كلما تقدم الحوار بين الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري في بعض الملفات ونجحا مثلاً في رسم الملامح الأولية لقانون الانتخاب أو غيره، يستنفر الرئيس فؤاد السنيورة لقطع الطرقات بين الرجلين، سواء عبر تصعيده ضد رئيس المجلس على طاولة الحوار أو خلف الكواليس أو عبر تصعيد هجوميّ علنيّ كما حصل أمس. فقد خصّص مجلس الوزراء أمس جلسة استثنائية للاطلاع من وزير المال علي حسن خليل على حقيقة الوضع المالي. وخلال الجلسة التي استغرقت ثلاث ساعات، لم تحصل أيّ نقاشات، فقدم خليل ما لديه، مجيباً عن الاستفسارات، فيما كان واضحاً أن غالبية الوزراء لا يبالون من قريب أو بعيد بمالية الدولة المأزومة. وأخيراً تقرر استكمال البحث في "جلسة إضافية تُعقد الإثنين المقبل". لكن سرعان ما فوجئ الجميع ببيان هجوميّ لكتلة المستقبل، رأت فيه أن وزارة المال "لم تقم بأي معالجة حقيقية للأوضاع المالية، وتقاعست عن تدبير ما أمكن من المصادر المالية الصحيحة والمجدية لتعزيز واردات الخزينة".
خليل: نتحدى السنيورة ملاقاتنا أمام القضاء لنلاحقه بتهمة الفساد والرشوة
ووصفت كتلة الرئيس فؤاد السنيورة ـــ ما غيره ـــ ما يحصل بأنه "انفلات مالي في إدارة المال العام وتفشّي الفساد والرشوة والهدر المالي المتفلت من أية ضوابط حقيقية". وفي ظل استغراب القوى السياسية، تبين أن السنيورة تذرّع بما ورد في ملحق التقرير الذي عرضه وزير المال في الجلسة حول وضع الحسابات العامة وقطع الحسابات والحسابات العالقة منذ 1997 حتى 2010، إضافة إلى تصريح خليل بعد الجلسة "اننا أنجزنا ستة حسابات من أصل عشرة، والاربعة الباقية نحاول إنجازها باسرع وقت ممكن لمواكبة أي احتياج لإقرار إجراءات تتعلق بالمحاسبة والمساءلة". أما حقيقة هدف رئيس كتلة المستقبل، فلا يعدو كونه، بحسب مصادر مستقبلية وأخرى من 8 آذار، "الحرتقة" على مسار التواصل بين بري والحريري، خصوصاً أنه ليس راضياً عن أي تفاهم بين فريقه وقوى 8 آذار، وخاصة على "قانون الانتخاب". ولفتت المصادر إلى أن أداء النائب الصيداوي في هذا الصدد بدا جلياً في طاولة الحوار الأخيرة، وخاصة في ظل وضعه "فيتو مذهبي" على أي اقتراح قانون انتخاب، فضلاً عن معارضته تلبية دعوة بري إلى جلسات حوار في آب المقبل.
وسرعان ما ردّ خليل على بيان المستقبل بالقول: "لم نعرف أن دراسة مالية علمية ستخرج وزير المال السابق (رئيس الكتلة فؤاد السنيورة) عن طوره، وهو سخّر اجتماع المستقبل للدفاع عن تصرفاته غير القانونية بالمال العام". وأضاف في تغريدات عبر "تويتر" أن " وزارة المال لا تحتاج شهادة من هو في موقع الاتهام، وهي استطاعت أن تضبط ما كان متفلتاً من حسابات لن ينسى الرأي العام 11 ملياراً منها". وقال إن "وزارة المال تفخر بإنجازها الموازنة العامة في موعدها الدستوري بعكس مرحلة السنيورة، ونتحداه ملاقاتنا أمام القضاء لنلاحقه بتهمة الفساد والرشوة".
وكان خليل قد دعا في تقريره الى "إقرار سلسلة الرتب والرواتب مع الإجراءات اللازمة لتأمين إيرادات إضافية"، معتبراً أن ذلك سيترك أثراً إيجابياً على الاقتصاد والمالية العامة. إلا أنه خلص الى أن "الأزمة بنيوية لها علاقة بوجود الدولة ومؤسساتها أو عدم وجودها. ولا يستقيم بحث أي وضع مالي ومعالجته في غياب المؤسسات السياسية".
وعليه نجح السنيورة في توتير الأجواء بين الوسيط الأكثر جدية بين تيار المستقبل وحزب الله، محاولاً إطاحة ما يجتهد الحريري وبري لبنائه، علماً بأن حرص الخليل على الردّ على السنيورة لا على كتلة المستقبل كان واضحاً. كذلك علمت "الأخبار" من مصادر نافذة في تيار المستقبل أن لا نية أبداً للانجرار وراء السنيورة في افتعال أزمة مع بري، في ظل "العلاقة المميزة" بين رئيس المجلس والحريري في هذه المرحلة، ورجّحت المصادر أن يتدخل الحريري شخصياً لإنهاء التوتر عبر "لجم السنيورة".

لقاء بين إيرولت وحزب الله

على صعيد آخر، أنهى وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أمس زيارته إلى لبنان. وكان لافتاً اللقاء الذي عقده مع وفد من حزب الله اقتصر على النائب علي فياض ومسؤول العلاقات الخارجية عمار الموسوي، في قصر الصنوبر. وتم في اللقاء التباحث في مختلف القضايا السياسية. ولفتت مصادر نيابية إلى أن الحزب أراد من اللقاء مجرّد حصوله، في ظل الهجمة التي يتعرّض لها إقليمياً ودولياً، رغم أن "عديد" الوفد يؤشر إلى انه تعمّد عدم "الاحتفاء" بالزائر الفرنسي.