لم يخرج موقف الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله في خطابه، أمس، عن موقف حزب الله الاعتيادي، من مسألة الرئاسة في لبنان. نصر الله، الذي استبق الحديث الرئاسي بطمأنة اللبنانيين إلى أن استقرار لبنان في المرحلة الحالية مضمون إلى حدٍّ ما، وموجّهاً رسائل إلى من يعنيهم الأمر «سواء كانوا لبنانيين أو مهجّرين أو لاجئين» بأن «الاستقرار هو خطٌّ أحمر»، أعاد وضع الكرة الرئاسية في حضن الرئيس سعد الحريري، مشجّعاً إياه على إعلان ترشيح النائب ميشال عون، وداعياً حلفاءه في حركة أمل والتيار الوطني الحر وتيار المردة إلى إجراء تفاهمات سياسية. وثمّن تحوّل الحريري نحو ترشيح عون، معتبراً أن «لبنان دخل مساراً سياسياً إيجابياً»، معترفاً «لمن يملك هذا التحول بالشجاعة».
فرنجية طرح أمام برّي استمراره بترشّحه، وسمع تشجيعاً، وأبو فاعور لم يحظَ بأجوبة حاسمة من الحميدان

وكرّر نصر الله موقف الحزب الدائم منذ سنتين، حول دعم عون واعتباره المرشّح الوحيد للحزب، لكنّه بشكلٍ أو بآخر دعا التيار الوطني الحرّ لـ«العودة إلى الحكومة، مقابل الالتزام بالميثاقية والشراكة، والعمل بجدية لفتح أبواب مجلس النواب على المستوى التشريعي، لأن هناك ملفات صحية وبيئية واجتماعية ومالية»، مذكّراً بأن «هناك ناساً يعملون للاستفادة من التطورات الرئاسية لحصول فتنة بين حزب الله والتيار وبين الحزب وحركة أمل وبين الحزب والمردة، ولا يهتمون بوصول الرئيس». وردّ نصر الله على الداعين إلى قيام حزب الله بالضغط على النائب سليمان فرنجية لإعلان انسحابه، سائلاً عمّا إذا كان هذا الانسحاب سيسرّع في حصول الانتخابات، ما دام الحريري لم يعلن ترشيح عون بعد.
وأوضح نصر الله أن «التفاهم بين المستقبل والوطني الحر ليس صفقة، بل تفاهم على انتخاب عون كمرشح قوي للرئاسة وفلان (الحريري من دون أن يسمّيه) كمرشح قوي لرئاسة الحكومة»، لكنّه سأل عن السبب الذي يمنع إقامة تفاهمات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ومع فرنجية. وأكّد نصر الله أن «اللبنانيين خلال أسابيع، مطالبون ببذل الجهود للتفاهم والتلاقي لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع ويبدأ التحضير للانتخابات النيابية»، مشدّداً على أن الحزب لا ينتظر شيئاً من المنطقة، و«لا نريد توظيف التطورات في المنطقة في لبنان».
وكان لافتاً، إشارة نصر الله إلى أن الحديث عن أن التصعيد الكلامي ضد المملكة السعودية، يؤثّر في المسار السياسي اللبناني ويعقّد وصول عون إلى رئاسة الجمهورية، معتبراً أن تسويق هذا الكلام هو «ابتزاز».
