لم يعد اهتزاز «تفاهم معراب» خافياً، وكل المؤشرات العونية والقواتية توحي بأن الحزبين يتجهان، في الانتخابات النيابية المقبلة، إلى تشكيل لوائح منفصلة. مرشحو المتن الشمالي، من الطرفين، باتوا شبه متيقنين بأنهم سيخوضون الانتخابات متنافسين، مهما حاول عرّابا التفاهم، النائب إبراهيم كنعان ووزير الإعلام ملحم رياشي، رأب الصدع. وتظهر، حتى الساعة، بوادر أربع لوائح في هذا القضاء الذي يمثله اليوم خمسة نواب من التيار الوطني الحر ونائب لكل من الطاشناق والكتائب، إضافة إلى النائب ميشال المر.
العونيون ينتظرون أيلول

تتألف اللائحة الأولى من مرشحي التيار الذي رست انتخاباته الداخلية في هذه الدائرة على 4 مرشحين موارنة (إبراهيم كنعان، نبيل نقولا، طانيوس حبيقة وإبراهيم الملاح، على التوالي وفق نتائج المرحلتين الأوليين من الانتخابات الحزبية) وأرثوذكسي وكاثوليكي. وينتظر أن تحسم المرحلة الأخيرة من هذه الانتخابات في أيلول المقبل مصير هؤلاء. وتوضح مصادر التيار أن أي تحالف مستقبلي مع الحزب القومي أو غيره سيعني استبعاد الحلقة الأضعف، أي المرشح الرابع ثم الثالث. علماً أن المصادر العونية تشدد على التحالفات الكاملة، لا «على القطعة»، خصوصاً في ما يتعلق بالحزب القومي الذي يتوقف التحالف معه في المتن الشمالي على التحالف في دائرة الشمال.

تسعى القوات
إلى ضمّ مستقلين، فيما يعمل المستقلون على لائحة منفردة



في انتظار ذلك، يبقى كنعان ونقولا من «الثوابت»، على ما تشير مصادر مقربة من رئيس التيار. فالأول يتصدر كافة الاستطلاعات، وهو ما يُعزى إلى حركته السياسية النشطة، سواء في لجنة المال والموازنة النيابية، أو على خط الجمع بين القوات والتيار، رغم وجود خصومات قد تؤثر عليه سلباً في ما يتعلق بالأصوات التفضيلية. فيما لا يزال نقولا يحتل المرتبة الثانية، رغم وقوفه ضد هيئة التيار في بلدته خلال الانتخابات البلدية، وما تردد عن غضب قيادة التيار منه. ويُعزى ذلك إلى قربه من الناخبين المتنيين، خصوصاً الطبقة العاملة والمزارعين.
على المقلب الأرثوذكسي، يتصدّر وزير التربية السابق الياس بو صعب غالبية الاستطلاعات الحزبية والانتخابية. وهو تمكن، وفقاً لاستطلاع أجراه التيار في المرحلة الثانية من انتخاباته الحزبية، من اقتحام فئة الـ«لا أحد» الأصعب استمالتها، وحصد نحو 86% من أصوات هؤلاء، ما يُعدّ خرقاً استثنائياً. وتكمن نقطة قوته في انفتاحه على مختلف الأحزاب ورصيده الكبير لدى الجمهور القومي الملتزم وغير الملتزم. إلى جانب بو صعب، لم يحسم التيار ولا النائب غسان مخيبر أمرهما بعد، سواء عبر انضمام الأخير إلى لائحة التيار أو إلى لائحة أخرى. مخيبر أكد لـ«الأخبار» أنه لا يزال عضواً في تكتل التغيير والإصلاح، «ولم يجرِ حتى الساعة أي نقاش انتخابي مع التيار، في انتظار جلاء نتائج الاستطلاع في أيلول المقبل». ولكن، في كل الأحوال، «أنا مرشح، سواء كحليف للتيار، أو على لائحة أخرى. والأفضلية لحلفي مع التيار، ولن أبحث عن تحالفات أخرى إلا عند افتراقنا ودراسة الأنسب لكلينا». أما كاثوليكياً، فبات شبه محسوم أن مرشح التيار عن هذا المقعد سيكون الناشط إدي معلوف. وعلى المقلب الأرمني، تؤكد مصادر الطاشناق أن حلفها مع التيار ثابت، وسيكون للحزب مرشح على اللائحة العونية.

