تعدُّ غوسطا من البلدات الكبرى في كسروان، ولها رمزيّة سياسيّة وتاريخيّة. لا ينفكّ النائب السابق فريد هيكل الخازن عن التفاخر بقوّته فيها، في جلساته الخاصّة، كون جدوده المشايخ احتموا فيها بعدما طردهم فلاحو كسروان من بلداتهم، فبات وجودهم التاريخي راسخاً فيها وكذلك نفوذهم وشعبيّتهم وخدماتهم. عندما دخل الخازن البرلمان عام 2000، تسلّح بتأييد ثلثي المقترعين في مسقط رأسه، إلى أن أصيب بنكسة نيابيّة عام 2005 حين استقطب العماد ميشال عون دعم أبناء البلدة، متفوّقاً على ابنها، ليستعيد الخازن بعضاً من الزخم عام 2009 منتصراً على عون فيها، ولو بفارق بسيط.
للاستحقاق تحدّ رئيسي: الأحزاب تستفتي شارعها تمهيداً للنيابة

في الصراع البلدي تختلف الأمور. هنا تأتي الخدمات أولاً، والعائلة ثانياً، والإنماء والسياسة في أسفل الاهتمامات. منذ 18 عاماً، يتربّع زياد الشلفون المحسوب على آل الخازن، على رأس بلديّة غوسطا. عام 2010 خاض "التيار الوطني الحرّ" المعركة الانتخابيّة البلديّة متحالفاً مع "القوات اللبنانيّة"، التي تركت الشلفون قبل أيّام من المعركة وانضمّت إلى خصومه السياسيين. سنتها فازت اللائحة المدعومة من الخازن بفارق وسطي بلغ 80 صوتاً.
خلال هذه الدورة، بدأ التحضير للمعركة منذ "إعلان النيات" بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، في استفتاء واضح لمدى قدرة الأحزاب السياسيّة على استقطاب الجمهور. بداية، سعى القيادي السابق في حزب "الوطنيين الأحرار" مارون حلو، المقرّب راهناً من العميد المتقاعد شامل روكز، الى تشكيل لائحة توافقيّة تضمّ كلّ الأطراف السياسيّة والعائليّة في البلدة، لكن الاختلاف وقع على تقاسم الحصص. يؤكّد الشلفون لـ"الأخبار" أن "التيار والقوات طالبا بحصص كبيرة في المجلس البلدي، بما لا يضمن ترؤسي لها. تعاملوا كما لو أنّهما طرفان لا طرف واحد. لقد كان واضحاً أن هناك قراراً مسبقاً لدى الأحزاب بخوض معركة في غوسطا لتحديد الأحجام الانتخابيّة". فيما يشير مرشّح التحالف العوني ــ القواتي أندريه قزيلي إلى أن "الطرف الثاني (أي الشلفون مدعوماً من الكتائب والخازن) أغلق باب التفاوض بإعلان لائحة مُقفلة منذ شهر، علماً بأن المفاوضات الأوليّة مع الشلفون قضت بإعطائنا خمسة أعضاء مشروطين بموافقته الشخصيّة عليهم، وهو ما رفضناه".
يذكّر الشلفون بانتخابات الـ2010، حين خاض التيار والقوات المعركة ضدّه، وانتصرت لائحته كاملة. يبدو مرتاحاً للإحصاءات من ماكينته الانتخابيّة، ولكونه يخوض المعركة للمرة الرابعة على التوالي، يقول: "لا تختلف المعركة هذه المرّة عن المرّات السابقة. لن يؤثّر تحالف الأحزاب على الخريطة الانتخابيّة، وخصوصاً أن الشارع مقسوم عمودياً، وخيارات الناس معروفة". لا يعنيه مبدأ تداول السلطة طالما أن الناس يعيدون انتخابه "نحن نؤمن بالديموقراطيّة، وأهالي البلدة حدّدوا خيارهم لثلاث دورات في صندوق الانتخاب". ينفي الشلفون كل الانتقادات الموجّهة إلى أدائه البلديّ، يردّ الفقر الإنمائي إلى "نواب القضاء الذين لم يحرّكوا ساكناً طوال عشر سنوات. لقد قدّمنا الكثير من المشاريع، بدءاً من النقل المشترك، وصولاً إلى إنشاء معمل النفايات الأخير. والناس يجدّدون ثقتهم بنا بناءً على ما نقدّمه لهم".
تستعدّ غوسطا للمعركة، وبعض أهلها ممتعض؛ يعبّر جزء منهم عن مخاوفه من آثار معمل معالجة النفايات الذي نُصب في خراج البلدة، ويستقبل 70% من نفايات القضاء بمعدّل 150 طناً يومياً. ممتعضون من الطرقات غير المكتملة والتي من المفترض أن تصل البلدة بمناطق أخرى. يتساءلون عن عدم توافر المال لإنماء البلدة، فيما البلدية تشرع ببناء قصر بلدي. اتهامات ينفيها الشلفون، مصرّاً على "إنجازات" عدّدها في مشروعه الانتخابي، بدءاً من "المستوصف الذي افتتح في البلديّة أو المركز المتنقّل لفحص سرطان الثدي"، وصولاً إلى "إنشاء محميّة" يتبيّن أن قصراً بُني على جزء منها.
يتوجّه أبناء البلدة الأحد المقبل إلى صناديق الاقتراع، فيما المشاريع الانتخابيّة المقدّمة تتغنّى بـ"إنجازات" أخرى متعثرة، فمركز الدفاع المدني مغلق والمستوصف مهمل، وحتى اللافتات التي تحمل اسم البلدة أكلها الصدأ. وبعيداً عن السجال "الإنمائي"، للاستحقاق البلدي في غوسطا وجه رئيسي: الأحزاب تستفتي شارعها بعد تحالفها تمهيداً لاستحقاقات تالية، أولها النيابة.