تُحيط مخاوف كثيرة بملف النفط والغاز، رغم أنه لا يزال «ثروة تحت الماء». لكن تجارب القطاعات غير المشجّعة في لبنان، تؤكّد أن هذا القطاع يحتاج إلى «حماية» تمنع استباحته، وتشكّل سداً منيعاً أمام عمليات المحاصصة والفساد التي باتت عُرفاً في إدارة ثروات هذا البلد.
يتخذ عدد من نواب البرلمان من قطاعي الاتصالات والكهرباء نموذجاً فاضحاً للهدر والسرقة، للتعبير عن قلق من استغلال الثروة النفطية لمصلحة مجموعات وأفراد، يمكن أن تؤدي إلى خسارة عائداتها. لذا من الضروري، برأيهم، سن التشريعات التي تنظم استخراجها ونقلها وتسويقها واستغلالها بصورة مثلى، لتوظيف العائد منها في خلق نوع من التنمية المستدامة وبناء اقتصاد البلد، وذلك لا يتمّ إلا من خلال «توفير الحماية التشريعية والقانونية بكافة وسائلها المعتمدة». بناءً عليه، بدأت اللجان النيابية المشتركة أمس أولى جلساتها، وعلى جدول أعمالها أربعة اقتراحات قوانين تتمحور كلها حول ملف النفط والغاز. وقد أتت هذه الجلسة استكمالاً لما سبق أن أقرّ في مجلس النواب، أي «قانون الموارد البترولية في المياه البحرية للتنقيب عن النفط»، ثم «قانون الأحكام الضريبية المتعلقة بالأنشطة البترولية».

النقاش تخلله اعتراض
السنيورة على بيع الناس
أحلاماً وأوهاماً
وهذه الاقتراحات تتعلق بـ«إنشاء الصندوق السيادي، إنشاء مديرية عامة للأصول البترولية، الموارد البترولية وشركة البترول الوطنية».
وعلى رغم أهمية الاقتراحات، لم تحقق جلسة أمس أي تقدم، لأسباب عدة؛ أهمها «غياب الوزراء المعنيين عنها»، حيث «اشترط عدد من النواب حضورهم للردّ على بعض الأسئلة، لكنهم لم يستطيعوا ذلك نظراً إلى إنشغالهم بجلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في بعبدا»، لذا «بقي النقاش عاماً من دون التطرق إلى التفاصيل التقنية». غير أن أهمية البدء بعقد جلسات كهذه، بحسب النواب، «تكمن في أنها تعطي رسالة إيجابية لكل المهتمين بهذا القطاع بأنه محمي، وأن الدولة اللبنانية تتعاطى معه بشفافية».
النقاش لم يتخلله أي اعتراض أو ملاحظة، باستثناء ما قاله الرئيس فؤاد السنيورة بأن «هذه المشاريع هي من واجب الحكومة». واعتبر أن «تشريع القوانين في المجلس أمر مبكر، لأنه لا يُمكن أن نبيع الناس أحلاماً وأوهاماً، ونحن لم نحدد بعد حجم هذه الثروة». وقد أجابه النواب الحاضرون بأن من «حق المجلس أن يشرّع في حال تلكؤ مجلس الوزراء، وخصوصاً أنه تعطّل منذ حوالى شهر عن العمل بسبب استقالة الرئيس سعد الحريري والأزمة السياسية». غير أن الهدوء الذي ساد الجلسة، لا يعني بحسب النواب «غياب الإشكالية حول تفاصيل كثيرة»، وخصوصاً أن «ما يقال خارج أسوار المجلس يؤكّد أن ثمّة من يريد أن يُخضع هذا القطاع للبازار السياسي، وتحديداً في ما يتعلق بالصندوق السيادي والمديرية حيث يتم التعاطي معهما كمراكز خاضعة للمحاصصة». وحددت المصادر الإشكالية بأنها ترتبط «بالجهة التي سوف تديرهما، والطريقة التي ستحكم إدارتهما».
واستغربت المصادر أن يتمّ التعاطي مع هذا الملف بهذا الأسلوب، لأنه «يناقض كل ما عملت عليه لجنة الأشغال والطاقة، عبر الندوات التي عقدتها في البرلمان لدراسة نماذج دولية في إدارة هذا القطاع، وتحديداً النموذج النرويجي، الذي يكفل الابتعاد عن المصالح الشخصيّة في خطط الدولة الاستثماريّة»، علماً بأن «الاقتراحات الأربعة التي قدمها النواب: ياسين جابر وعلي عسيران وميشال موسى كلها مستوحاة من التجربة النرويجية»، بحسب المصادر.
وكان النائب وليد جنبلاط، قد نبّه أول من أمس إلى ضرورة إقرار المشاريع الخاصة بقطاع النفط والغاز، معتبراً أن «مشاريع القوانين المقترحة في غاية الأهمية للحفاظ على الثروة الوطنية، مقابل جشع الشركات أو الوسطاء». وقد سبقه إلى ذلك النائب سامي الجميل الذي أبدى تخوفاً من «الاستعجال في الأسابيع المقبلة لاستكمال صفقات النفط والغاز»، الأمر الذي وضعه وزير العدل سليم جريصاتي» برسم النيابة العامة التمييزية يستدعي التحقيق فيه للوقوف على مدى صحته أو عدم صحته».