بعد غياب طويل عن الاهتمام بأخبار لبنان، أفردت كُبريات الصحف الفرنسية صفحاتها الرئيسية لتغطية حدث استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري واحتجازه في السعودية. منذ أن انتشر الخبر، لا يكاد يمر يومٌ من دون أن يُنشر تقرير أو مقال يتناول «احتجاز» الحريري في الرياض، و«الظروف الغامضة» التي تحيط برئيس الحكومة، بحسب تعابير وردت في الصحف الفرنسية.
وقد حُجزت للقضية اللبنانية مساحات على الصفحات الأولى لـ«لو موند» و«لو فيغارو»، و«ميديا بار»، و«ليبراسيون» وغيرها. الإقامة الجبرية للحريري في الرياض أنهت استراحة الصحافيين الفرنسيين من الحدث اللبناني، «بعد أن كانت آخر مرّة خصّصنا فيها تغطية كبيرة للبنان، حين حصلت أزمة النفايات واتخذت منحى سياسياً»، بحسب ما يقول أحد الصحافيين المعتمدين في بيروت. بعيداً عن ذلك، تكاد تختفي أخبار لبنان اليومية، «ولا نهتم سوى بملفّي حزب الله واللاجئين السوريين».
لا يُمكن عزل تغطية الصحافة الفرنسية للأزمة اللبنانية عن التحولات الفرنسية في السياسة، والتي بدأت تظهر مع وصول إيمانويل ماكرون إلى الرئاسة. فبعد أعوامٍ من التبعية التامة للولايات المتحدة والسعودية، قرّرت باريس إعادة تموضعها في مكان يبدو أقل التصاقاً بالسياسة الأميركية. وترى فرنسا أن بإمكانها «استغلال» ملف احتجاز الحريري لإعلان عودتها إلى لعب دور أساسي في لبنان. يوافق الصحافي الفرنسي على ما تقدّم، ويضيف أنّ هناك عاملاً ثانياً يُبرّر اهتمام صحافة بلاده بالحدث، «وهو القصة بحدّ ذاتها: إجبار رئيس حكومة بلد على الاستقالة، من بلدٍ آخر». أما السبب الثالث، فيتعلق بوليّ العهد محمد بن سلمان الذي يعتمد أسلوباً جديداً في الحكم لم يعتده الناس. ويُضاف إلى ما سبق أنّ علاقة آل الحريري بالدولة الفرنسية، منذ أيام الرئيس رفيق الحريري، «لعبت دوراً في ارتفاع نسبة الاهتمام باستقالة سعد الحريري».
(الأخبار)