في اليوم العالمي للقدس، لم تحيّد قضية فلسطين نظر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن لبنان وخصوصا الارهاب، الذي ضرب منطقة القاع وأهاليها. لذلك وجه رسالة الى أهل البقاع الشمالي، يؤكد فيها عدم سماح الحزب بحصول أي عملية تهجير، فالمنطقة "بالنسبة لحزب الله، كما حركة أمل، مثل الهرمل: برموش عيوننا سنحمي أهل المنطقة في البقاع الشمالي". وحسم نصرالله الجدل حول الوجهة التي تسلل منها الانتحاريون، مشيرا الى أنه "ثبت من خلال التحقيقات حتى الآن أن الاستهداف لاهالي القاع (…) وسيجري الكشف في الأيام القليلة المقبلة عن مدبر هذه الهجمات ومن أرسل هؤلاء عامدا متعمدا. لدينا معلومات بأنهم جاؤوا من جرود عرسال لا من المخيمات، بل انهم بقوا فترة طويلة في الجرود في انتظار تنفيذ الهجمات الارهابية في رمضان". وأضاف: "البعض تساءل لماذا في القاع طالما أنهم ليسوا من بيئة حزب الله. إذا، لماذا أتى هؤلاء وفجروا في القاع البلدة المسيحية، وخاصة ان بلدية القاع تنتمي الى خط سياسي مخالف".
إيران لم تقطع مساعداتها عن فصائل فلسطينية بسبب الموقف من سوريا
وتوقف السيد عند التفجير الانتحاري الثلاثي في مطار أتاتورك في اسطنبول على يد "داعش"، كما قال رئيس الوزراء التركي، ليسأل الفريق اللبناني الذي يربط أهداف "داعش" بحزب الله: "لماذا ضرب داعش المطار في اسطنبول رغم أن تركيا تتبنى داعش سياسيا وفتحت حدودها ولا تزال لمرور المقاتلين الى سوريا، وكذلك المال من الخليج الى داعش؟". ليعقب بأن "المشكلة في عقيدة داعش التي تكفّر أيا كان والتي هي نفسها عقيدة النصرة والقاعدة والوهابية. هي ثقافة قائمة على القتل والذبح". وتوجه نصرالله الى منتقدي الحرب الاستباقية التي قام بها حزب الله في سوريا: "لولاها لكنتم قد وجدتم كل يوم عشرات السيارات الارهابية للقتل والتفجير". وأشاد نصرالله بجهود الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية والمقاومة في التحري عن هؤلاء ومواجهتهم على الحدود، الأمر الذي أدى الى منع أحداث خطرة. ودعا اللبنانيين الى "عدم السماح لأحد بالتهويل عليهم بخطورة الوضع الأمني"، وقال: "وضعنا الأمني أفضل من أي دولة أخرى، فالأمن ممسوك، وهناك سيطرة أمنية في البلد".
التطبيع مع العدو
في الشأن الفلسطيني، أعاد نصرالله التأكيد على ضرورة زوال الكيان الاسرائيلي ليعود الحق الى أصحابه. ففلسطين "من البحر الى النهر أرض مغتصبة ومسروقة من أهلها، وتقادم الزمن لا يسقط الحق". وعلق على تطبيع تركيا مع اسرائيل من دون تسميتها بالقول: "الضعف لا يسوغ التسليم بشرعية العدو والاعتراف به والتطبيع معه وإقامة علاقات تجارية وأمنية ودبلوماسية، بل وأكثر من ذلك التواطؤ على المقاومين"، مشيرا الى ان "بعض الدول العربية يصوت لمصلحة اسرائيل في لجنة الارهاب في الأمم المتحدة، وهذا يتناقض مع الدين والاخلاق. ولهؤلاء نقول: لا تعترفوا بإسرائيل ان كنتم عاجزين، واتركوا هذا الأمر لأجيال يأتون ويقومون بهذا الواجب لتحرير الأرض والمقدسات، فالطريق الوحيد للتحرير هو في الصمود والمقاومة". ولفت الى "تحول في مشروع المقاومة في لبنان وفلسطين والمنطقة عماده إيران وسوريا والشعوب الحية"، فخيار المقاومة بدأ "يصنع انتصارات في المنطقة". وفيما أضاء على مسألة تقديم العدو "كصديق وحليف، وانه صار جزءا من محاربة الارهاب"، أوضح أن "الأنظمة والعائلات الحاكمة نفسها التي عملت منذ البداية على فتح الطرق لإقامة دولة اسرائيل ليحافظوا على عروشهم، ما زالوا يحاربون من أجل أن تبقى لهم عروشهم، والتاريخ يعيد نفسه. تآمروا وحاربوا كل من هو مقاوم وقومي وعروبي بحجج مشابهة للتي يستخدمونها اليوم ما عدا الحجة الطائفية". وسأل: "أليس من الصدفة ان الذين يحيون يوم القدس في أكثر من بلد لو كشفتم عن ظهورهم لوجدتم سياط آل سعود؟". وطالب "أدوات وخدم اميركا، بأن ييأسوا من أن شعبنا سيتخلى عن فلسطين". ونفى ان يكون "الدعم الإيراني قد توقف عن فصائل فلسطينية بسبب الاحداث في سوريا"، مؤكدا أن "لا خلاف مع الفصائل الفلسطينية في دعمها ومقاومتها".
المقاومة ستنتصر
من ناحية أخرى، اتهم نصر الله الامم المتحدة بـ "الجبن" لتراجعها عن تقريرها بقتل القوات السعودية للاطفال في اليمن، ناصحا "شعوب المنطقة بالخروج من هيمنة الاعلام المضلل لان الهدف الحقيقي مما يجري هو تمزيق المنطقة وتدمير جيوشها من اجل خدمة اسرائيل". واسرائيل "خرجت من الخطر الوجودي الذي شعرت به بعد عام 2000".
وفي ما خص مؤتمر هرتسليا للدراسات السياسية والإستراتيجية الذي عُقِد في الكيان الإسرائيلي الشهر الماضي، أسف السيد لمشاركة وفود عربية، واصفا ذلك بـ"الهوان وخصوصا من ناحية مشاركة ممثل عن المعارضة السورية". وشرح أن "الاسرائيلي يشعر بالارتياح بسبب تدهور وضع المجتمعات والجيوش العربية، بل انه صار شريكا في محاربة الارهاب. ويجب التوقف امام الكلمات التي ألقيت في المؤتمر لجهة التخوف من هزيمة داعش في سوريا مقابل انتصار محور المقاومة".
وعما ورد في هذا المؤتمر من تهديدات لحزب الله بالقتل والتدمير والتشريد، قال: "إنكم تكثرون الكلام ولم تكونوا كذلك قبل عقود". ولفت الى أن لدى المقاومة "معلومات عن اسرائيل وجيشها ومواقعها العسكرية والنووية ومخازن السلاح وتركيبتها النفسية والاجتماعية ونقاط قوتها وضعفها وكيفية الحاق الهزيمة بها"، أكثر مما يظن الإسرائيليون. لكن الجديد هو "اعتراف اسرائيل في هرتسليا بالقوة التي اسمها حزب الله، القادرة على مواجهة التهديد بالتهديد وتملك من الحزم والعزم ما يمكّنها كمقاومة من الانتصار".