فيما يبدو أن قطار الانتخابات النيابية وضع على سكة الانطلاق، بعيد إقرار مجلس الوزراء للهيئة المشرفة على الانتخابات، وبالتزامن مع التأكيدات اليومية بأن انتخابات ستجرى في موعدها، لا يزال العديد من المرشحين والنواب، يرفضون الدخول في سجالات انتخابية أو إعلامية، ويفضلون التريث إلى بداية العام الجديد لإطلاق ماكيناتهم الانتخابية.غير أن محافظة الشمال دائماً ما تكون سباقة في فتح باب الاستحقاقات الانتخابية. عشرات الصور العملاقة بدأت تجتاح الطرقات وسطوح الأبنية وشرفاتها، بالإضافة إلى المحال التجارية ولوحات الإعلانات، حتى يخيل للداخل إلى طرابلس بأن الانتخابات تجري اليوم!

كل مرشح يحرص على تأمين أماكن لصوره، و«الأشطر» من يرفع صورة أكبر في المكان الأفضل، قبل الطحشة الكبرى. لذلك، باتت كل الأمكنة مباحة، بدءاً من جسور المشاة، وصولاً إلى إغلاق شبابيك الشقق، كما في البداوي، حيث ترحب بزائرها، عند مدخلها، صورتان عملاقتان متجاورتان، الأولى للوزير السابق فيصل كرامي، والثانية للوزير السابق أشرف ريفي ذيلت بعبارة: «هيدا أشرف ريفي عدّوا للعشرة».

يتبارى المرشحون في تكبير الصور، و«الأشطر» من يرفع صورة أكبر


وبحسب المناصرين والمحازبين، فإن كلفة كل صورة من صور المرشحين تراوح بين 250 و700 دولار، «هدية للمناصر» مقابل تعليقها، فيما الطباعة على حساب المرشح، وما على المستفيد إلا أن يذيلها باسمه الشخصي فقط.
في الطريق نحو المنية، يبدو أنصار النائب كاظم الخير والمرشح كمال الخير الأنشط في رفع الصور. ويحرص الفريقان على التنافس في عرض صورهما وأحجامها واختيار العبارات الطنانة. لكن اللافت في المنية، غياب صور الرئيس سعد الحريري، على عكس انتخابات 2005 و2009، إذ إنها اليوم لا تتخطى عدد أصابع اليد الواحدة. كذلك تغيب صور الرئيس ميقاتي عن الساحة المنياوية غياباً شبه كلي، باستثناء صورة وحيدة يرفعها أحد مناصريه منذ سنوات عديدة، فيما يتقدم اللواء ريفي على الاثنين، بفارق لا يتعدى عشر صور.
الحماوة الانتخابية إعلامياً بدأت تنعكس سخونة على الأرض. ففي المنية، أطلق مجهول النار، قبل أسابيع، على إحدى صور كمال الخير، الذي دعا مناصريه إلى الهدوء. أما «الحرب الأعنف»، التي تمتد فصولها من طرابلس إلى المنية والضنية وعكار، فتدور رحاها بين أنصار الرئيس الحريري ومناصري ريفي، وآخر صورها كان أمس في إشكال سرعان ما عولج، عندما اعترض شبان محسوبون على ريفي على رفع صورة للرئيس الحريري مهددين بتمزيقها، ما يعطي مؤشراً على الحماوة التي ستشهدها الانتخابات المقبلة.