تدير "القوات اللبنانية" صراعاً للإمساك بمستشفى خربة قنافار الحكومي في البقاع الغربي، فتشنّ حرباً شعواء على مديره الدكتور ريمون مسعد. انجرّت وزارة الصحة وراء طلب محازبي القوات في البقاع الغربي، وطالبت المدير بالاستقالة قبل حضور نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني إلى المستشفى يوم الجمعة الفائت، حيث صرّح الوزير بأن «هناك رؤوساً بدها تتكسّر»، في إشارة منه الى المدير الذي أقفل مكتبه وغادره قبل وصول الوزير. استكملت الحملة بحضور مسؤول القوات في البقاع الغربي ومرشحها إلى الانتخابات النيابية ايلي لحود الى المستشفى.
وبحسب موظفين رفضوا الإفصاح عن كامل هوياتهم تحسّباً من قصاص الوزارة، فإن لحود حضر يوم السبت الفائت الى المستشفى و«حقّق» معهم في انتماءاتهم السياسية.
في المعلومات المتداولة أن موظفين تابعين لحزب القوات اللبنانية نظّموا تقارير بحق المدير مسعد من شقّين: مخالفة إدارية ومخالفة طبية؛ في الأولى يتهمونه بتوظيف زوجته وشقيقتها في المستشفى. وفي الثانية أنه يصنع معدات طبية حساسة في منزله. لم تنتظر الوزارة إتمام التحقيق معه، واكتفت بالاستناد إلى الشكوى لـ«معاقبته».
في اتصال مع مسعد، أكد أنه تلقّى ثلاثة اتصالات تحثّه على مغادرة المستشفى لأن الوزير لا يرغب في وجوده خلال زيارته. ولفت إلى أنه أن قبل هذه الاتصالات، وردته «نصائح» بالاستقالة. قال: «كنت أجهّز للوزير باقة ورد واستقالتي، إلا أنهم ألحّوا عليّ للمغادرة حتى لا يقع مشكل. فقررت المغادرة، ومن الطبيعي أن أقفل مكتبي». وعن الشكاوى بحقه، قال مسعد: «للأسف أن الوزارة اعتبرت الشكوى حكماً مبرماً. استندت إلى تقرير قدمه أحد الموظفين المخالفين. أطالب بأن يسير التحقيق حتى النهاية، وأتحمّل كامل المسؤولية». وماذا يفعل بمعدات طبية في منزله؟ يجيب مسعد: «هذا افتراء عار من الصحة كلياً». وبخصوص الخطأ الإداري بتوظيف زوجته، لفت إلى أنه سأل أحد مستشاري الوزارة القانونيين، «وأكد لي أن لا مانع من توظيفها طالما لديها كافة الشروط القانونية، وفي حال وافقت لجنة المستشفى». وعبّر عن أسفه لأن الوزارة «لم تنظر في التقارير التي رفعتُها وسجلتُها في الوزارة، وتتضمن معلومات عن مخالفات موظفين لم يتم التحقيق فيها مطلقاً».
من جهته، أكد المستشار الإعلامي لوزير الصحة، جورج العاقوري، أن «الوزارة اتصلت بالمدير وطلبت منه أن لا يكون في المستشفى وأنه غير مرغوب فيه. وبناءً على شكاوى عليه لأخطاء إدارية وطبية، طلبنا منه أن لا يكون.. لكن هو فكّر أن المستشفى ملك أبوه». ورداً على سؤال عن تقارير مسعد بحق موظفين، نفى العاقوري أن تكون الوزارة قد تلقّت أيّ شكوى أو تقارير من المدير «على أيامنا». وتابع قائلاً: «المشكلة أن المدير يضع الـ«بروتيز» في منزله، وهذا مخالف للقانون، لأن منزله لا يستوفي الشروط الصحية والتعقيم وغيره، وهذا يسمح بإحالته على الجهات المختصة للتحقيق والتأكد من ذلك».
أما عن تعرض بعض الموظفين للتحقيق معهم من قبل مسؤول القوات إيلي لحود، فطلب العاقوري وضع الأدلة القانونية من قبل الموظفين، من صور وتسجيلات صوتية للحود، حينها تتخذ الوزارة إجراءاتها القانونية.
واتصلت «الأخبار» بمسؤول القوات اللبنانية في البقاع الغربي، إيلي لحود، فنفى أن يكون قد تحدث الى مدير المستشفى مسعد، أو أن يكون أبلغه أن الوزير لا يريد رؤيته، مضيفاً: «القصة أنني مسؤول القوات، وأن الوزارة محسوبة علينا». وعن اتهام بعض الموظفين أنه حضر الى المستشفى وحقق معهم بشأن انتماءاتهم السياسية، أكد أنه حضر الى المستشفى ليقلّ إحدى الموظفات الى منزلها، «ولم أحقق مع أحد، وما دخلني بالمستشفى، وكل ما جرى لا شأن لي به».
يفسّر متابعون أن الإشكالية في المستشفى سياسية أكثر منها إدارية. وبحسب مصدر مقرّب من النائب روبير غانم، فإن ما جرى أشبه بـ«لغم» نصبه لحود لمدير المستشفى، بهدف استيلاء القوات على الإدارة بغية فتح باب التوظيف فيها. كذلك يرى سياسيون في البقاع الغربي أن ما جرى يستهدف الوزير السابق وائل أبو فاعور الذي عُيّن مسعد في عهده، علماً بأن أبو فاعور أقام مأدبة غداء لحاصباني بعد ساعات قليلة على إطلاق الأخير تصريح «تكسير الرؤوس».