وسبقت إطلالة نصر الله، عدة زيارات قام بها الوزير جبران باسيل وفرنجية. فمن منبر عين التينة بعد الغداء مع برّي، أكّد فرنجية أنه لا يزال مستمرّاً بترشّحه «ولو بقي نائب واحد معنا»، داعياً عون و«أي مرشح آخر للنزول إلى المجلس والاحتكام إلى التصويت (في جلسة 31 الجاري)... وصحتين على قلب اللي بيربح... فالجنرال معه رقم، ونحن معنا رقم، وكما قلت فلماذا لا ننزل ونحتكم لمجلس النواب؟». كلام رئيس المردة، يعكس ما كرّره رئيس المجلس خلال الأيام الماضية، عن أن «من يريد تطبيق الدستور، فليتوجّه إلى المجلس لإجراء الانتخابات بحسب الدستور». وعلمت «الأخبار» أن فرنجية طرح مع برّي رغبته باستمراره في ترشّحه، وسمع من رئيس المجلس تشجيعاً على هذا الموقف. وكانت مصادر عين التينة قبل خطاب الأمين العام لحزب الله، تتوقّع أن يدعو نصر الله إلى إجراء تفاهمات بين حلفائه، مشيرةً إلى أن «التيار الوطني الحرّ يُجري تفاهماً مع الحريري، وكأن التفاهم مع القوى الأخرى تحصيل حاصل، ولا يريد النزول إلى المجلس لانتخاب رئيس عملاً بالدستور، ما لم يكن عون هو المرشّح الوحيد في الجلسة». وتسأل المصادر: «إذا كان الحريري جاداً في طرحه، فلماذا لا يعلن ترشيح عون إلى الرئاسة حتى يبنى على الشيء مقتضاه»، مشيرةً إلى أن «الحريري ينتظر الموقف السعودي». وعلمت «الأخبار» أن الوزير وائل أبو فاعور، حمل إلى السعودية مجموعة من الأسئلة التي طرحها النائب وليد جنبلاط، لكنّه لم يوفّق في الحصول على أجوبة «حاسمة» من مدير الاستخبارات السعودية خالد الحميدان.
وفي ما خصّ جولة باسيل، الذي زار صباحاً رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، وبعده رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير السابق علي قانصو، ورئيس حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان، فإن باسيل قصد بحسب أكثر من مصدر «وضع القوى التي زارها في أجواء التواصل بين التيار والحريري وما وصلت إليه التفاهمات». وقالت مصادر لـ«الأخبار» إن «باسيل شرح لمن التقاهم بأن التفاهم مع الحريري شمل مسألتين: الأولى التبادل بين عون والحريري في الرئاستين الأولى والثانية، والمسألة الثانية هي الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية». وقالت المصادر إن «باسيل نفى أن يكون قد حصلت أي تفاهمات خارج هذين الطرحين، وتحديداً حول توزيع حقائب حكومية أو قانون الانتخاب أو تأجيل الانتخابات النيابية» وأكّد «عمق تحالفه مع الحزب القومي وأرسلان» وكذلك «العلاقة المميّزة مع الطاشناق». وسمع باسيل من قانصو وأرسلان نصائح بضرورة إجراء تفاهم مع الرئيس برّي.




