لم يحجب الاهتمام بالانتخابات البلدية في طرابلس الأنظار عن الانتخابات البلدية في مدينة الميناء. بقيت الأضواء مسلطة على توأم عاصمة الشمال، نظراً لما تمثله من خصوصية وثقل في المعادلة البلدية والسياسية على السواء.وعلى عكس طرابلس، لم ينتظر مرشحو الميناء توافق السياسيين للتقدم بطلبات ترشيحهم، وتحديداً رئيس بلدية الميناء السابق عبد القادر علم الدين الذي أعلن ترشحه للانتخابات وقام بجولة على السياسيين الذين "أعلنوا دعمهم لي"، على حدّ تعبيره.
لا يُعدّ علم الدين شخصاً عادياً في الميناء، وهو ما يعترف به مؤيدوه وخصومه، إذ إنه طبع بلدية الميناء بطابعه منذ تسميته عضواً في بلديتها عام 1973، قبل تعيينه رئيساً مرتين: الأولى عام 1977 والثانية عام 1991، كما انتخب عام 1998 ليستقيل بعدها بعام بسبب خلافات سادت في المجلس البلدي الذي انتخب محمد أكرم الحلو خلفاً له. وأعيد انتخاب علم الدين رئيساً عام 2004. وفي 2010 خاض انتخابات تنافسية في مواجهة تحالف سياسي عريض، استطاع خرقه مع عضو آخر في لائحته، في وجه اللائحة التي انتخبت السفير المتقاعد محمد عيسى رئيساً للبلدية.
تجربة عيسى غير الموفقة التي شلت المجلس البلدي وأدت إلى حلّه بعد استقالة أكثر من نصف أعضائه، مثّلت ضغطاً على السياسيين في طرابلس والميناء لإخراج بلدية الميناء من أزمتها. علم الدين لم ينتظر مبادرة من السياسيين، بل رشّح نفسه، وجال على السياسيين بلا استثناء، من الرئيس نجيب ميقاتي (يُعدّ مقرباً منه) إلى تيار المستقبل والنائبين محمد الصفدي ومحمد كبارة والوزير السابق فيصل كرامي والجماعة الإسلامية، ونال دعمهم ولو شكلياً.
يقول علم الدين لـ"الأخبار": "السياسيون قالوا لي إذهب وألّف لائحتك، وأنا أقوم بهذا الأمر. اخترت الجزء الأكبر منها، وهي تضم أشخاصاً يملكون كفاءات، وحرصت على ألّا تضم أي اسم يمثّل استفزازاً لأي طرف".
ينفي علم الدين عن نفسه صفة الرئيس التوافقي، ويقول: "واجهت التوافق عام 2010 فكيف أمشي به اليوم؟ أنا ببساطة مرشح لرئاسة البلدية". موقفه المتصلب دفعه إلى التصادم مع ميقاتي، حيث تتداول أوساط سياسية مطلعة أن اجتماعين حصلا بينهما سادهما توتر لعدم ارتياح الأخير لأسماء نُقل إليه أنها ستنضم إلى لائحة علم الدين، لكنّه ينفي حصول أي توتر ويؤكد أن "علاقتي به وبجميع السياسيين جيدة".
لكنّ ذلك لا يعني أن الطريق أمام علم الدين للعودة إلى رئاسة بلدية الميناء مفروشة بالورود. فبعض المرشحين المقربين من ميقاتي لا يكنّون الود للرجل، ومنهم مثلاً مدير مكتب جمعية العزم والسعادة في الميناء صلاح كلسينا الذي أعلن عزوفه عن الترشح لأنه لا يريد التعاون مع علم الدين، كما أن الوزير أشرف ريفي يستعد لإعلان لائحة في الميناء تضم أغلب خصوم علم الدين في المدينة.
ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، إذ تتساءل الأوساط السياسية في طرابلس والميناء: "هل إذا حصل ميقاتي على موافقة السياسيين على أن يكون رئيس بلدية طرابلس من حصته، وهو المرشح عزام عويضة، ستترك بلدية الميناء له أيضاً، والبقاء على دعم علم الدين؟".
لا جواب عند أحد بعد على هذا السؤال، وبرغم أن علم الدين يقول إنه "لا رابط بين الأمرين"، فإن كثيرين لا يوافقونه الرأي، إلا إذا استطاع إقناع السياسيين بأن مصلحته ومصلحتهم تقتضي منهم دعمه، وهذا أمر وحدها الأيام المقبلة كفيلة بتوضيحه.