لا تزال تداعيات قرار المجلس الدستوري إبطال قانون الضرائب، المُعدّ لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، تطغى على النقاش السياسي والحكومي في البلاد وتنعكس شللاً على جسم الموظّفين في القطاع العام. وفيما تعقد الحكومة جلسة ثانية صباح اليوم، مخصّصة لنقاش قرار المجلس الدستوري والسلسلة وآليات الخروج من هذا المأزق، وضع الرئيس نبيه برّي الرئاستين الأولى والثالثة ومعظم القوى السياسية أمام الأمر الواقع، بعد بيان وزارة المال أمس، وتأكيدها أن الوزير علي حسن خليل سيصدر قرار رواتب الموظّفين بداية الشهر على أساس سلسلة الرّتب والرواتب الجديدة.
وقال خليل لـ«الأخبار» إنه «لم يعد بإمكان أحد التراجع عن السلسلة، إنّما يجب أن يتركّز العمل الآن على إعادة إقرار الضرائب بعد أخذ ملاحظات المجلس الدستوري على القرار، وهو ما عملت عليه الوزارة، وما سنقدمه غداً (اليوم) في جلسة مجلس الوزراء».
وكان خليل قد عقد اجتماعاً طويلاً في الوزارة، أمس، مع المختصّين لإعداد جداول الرواتب على أساس السلسلة الجديدة، وكذلك لتعديل القرار الذي أبطله المجلس الدستوري وتعديل المادة 11 المتعلّقة بالاملاك البحرية والمادة 17 المتعلّقة بالضرائب على المصارف، وتقديمه كاقتراح قانون إلى الحكومة، لرفعه إلى المجلس النيابي. ولا يزال النقاش يدور حول ما إذا كان قانون الضرائب منفصلاً أو تابعاً لمشروع الموازنة. إذ يرى قانونيون بارزون أنه ليس من حقّ المجلس الدستوري التدخّل بعمل المجلس النيابي عبر محاولة ربط تشريع الضرائب بمشروع الموازنة، وهو ما أصرّ عليه برّي أمس في تصريح له، مؤكّداً أن «من يحق له تشريع النفقات، يحق له دائماً تشريع الواردات والضرائب داخل الموازنة أو خارجها»، مضيفاً أنه «لا ننسى أن المجلس النيابي هو الذي يسن القيود دستورياً وليس من يُسَن عليه القيود، إلا إذا اصبحت مخالفة الدستور قضية فيها نظر، فحكم المجلس الدستوري لم تأت به الملائكة». ودعا بري الحكومة إلى أن «تنفذ ما رددته مراراً وتكراراً لتطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب».
غير أن إشارة المجلس الدستوري إلى قطع الحساب تفتح الباب على الأسئلة عن السبب لعدم انتهاء هذا الملفّ، وخصوصاً أن وزارة المال أنجزت قطع الحساب لكل السنوات السابقة لعام 2015 وتعمل على إنجاز قطع الحساب لعام 2016. ويمكن التساؤل عمّا إذا كانت مسألة قطع الحساب ترتبط بعمل وزارة المال التقني، أو بالأسباب السياسية، التي تؤجّل هذا الملف إلى وقت لاحق، حرصاً على العلاقة بين الرئيسين ميشال عون والرئيس سعد الحريري، لما على فريق الحريري والرئيس فؤاد السنيورة من مسؤوليات يجب تحمّلها في أموال مفقودة أو غير مسجّلة خلال السنوات السابقة. ولا يبدو أن برّي وخليل في وارد القبول باقتراح الوزير سليم جريصاتي بتعليق العمل بالمادة 87 من الدستور حتى يتمّ إقرار الموازنة من دون الانتهاء من قطع الحساب، من دون إغلاق الباب أمام حلول أخرى لا تستوجب تعليق العمل بالمادة الدستورية المذكورة. ولم يتّضح بعد المسار الذي ستتخذه جلسة اليوم، إلّا أن المؤكّد هو أن أحداً من الوزراء لن يستطيع الوقوف بوجه السلسلة وقرار وزارة المال بشكل علني ورفض إعطاء اللبنانيين حقوقاً ينتظرونها منذ عام 1996، بل ستجرى محاولات للبحث عن مخارج.
(الأخبار)