المنطقة إلى مزيد من التصعيد... والسعودية إلى الهاوية


وصف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مشهد المنطقة حالياً بأنه «مشهد توتر وتصعيد، ولا يبدو أن هناك مسارات للتفاوض أو الحلول خلافاً لما كان عليه الأمر قبل أشهر»، لافتاً إلى «التوتر والتصعيد في سوريا واليمن، والتوتر العراقي ــــ التركي، وما يقال عن توتر مصري ــــ سعودي والتوتر الروسي ــــ الأميركي، وهو الأخطر». وقال إن سوريا كانت «قبل أسابيع، من خلال الاتفاق الأميركي ـــ الروسي، أمام فرصة لوقف القتال وإعادة إطلاق المسار السياسي، ولكن الأميركيين عطّلوا الاتفاق لأنهم اكتشفوا أن ضرب النصرة سيجعل كل الجماعات المسلحة ضعيفة».
ورأى نصر الله أن «من الواضح أن الإدارة الأميركية وأتباعها في المنطقة سيواصلون تقديم الدعم للجماعات المسلحة لمواصلة القتال». وأشار إلى «مشروع أميركي لتكديس مقاتلي داعش في الرقة ودير الزور وعلى امتداد الحدود العراقية ــــ السورية، وتقديم الدعم المالي والتسليحي للنصرة في إدلب وحلب، لأنه لم ينتهِ زمن استخدام هؤلاء في سوريا لخدمة الأهداف الإسرائيلية»، لافتاً إلى أنه «عندما أُعلن الاتفاق الأميركي ــــ والروسي كان الإسرائيليون أول المحتجّين».
وشدد على أنه «في المدى المنظور، لا يبدو أن هناك أفقاً لحلول سياسية، والساحة مفتوحة على مزيد من التصعيد والمواجهات. والمطلوب الصمود والثبات والبقاء في الميادين»، مؤكداً في الوقت نفسه «أننا جميعاً الذين ندافع عن سوريا، ندافع عن محور المقاومة ونتطلع إلى حل سياسي وليس إلى المزيد من سفك الدماء»، متهماً «أميركا والسعودية وبعض الدول الإقليمية التي تضع شروطاً تعجيزية بتعطيل الحلول. والهدف أن تسقط سوريا وتمزق من أجل الإسرائيلي لأنها كانت وما زالت وستبقى العقد الأساس في محور المقاومة».
وعلى الصعيد اليمني، اتهم نصر الله السعودية بارتكاب «عدوان سافر في وضح النهار على صالة كبيرة، وتعمّد الطيران السعودي إلحاق أكبر قدر من الخسائر». وقال إن «السعودية أخطأت عندما ظنت أنها تستطيع إنهاء الحرب في اليمن خلال اسابيع، لأن العقل المستكبر الذي استضعف اليمنيين واحتقرهم وتطلع إليهم بنظرة دونية، تصور أن اليمنيين عندما تعلن الحرب سيسارعون إلى الهروب والاستسلام والخضوع»، لافتاً إلى أن «السعودية ليس أمامها إلا أن تقبل بالحل السياسي، وأن تتحول المجزرة إلى وسيلة لإنهاء الحرب وأن تقتنع بأن لا أمل لها بالانتصار وأن من سينتصر هو الدم اليمني المظلوم». وأكد أن «القيادة السياسية الحالية تدفع بالسعودية إلى الهاوية»، متسائلاً: «أين هي مكانتها واحترامها واقتصادها؟ وإلى أين تذهبون وأنتم عاجزون عن الدفاع عن مواقعكم على الحدود أمام الحفاة اليمنيين؟».




التيار: موقف نصرالله ممتاز


أعربت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر عن ارتياحها لكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ووصفته بـ «الممتاز»، خصوصاً بتشجيعه الحريري على المضي في مبادرته، وكذلك في تأكيده ان ما يجري بين الرابية وبيت الوسط ليس صفقة. وذكّرت بـ «أننا قلنا سابقاً إننا مع عقد تفاهمات وطنية عامة مع الجميع، ونحن منفتحون على ذلك». كما أشادت بدعوة نصرالله الى عدم انتظار تطورات المنطقة لتوظيفها في لبنان.
وأعربت المصادر عن الارتياح للجولة التي قام بها رئيس التيار الوزير جبران باسيل أمس، إذ «اكتشفنا أنه كان هناك بخّ من العيار الثقيل. وأكدنا لحلفائنا أن كل ما يشاع عن صفقات غير صحيح، وأننا نحاول عقد تفاهم مع المستقبل لا نخجل به، ونطمح الى مثله مع بقية الأطراف». وقالت إن الجميع الآن في انتظار موقف الرئيس الحريري، مشيرة الى أنه في هذه الأثناء، «لن نجلس مكتوفي الأيدي، وقد بدأ التيار الاستعدادات لتظاهرة الأحد المقبل في ذكرى 13 تشرين، في مسار موازٍ للمساعي السياسية». ووصفت «النزلة» الى الشارع بأنها ستكون «لطيفة»، لكنها «تمرين أولي».