فرضت "ظاهرة" وزير العدل المستقيل أشرف ريفي إيقاعها على حركة تيار المستقبل في البقاع، الخزان الشعبي الثاني للتيار الأزرق بعد الشمال، في وقت تتهيأ منسقيات القرى والبلدات البقاعية لمؤتمرات مناطقية لاختيار ممثليها الى المؤتمر العام. الإرباك مردّه إعلان "اللواء المتمرد" نيته خوض الانتخابات النيابية في كل مناطق انتشار التيار في لبنان، و"الصدى الايجابي" الذي يجده خطابه في أوساط "المتشددين المستقبليين" وبين أنصار الحركات السلفية.
يوشك ريفي على الانتهاء من درس أسماء المرشحين عن البقاع الغربي وراشيا
"الوجه الايجابي" لهذا الارباك تمثّل في تصاعد الحراك المستقبلي عبر إعادة التواصل مع كل مناصر وصديق ومعترض. وزيارة الأمين العام للتيار أحمد الحريري الى البقاع، نهاية الأسبوع الماضي، جاءت في هذا السياق. فهي، بحسب مصادر مستقبلية، جرت بعدما طلب الحريري تقريراً مفصّلاً عن مناصري ريفي في البقاعين الغربي والأوسط وعرسال، ولقطع الطريق على الوزير المستقيل الذي حاول استثمار قضيتي موقوفي خلية سعدنايل ومفتي راشيا السابق الشيخ بسام الطراس. وقد طمأن الحريري في ما يتعلق بالقضية الأولى بأن التيار يعمل مع القوى الامنية والقضائية للافراج عن غير المتورطين. أما في ما يتعلق بتوقيف الطراس، فدعا رجال الدين وفعاليات البقاع الى وقف اثارة القضية، "لأنه قد يكون متورطاً".
وتشير المصادر الى أن "التيار الريفي" تمكّن من التمدد بقاعاً عبر عدد من المفاتيح العائلية والفعاليات السياسية والاجتماعية التي همّشها "المستقبل" في السابق، ما يضع التيار الازرق، في حال إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، أمام خيارين: تجاوز مواقف بعض صقوره كالنائب جمال الجراح والتحالف مع رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد، صاحب الثقل الشعبي والخدماتي في المنطقة، بما يكرس المصالحة التي جرت بينه وبين الرئيس سعد الحريري؛ أو مواجهة خسارة الانتخابات المقبلة أمام مراد وقوى 8 آذار. إذ إن ريفي سيغرف من "صحن" المستقبل لا من "صحن" خصومه، وسيستثمر خطابه في بيئة "الحريريين المعترضين على سياسة الرئيس الحريري". وهذا الاستثمار بدأ يطل برأسه في البقاعين من خلال "حج" بعض المفاتيح الانتخابية والعائلية الى دارة وزير العدل في عاصمة الشمال، والترويج لخطابه المتشدد في أوساط "متشددي" المستقبل والجماعات الاسلامية والسلفية. إذ يعوّل هؤلاء على ريفي وريثاً سياسياً لمشروع الحريري الاب، "بعدما ضلّ الابن طريق والده" على حد تعبير أحد الفعاليات المحسوبة على وزير العدل.
المصادر نفسها تشير الى أن القيادة المركزية تدرك أن مواجهة ريفي ستفرض عليها خيارات لم تكن في حساباتها، رغم محاولات النائب الجراح التقليل من تأثير ريفي لقطع الطريق على التحالف مع مراد، وبالتالي ضمان بقائه في مقعده النيابي. إذ يُنقل عن الجراح قوله أمام قادة التيار في بيت الوسط إن "الجمهور الذي يعوّل عليه ريفي هو جمهورنا وبالتالي لن يخذلنا". وهنا، بحسب المصادر، بيت القصيد. إذ إن "جمهورنا هو ما يعوّل عليه ريفي لا جمهور خصومنا، ما يعني انه في كل الحالات سيقاسمنا هذا الجمهور، ما قد يؤدي الى خسارتنا من دون أن يربح هو بالضرورة"، مشيرة الى أن الفوز المستقبلي في البقاع الغربي في الانتخابات السابقة كان بفارق لا يتعدّى الـ 1500 صوت "عندما كان الزخم المالي في أوجه". وهذا ما يؤكده أيضاً قادة في "حزب الاتحاد" الذي يرأسه مراد، إذ تشير الى أن "ريفي أحدث انتفاضة داخل تيار المستقبل، ولا تأثير له بين جمهورنا، ومن سيلحق به هم من المحسوبين على الحريري".
مصدر بقاعي مقرب من ريفي أكّد لـ "الأخبار" أن الأخير ماضٍ في تنفيذ ما أعلن عنه، و"عملية درس أسماء المرشحين عن المقعدين السنيين في قضاءي البقاع الغربي وراشيا توشك على الإنتهاء". وأوضحت أن "هناك أسماء في البقاع الاوسط يجري العمل على تذليل العقبات أمامها". ولفت المصدر الى أن "الخيارات مفتوحة أمام ريفي للتحالف مع القوى والتيارات الاسلامية".
أوساط "المستقبل" في البقاع الغربي تتحدث عن خيارات عدة لمواجهة ريفي، لكن شرطها الأساس استمرار الحراك الحالي وعدم تأجيل المؤتمر العام للتيار كما أوحى بعض القادة المركزيين، "بل على العكس، المطلوب عقد المؤتمر سريعاً ووضع خطة عمل لحماية التيار من النهش الذي يتعرض له".