يشهد المقعد الأرثوذكسي في دائرة بيروت الثانية «عجقة» غير مسبوقة، سببها الرئيسي فسحة الأمل التي وفّرها القانون النسبي لمرشحين لم يملكوا فرصة ولو صغيرة للفوز سابقاً. ففعلياً، يحتفل عضو كتلة تيار المستقبل النائب عاطف مجدلاني بعامه السابع عشر على هذا المقعد الذي تمكن من الفوز به وتجديد نيابته عليه بفضل الصوت السنّي المرجّح في هذه الدائرة، من دون أن يعني ذلك أن مجدلاني لم يقم بدوره النيابي، أكان تشريعياً من خلال لجنة الصحة أم شعبياً من خلال عمله كطبيب ووجوده في بيروت.
وما القانون النسبي اليوم والصوت التفضيلي بشكل خاص سوى امتحان جدّي لمجدلاني الذي يفترض أن يكون قد بنى خلال 17 عاماً حصناً متيناً له في دائرة غرّد فيها منفرداً، إذ لم يحاول التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية أو الكتائب الدخول جدياً الى هذه المنطقة، لا في الحرب ولا في السلم، باعتبارها «الغربية». لذلك، حديث التيار والقوات عن ترشيحهما لحزبي لن يؤثر في مجدلاني فعلياً.
تسود اليوم شائعات عدة حول رغبة تيار المستقبل في استبدال مجدلاني بمرشح آخر، خصوصاً أن التيار يواجه معركة مصيرية على ستة مقاعد سنيّة، ولا قدرة له فعلياً على تجيير صوت واحد لمرشحه الأرثوذكسي. «الأخبار» حاولت الاتصال عدة مرات بمجدلاني لسؤاله عن صحة الأمر، من دون أن تتمكن من الوصول اليه. وفي هذا السياق، يدور الحديث عن ترشيح رئيس الحكومة سعد الحريري لرجل الأعمال، رئيس نقابة أصحاب مصانع الرخام والغرانيت ومصبوبات الإسمنت في لبنان، نزيه نجم، بديلاً من الطبيب البيروتي. فنجم قادر على تمويل حملته بنفسه، وهو ما سيفيد الحريري الذي يعاني ضائقة مالية كبيرة. وسبق لنجم، في عهد الرئيس رفيق الحريري، أن تسلّم مشروع تأهيل السراي الحكومي.

يدور الحديث عن استبدال المستقبل مجدلاني برجل
الأعمال نزيه نجم


من جهة أخرى، ينشط اليوم مستقبليّ ثان هو عضو في منسّقية بيروت في تيار المستقبل المحامي ميشال فلاح. وقد بدأ منذ مدة ينظّم ندوات وحفلات عشاء لفاعليات بيروتية وإعلاميين. وفلاح كان عونياً ملتزماً قبل أن يترك التيار عقب وثيقة التفاهم مع حزب الله وينضم الى نادي تيار المستقبل، من دون أن يبرز اسمه سوى منذ شهرين حين قرر تقديم نفسه اجتماعياً من خلال المآدب التي يقيمها، والتي غالباً ما يسبقه اليها محافظ بيروت الأرثوذكسي زياد شبيب.
بعيداً عن النوادي الحزبية، مرشح لم يحسم قراره بعد، هو الإعلامي هشام حداد. ويقول الأخير لـ«الأخبار» إن «حسم ترشيحي رهن ظروف المعركة، وفيما اذا كانت حظوظ فوزي جدية ومرتفعة، وهو ما تحدده التحالفات المنويّ إنشاؤها». وينطلق حداد في ترشيحه من أنه ابن الدائرة (المصيطبة مسقط رأس والده، ووالدته من المزرعة). وهو قد عاش فيها 30 عاماً تسلم فيها عدة مسؤوليات، أبرزها منصب مسؤول الماكينة الانتخابية للتيار الوطني الحر في انتخابات بلدية 2004 التي حقق فيها التيار رقماً عالياً نسبة الى ما كان وما زال يعتبر المنطقة «الغربية». ويشير الى أنه نسج من خلال عمله على الأرض وعمله الاعلامي اليوم علاقات متينة بأبرز مفاتيح الدائرة. ووفقاً لحداد الذي فُصِل من التيار الوطني الحر منذ نحو عام، فإنه «مرشح من خارج ما يخطط له فريق ما يسمى المعارضة العونية، ولديه خطته للترشح مع قوى أخرى لاحزبية وأقرب الى المجتمع المدني». وإذا وجد أن هذا «المجتمع» منقسم على نفسه، فسيفضّل التنحّي.
في موازاة حداد، مرشح آخر عن المقعد الأرثوذكسي، وهو المسؤول السابق للتعبئة في التيار الوطني الحر لواء شكور الذي أقيل من التيار منذ نحو ثماني سنوات. يؤكد شكور لـ«الأخبار» أنه «مرشح، ولكن لم أحسم موقفي بعد وأين سأكون، سواء في لائحة المعارضة العونية أو في لائحة أخرى»، علماً بأنه حتى الساعة ما زالت المعارضة العونية التي لا تحظى بأيّ وجود في دائرة بيروت الثانية تأمل أن تلقى دعماً من حزب الله وحركة أمل هناك، وهو ما يمكن اعتباره أمراً شبه مستحيل.
بعد تعديل الدوائر، باتت دائرة بيروت الثانية تضم مناطق رأس بيروت، المريسة، ميناء الحصن، زقاق البلاط، المزرعة، المصيطبة، المرفأ والباشورة. وبلغ عدد المقاعد 11 مقعداً: 6 سنّة، 2 شيعة، 1 أرثوذكس، 1 درزي وإنجيلي واحد. يبلغ عدد الناخبين الأرثوذكس نحو 18 ألف ناخب من أصل نحو 350 ألفاً في الدائرة. وعام 2009، لم تتجاوز نسبة الاقتراع بين الناخبين الأرثوذكس عتبة الـ24 في المئة.