القوات والمستقلون؟

افتراق القوات والتيار انتخابياً، سيحتم على القوات تشكيل لائحتها الخاصة. مرشح القوات عن المقعد الماروني إدي أبي اللمع ينفي حسم أمر التحالف أو الافتراق، ويؤكد لـ«الأخبار» أنه «مرشح القوات الوحيد في هذا القضاء»، ما يعني استبعاد ترشيح رياشي عن المقعد الكاثوليكي، رغم حلوله في المركز الأول كاثوليكياً في مختلف الاستطلاعات. مصادر مقربة من الوزير تنفي حسم أمر عدم ترشيحه. ولكن من المنطقي، هنا، أن تتبنى القوات مرشحاً حزبياً واحداً لصبّ كل الأصوات التفضيلية لمصلحته بسبب شدة المنافسة المارونية. ويشير أبي اللمع إلى أن القوات «لا تزال تدرس وضع تحالفاتها ولديها خيارات عدة أحدها التحالف مع مستقلين». والمستقلون هنا، على ما تؤكد المصادر، هم رئيس حركة «المستقلون» رازي الحاج، المرشح عن المقعد الماروني وصاحب الرصيد الخدماتي، والكتائبي السابق ميشال مكتف عن المقعد الكاثوليكي، رغم أن المقربين منه ينفون فرضية ترشحه مع القوات.

الفخ الكتائبي

اللائحة الكتائبية في المتن يرأسها النائب سامي الجميّل الذي يفترض أن يعيد نسج تحالف انتخابي مع النائب ميشال المر كما في 2009، وفقاً لمصادر الطرفين. مصادر المر تؤكد أن مصلحة الأخير في عدم التحالف مع التيار إلى جانب بو صعب، إذ سينعكس وجودهما في اللائحة نفسها سلباً على «أبو الياس»، خصوصاً أن التيار لن يكون ضامناً الفوز بمقعدين أرثوذكسيين في القانون النسبي. فيما، من جهة أخرى، هناك من يرى أن ترشح المر إلى جانب الجميل سيعوّم الأخير الذي سيستفيد من أصوات الأول لرفع رصيد لائحته التي ترجّح الدراسات حتى الآن أنها لن تتجاوز الحاصل الانتخابي الواحد. وبالتالي سيخسر المر مقعده لعدم قدرته على منافسة سامي الجميّل في الأصوات التفضيلية. علماً أن المرشح عن المقعد الماروني الذي سبق أن ترشح على لائحة الجميّل في الانتخابات السابق سركيس سركيس، لم يحسم أمره حتى الساعة. ومن المفترض أن يشكل إضافة على اللائحة طبقاً للأرقام العالية التي ينالها في الاستطلاعات. إلا أن المقربين منه يؤكدون تريثه وعدم رغبته في لعب دور الشماعة لإيصال غيره على حسابه المالي والانتخابي. ولا يستبعد هؤلاء فرضية ترشحه مع القوات هذه المرة.

«القوة الثالثة»

في خضم الانقسام السياسي الحادّ الذي يخيم على الصورة الانتخابية، هناك من المستقلين من يتحدث عن «اللائحة الثالثة» أو «القوة الثالثة التي لا تتلقى تمويلاً سعودياً أو إيرانياً، بل تعتمد على جهدها الشخصي». ويتقدّم هؤلاء مكتف والحاج، رغم قربهما السياسي من القوات، وحديث معراب عن رغبتها في ضمهما إلى لائحتها. كذلك يعتزم حزب «سبعة» الدخول في لائحة مستقلة بعيداً عن العائلات السياسية والأحزاب وورثتها. ويقول أحد مرشحي الحزب عن المقعد الأرثوذكسي جورج رحباني، لـ «الأخبار» إن الحزب «منفتح على الجميع، باستثناء الموجودين في السلطة حالياً والممددين لأنفسهم». وأكد أنه سيكون هناك مرشحون غيره من الحزب الذي يتطلّع «إلى لائحة مستقلة من ثمانية أشخاص قوامها المجتمع الأهلي المتني وكل الذين يدورون في فلكه».