تقدم أمس الشيخ محي الدين عنتر بترشحه إلى الانتخابات البلدية في صيدا، ضمن لائحة إسلامية باسم «الإصلاح والتنمية». منذ إعلان موعد الانتخابات، أطلق عنتر، المناصر للشيخ الموقوف أحمد الأسير، على صفحته على موقع الفايسبوك هاشتاغ: «أهل السنة ــــ ضرورة التغيير». وتحته، كتب مئات الملاحظات الحادة على أداء تيار المستقبل والنائبة بهية الحريري على وجه الخصوص. نتائج انتخابات بلدية بيروت، زادت من حماسته للتغيير. دعا «الحريرية السياسية لأن تستعد لمواجهة لائحة مجدليون» في إشارة إلى لائحة رئيس البلدية الحالي محمد السعودي التي يدعمها المستقبل والحريري.
لائحة الإسلاميين لن تلتزم عرف ترشيح مسيحيين وشيعة لكنها لن تكون مقفلة

عنتر هو واحد من ثمانية إسلاميين صيداويين، أعضاء لائحة رعى تأليفها ويترأسها رئيس مجلس الشورى السابق في الجماعة الاسلامية علي الشيخ عمار. معهما، الشيخ يوسف المسلماني الذي اعتقل في السجون الإسرائيلية خلال مشاركته في عمليات المقاومة في صيدا. في السنوات الأخيرة، تقرّب من عبد الرحمن البزري قبل ان ينضم للمتضامنين مع الأسير. في اللائحة أيضاً، محمد النعماني المعروف بـ"أبو بهيج صاحب محل الشاورما". الأخير كان من أبرز داعمي الحركة الأسيرية وأحد كادراتها الأمنية والعسكرية. شارك في معركة عبرا وتوارى بعدها عن الأنظار قبل أن تعطيه النائبة بهية الحريري الأمان وتتوقف الملاحقة عنه ويعاود نشاطه الإعتيادي.
الشيخ عمار، صاحب المواقف الحادة وحامل لواء الدفاع عن «الطائفة السنية المظلومة»، أطلق قبل عام «المنظمة اللبنانية للعدالة». وأخيراً، أسس «لجنة الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين في السجون اللبنانية»، التي نظمت أول أنشطتها في صيدا في مسجد الزعتري، تضامناً مع الأسير وموقوفي عبرا. ثم أكمل خطته الدفاعية عن الحالة الإسلامية بتحفيز عدد من «الشباب المسلم المثقف والواعي للترشح إلى البلدية وللنيابة لاحقاً، منتهزين فرصة الانتخابات البلدية لنعبر عن مواقفنا السياسية، إلى جانب إصلاح المجتمع وفق الفكر الإسلامي». دوافعه «ضرورة أن يكون الصوت الإسلامي حاضراً في المجالات البلدية والاختيارية والنيابية والنقابية»، فضلاً عن «استنهاض الساحة السنية والتأسيس لمستقبل مختلف لهذه الأجيال. فالشعور السائد أن الساحة الإسلامية صارت حكراً على بعض الأطراف في صيدا وخارجها».
يصنف الشيخ عمار، في حديث لـ "الأخبار" اللائحة بأنها الصوت الإسلامي. «حرصنا على أن تكون لائحة إسلامية تعبر عن الجو الإسلامي وأن يكون أعضاؤها من الجو الملتزم». يجزم بأنهم «مستقلون غير مرتبطين بتنظيمات وأحزاب»، وبعضهم «من رواد مسجد بلال بن رباح». لكن استقلاليتهم عن الأحزاب لم تكن طوعية. منذ البداية، تواصل الشيخ عمار مع الجماعة الإسلامية وحزب التحرير والتيار السلفي وهيئة علماء المسلمين، داعياً لتشكيل لائحة إسلامية مشتركة. الجماعة التي اختارت المشاركة في الانتخابات، على الرغم من أنها فكرت في الأمر منذ سنوات، إلا أنها فضلت التمسك ببلدية السعودي التي لها حصة فيها (3 أعضاء، حافظ السعودي عليهم في لائحته الجديدة).
في بوابة الجنوب، تشكل اللائحة الإسلامية سابقة في الانتخابات البلدية. العرف اقتضى في الدورات الماضية تخصيص مقعدين للمسيحيين ومقعدين للشيعة. الإسلاميون لا يدعون إلى إلغاء العرف، لكنهم شكلوا لائحتهم من السنة فقط، من دون ان تكون مقفلة. والسبب؟ «خيارنا اقتصر على بعض الأسماء المنتمية للحالة الإسلامية في صيدا، لكننا تركنا المساحة للمواطن لكي يملأ المقاعد الشاغرة بمن يريد من المشارب الأخرى» يقول الشيخ عمار.
لا يغفل الشيخ حضور الإسلاميين في البلدية الأخيرة من خلال الجماعة الإسلامية. إلا أنه يرى بأن «الحالة الإسلامية يجب أن تكون لديها شخصية مستقلة في هكذا مناسبات وليست منضوية تحت جناح أحزاب أخرى لأن الأوضاع الحالية لا تسمح بالاستمرار بهذا الشكل». تلك الأوضاع، لا سيما «التضييق على الإسلاميين والعدوان عليهم واعتقالهم، أنتجت ضغطاً علينا من الجمهور لأن يكون هناك صوت اسلامي من خلاله نعبر عن أوجاعنا ورفضنا لحالة الظلم». وذاك الجمهور، بحسب عمار، موجود في صيدا برغم إنهاء حالة الأسير و«يشكل ما بين 25 و30 في المئة من الصوت الصيداوي».
إذا ما صحت نسب الشيخ عمار، فإن خطراً كبيراً يواجه اللائحة المدعومة من المستقبل والجماعة الاسلامية، في ظل مواجهتها للائحة "صوت الناس" المدعومة من اللقاء الوطني. يستذكر الشيخ عمار أن الصوت الإسلامي والسلفي صوّت في انتخابات 2010 لمصلحة لائحة السعودي. فأين سيصب في الانتخابات المرتقبة؟ «الصوت الاسلامي المستقل طبعاً سينحاز للائحة الإسلامية» يقول. والسبب، ليس الأزمة المالية التي يعيشها تيار المستقبل، فـ«عندما تؤلف لائحة اسلامية مستقلة، لا يفكّر الجمهور الاسلامي بحسابات مال انتخابي ومصالح، بل يعمل بقناعاته وولائه للإسلاميين». يعول الشيخ عمار على مشاركة الإسلاميين المقاطعين للانتخابات منذ سنوات، لأنهم «سيجدون صوتهم».