعكس حقيقة ما يجري في الغرف المغلقة وخلف الكواليس بين الطرفين، خصوصاً أن الحريري أرسل إشارة حملت أكثر من معنى لافت، بقوله إنه «لا تهمنا المناصب ولا المراكز، ولا نائب أو وزير بالناقص أو بالزائد، بل تهمنا حماية لبنان واستقراره»، وهي أول إشارة من هذا النوع يرسلها الحريري ويعلن فيها «زهد» تياره بالمقاعد النيابية والوزارية.
كمية الزفت التي جلبها الصمد في عام واحد تزيد على ما جلبه النائبان منذ عام 2009
غير أن عفّة النفس لدى الحريري هذه لم تأتِ من فراغ، إذ يدرك التيار الأزرق أن أحد مقعدي الضنية النيابيين سيخسرهما نتيجة القانون الانتخابي الجديد، وأن الأزمة داخل تيار المستقبل في الضنية أكبر من أن تحتويها كلمات عاطفية، لأن الخلاف بين جناحي فتفت والحريري داخل منسقية التيار الأزرق في المنطقة يكاد يعطل دورها، ولأن تراجع شعبية تيار المستقبل في الضنية بسبب تقاعس نائبي المنطقة، فتفت وقاسم عبد العزيز، عن القيام بواجبهما، يدفع الحريري إلى سدّ النقص عوضاً عنهما. وهو لهذه الغاية بات يخصص في كل زيارة له للضنية وقتاً للقيام بواجبات التعزية، التي تأخذ وقتاً يزيد على نصف وقت جولته.
وكما في زيارته السابقة، لم يحمل الحريري معه إلى الضنية أي مشروع إنمائي أو خدماتي، وهو لمس وضع تياره الصعب فيها من خلال الحشد الشعبي الضعيف الذي كان في استقباله، وبعدما وصلت إلى أسماعه تعليقات من كوادر التيار ومناصريه في المنطقة على أداء النائبين. ولفته بعضهم إلى أن كمية الزفت التي جلبها النائب السابق جهاد الصمد للمنطقة هذه السنة، تزيد على ما جلبه النائبان فتفت وعبد العزيز منذ عام 2009.