:في خطابه أمس، ذهب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى أبعد ما يمكن في دعمه لانتخاب العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، أولاً عبر "تسمية" الرئيس سعد الحريري لرئاسة أولى حكومات "الرئيس عون"، رغم أن ذلك «تنازل كبير جدّاً»، و«مخاطرة». وثانياً عبر إبداء الاستعداد لرفع نواب «كتلة الوفاء للمقاومة» أوراقاً تحمل اسم عون وإسقاطها في صندوق الاقتراع أمام الكاميرات، في ردٍّ على حملات التحريض التي يسوقها حزب القوات اللبنانية ضد حزب الله والتشكيك في دعمه لعون.مصادر سياسية رفيعة أكّدت لـ"الأخبار" أنه بعد ترشيح الحريري لعون رسمياً الخميس الماضي وخطاب السيد نصرالله أمس، "فإن الموضوع الرئاسي انتهى وصار في حكم المنجز". ولفتت الى أن حملة التحريض على الترشيح اعتمدت في الأيام القليلة الماضية على ثلاث أوراق ثبت ضعفها:
مصادر "الوطني الحر": نحن مع عدم استثناء أحد من التفاهم الرئاسي

الأولى، الإيحاء بوجود رفض شعبي سني لخيار عون. إلا أن التحرك الهزيل لوزير العدل المستقيل أشرف ريفي في طرابلس السبت الماضي وعدم تردد أصدائه في أي منطقة أخرى أسقط هذه الورقة.
الثانية، الاعتماد على المواقف الخارجية عبر تضخيم التصريح الملتبس لوزير الخارجية الأميركي جون كيري الأسبوع الماضي وإشاعة أجواء عن قرب "استدعاء" الحريري الى الرياض لإبلاغه عدم الموافقة على مبادرته. والرد على ذلك جاء في البيان التوضيحي الذي أصدرته الخارجية الأميركية، وفي اتصالات تلقّتها جهات في التيار الوطني الحر من دولة خليجية تؤكد عدم الموافقة على حراك الرئيس فؤاد السنيورة لدى بعض السفراء وتحريضه على المبادرة الرئاسية الحريرية. كما علمت "الأخبار" أن موفداً سعودياً سيزور بيروت قريباً جداً في إطار إعطاء "المباركة" للمبادرة، "وبالتأكيد لن ترسل الرياض موفداً ليعطي رأياً مناقضاً للحريري".
الثالثة، الإيحاء بوجود معركة رئاسية عبر تضخيم أعداد المعترضين على انتخاب عون، وخصوصاً في كتلة المستقبل النيابية. وفي هذا السياق، نقلت مصادر عن السنيورة قوله لمقربين منه: "كنا متكلين على عدد أكبر من المعترضين، إلا أن العدد نقص الى خمسة... وإن شاء الله يبقى ثلاثة معترضين"!
في المقابل، تشير مصادر مستقبلية بارزة من المتحمّسين لانتخاب عون، إلى أن الحريري توجّه إلى الرياض في زيارة تتعلّق حصراً بالأزمة المالية والإدارية لشركاته. وقالت إن «الكلام عن ارتفاع حجم الاعتراض داخل تيار المستقبل ليس دقيقاً»، وأن «المعارضة لا تزال محصورة بأربعة أو خمسة نواب أعلنوا موقفهم بصراحة». وأكدت أن «باقي أعضاء الكتلة سيصوّتون للعماد عون». كما لمّحت المصادر إلى إمكان أن يزور لبنان في الأيام المقبلة موفدون خليجيون وغربيون لتأييد تسوية الحريري ــ عون.
وشددت المصادر على أن «الموقف السعودي من ترشيح العماد عون ليس سلبياً»، وأن «الرئيس الحريري ما كان ليقدم على إعلان دعمه لولا وجود غطاء سعودي». وبعد طول حديث عن أن الاستحقاق لبناني بامتياز، تشير المصادر ــ للمرّة الأولى ــ إلى أن هناك «توافقاً سعودياً ــ إيرانياً ــ روسياً ــ أميركياً على انتخاب عون». ولفتت المصادر إلى أن «تصريح كيري لم يكن سلبياً كما فسره البعض، بل هو مجرد تعبير عن قلق من أن لا يؤدي هذا الدعم إلى إنهاء الشغور».
من جهة أخرى، قالت مصادر سياسة إن كل الأطراف "بدأت فعلياً بمراجعة حساباتها". وأوضحت في هذا السياق أن لحزب الكتائب حسابات انتخابية "سيأخذها في الاعتبار في صياغة موقفه النهائي"، متسائلة: "كم يتبقى من كتلة الكتائب النيابية بعد التفاهم بين التيار الوطني الحر والمستقبل؟". كما لفتت الى أن النائب وليد جنبلاط حسم موقفه" لجهة التصويت للعماد عون في جلسة 31 الجاري، رغم أنه لم يعلنه بعد مراعاة للرئيس نبيه بري".
ولم يخرج الاجتماع الذي عقده النائب جنبلاط لكتلة اللقاء الديموقراطي في المختارة أول من أمس بأي موقف. لكنّ مصادر شاركت في الجلسة أكّدت لـ«الأخبار» أن الاجتماع لم يكن مخصصاً لإصدار موقف، وإنما للتشاور وتقويم التطوّرات الرئاسية الأخيرة، على أن يصدر موقف اللقاء قبل نهاية هذا الأسبوع. ورجحت أن يقترع أعضاء اللقاء لمرشّحهم النائب هنري حلو في الدورة الأولى، من دون أن يتخذ قرار حاسم بشأن توزيع الأصوات في الدورة الثانية، علماً بأن مصادر سياسية من انتماءات مختلفة ترجّح أن يقسم جنبلاط أصواته بين حزبيين يصوّتون لعون، وغير حزبيين "لهم حرية التصويت كيفما يريدون". وقال أحد نوّاب اللقاء الديموقراطي، وهو على يمين خيارات 14 آذار السياسية، لـ"الأخبار" إن «مواقف السيد نصرالله أمس تطمئن اللبنانيين والقوى السياسية أكثر بكثير من خطاب العونيين»، مشيراً إلى أن «نصرالله بدا واضحاً أمس من أن البلاد لا يمكن أن تُحكم باتفاقات ثنائية، لكنّ الظاهر أن التيار الوطني الحرّ مستمر بهذه العقلية».
وفي سياق المساعي التي يبذلها حزب الله على خط عين التينة، نوّهت مصادر في التيار الوطني الحر بتأكيد السيد نصرالله، في خطابه أمس، أن "أحداً لا يفكر بثنائيات طائفية أو حزبية". وأكدت لـ"الأخبار" أن التيار يؤيد دعوة نصرالله الى معالجة القلق الذي يساور البعض في هذا الشأن، "ونحن مع طمأنة الجميع وعدم استثناء أحد من التفاهم الرئاسي، ولم نخض معركة الشراكة والميثاقية لنضع شركاءنا خارجاً". وبدأ حزب الله سلسلة اتصالات مع بري وعون والوزير سليمان فرنجية وباقي الحلفاء لتذليل العقبات والوصول إلى مواقف مشتركة بشأن الملف الرئاسي وما بعدها، أو الأقل من أجل الاتفاق على إدارة الاختلاف بشأن الاستحقاق، فيما يعود الحريري إلى بيروت اليوم. كذلك تستعد العاصمة اللبنانية لاستقبال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف غداً الثلاثاء، في زيارة استطلاعية.
(الأخبار)