لعلّ رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أكثر المتأثرين باستقالة الرئيس سعد الحريري، والدلالات السياسيّة للخطاب الذي ألقاه عبر شاشة «العربية». ردّ فعل جنبلاط الأوّلي على خبر الاستقالة، لا يخرج عن إطار التهدئة والاستيعاب، الذي رسمه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله أمس، مع إدراك رئيس اللقاء الديموقراطي لانعكاسات تطوّرٍ من هذا النوع على الواقع اللبناني الهشّ، وعلى موقعه هو بالذات؛ فجنبلاط، الذي لم يكسب من التسوية الرئاسيّة قبل نحو عام، ودفع ثمناً في قانون الانتخاب الجديد، ضمن لنفسه، من خلال التسوية واستقرار الوضع اللبناني، الحدّ الأدنى الكافي لاستمراره في خياره الوسطي، كلّما ابتعدت حدّة الصراع الإقليمي عن لبنان.
وعليه، فإن عودة الانقسام الحاد إلى الداخل اللبناني، تضع جنبلاط في خانة الخيارات القاسية، وصعوبة الانحياز لمحورٍ ضدّ آخر، مع أن محور حزب الله وحلفائه أثبت أنه يراعي وسطيّة جنبلاط أكثر ممّا يمكن أن تتقبّله القيادة السعودية الجديدة.
حتى ليل أمس، كان شحّ المعلومات لا يزال يسود غالبية القوى السياسيّة، لا سيّما في كليمنصو التي استضاف فيها جنبلاط اجتماعاً لفريق عمله، خرج بعده الجميع بأجواء عامّة، عن ضرورة إشاعة أجواء التهدئة، بانتظار المزيد من المعلومات. ولم يكن قد اتضح بعد إن كان المطلوب من خطوة الحريري الإعلان عن عودة الاصطفافات السياسيّة والانقسام العمودي اللبناني، أو أن الاستقالة جاءت على خلفية الأحداث الداخلية السعودية واعتقالات الأمراء والوزراء بتهم الفساد.
وأكّد أكثر من مصدر كان على تواصل مع جنبلاط، خلال اليومين الماضيين، أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي قلق للغاية من انعكاس التطوّرات السعودية على لبنان، وعلى دوره السياسي أيضاً، في ظلّ العلاقة الجيّدة التي تربطه بالمملكة وبالحريري. وأكّدت المصادر أن جنبلاط صُدم بخبر الاستقالة، خصوصاً أن الحريري في اجتماع كليمنصو الشهير، الذي ضمّه إليه والرئيس نبيه برّي قبل نحو شهر، كان واضحاً لجهة تأكيده على الحفاظ على التهدئة ورفض الاستقالة بأي شكلٍ من الأشكال، مطمئناً بري وجنبلاط إلى أن السعودية لا تريد هزّ الاستقرار. وكذلك الأمر بالنسبة إلى التطمينات التي كان الحريري قد وضع جنبلاط في أجوائها، بعد عودته من السعودية الأسبوع الماضي، خلافاً للمعلومات التي كان وزير الدولة السعودي لشوؤن الخليج ثامر السبهان يزوّد الوزير وائل أبو فاعور بها، عن نيّة السعودية التصعيد ضد حزب الله في لبنان. وعلى الرغم من أن جنبلاط كان قد تلقّى دعوة في السابق لزيارة السعودية، وربطها بزيارة الحريري أوّلاً، إلاّ أن أكثر من مصدر استبعد أن يقوم جنبلاط بزيارة السعودية في ظلّ المستجدات الأخيرة.