«انهضي أيتها الأمة العظيمةانهضي... انها حرب حتى الموت»
الحرب المقدسة


هكذا أرادها كمال البقاعي حربا حتى الموت حتى عندما كان وحيدا... حربا حتى الموت في المقاومة من مرجعيون الى حاصبيا الى جبل الشيخ... حربا حتى الموت في الحزب من اجل انتصار الطبقة العاملة ورسالتها في التقدم والعدالة والسلام... حربا حتى الموت ضد المرض من اجل الحياة والنضال والرفاقية والحب...
بالامس ذهب كمال في اخر رحلة له وهو الذي اعتاد الرحلات الى المجهول... الى الافق الذي لا يعلم احد ان كان سيعود منه ام لا... اليوم في هذه الرحلة الاخيرة لن تعود، لا لأنك تعبت او سهيت او نال منك أعداؤك كما كان يمكن ان يحصل في رحلاتك في جبل عامل، بل لأننا لم نتغلب بعد على الموت... فلو كان هذا ممكنا لكنت اول من لا يرحل...
لكننا لن نجزع، فالموت لم ينتصر على كمال الانسان. يقول ماركس، والذي يوما رأيت عينيك تتلألأ بالسعادة عندما علمت انه سيكون محور مدرستنا الحزبية، «الموت يبدو وكأنه الانتصار القاسي للفصيلة على الفرد ليبدو انه يناقض وحدتهم؛ ولكن الفرد ليس الا كائن ــ فصيلي وبالتالي فهو فان».
لكن ان يموت رجل مثل كمال البقاعي ويبقى الظالمون وتجار الهيكل يغرقون بثرواتهم هو امر يصعب فهمه...
في الذكرى الـ15 للتحرير نقلت ما كتبه البير كامو في ليلة تحرير باريس؛ ولا اجد اليوم افضل من تلك الاسطر في وصفك. كتب كامو «لا يأمل أحد ان الرجال الذين حاربوا بصمت لأربعة اعوام ويحاربون اليوم... يمكن أن يقبلوا بعودة قوى الاستسلام والظلم... لا يتوقع أحد ان هؤلاء الرجال ــــ وهم أفضل الأمة ــــ سيقبلون ما فعله الافضل والأنقى لمدة خمسة وعشرين عاماً بأن يحبوا وطنهم بصمت وبصمت أيضا يكرهون زعماءهم. إن باريس التي تحارب الليلة تنوي القيادة غداً، ليس من أجل السلطة بل من أجل العدالة، ليس من أجل السياسة بل من أجل الأخلاق؛ ليس لإخضاع فرنسا بل لعظمتها. إن مدينة الأضواء تعجّ بلهيب الامل والمعاناة... وفيها بريق ليس فقط التحرير وإنما حرية الغد».
هكذا كنت انت... افضل الامة... حاربت بصمت... ورفضت عودة قوى الظلم والاستغلال... واحببت وطنك وكرهت زعماءه لا بصمت وانما بصوتك الذي حاول المرض التغلب عليه... وحاربت ليس من اجل السلطة بل من اجل الاخلاق والعدالة... لكنك في النهاية رحلت...
ولكن ما بقي رجل يناضل من اجل الحرية والعدالة في اي بقعة من اصقاع العالم وفي الارض التي احببتها من الرميلة الى ابل السقي...فهذا هو العزاء والامل...
وهذا هو الامل الذي اعطيتنا اياه وهو لن يموت.