عادت المشاورات في شأن انتخابات بلدية طرابلس إلى المربع الأول، بعد تعقيدات دخلت على الخط جعلت مصير التوافق حول الانتخابات البلدية في عاصمة الشمال في مهب الريح.وبرزت هذه التعقيدات على نحو لافت في الأيام الأخيرة، نتيجة الفيتوات المتبادلة على المرشحين التوافقيين الثلاثة الذين حصر الرئيس نجيب ميقاتي التنافس بينهم، وهو تشدّد فُسّر بأنه محاولة من القوى السياسية المعنية لرفع حصتها في المجلس البلدي قبل تقديمها أي تنازل.
فبعد الفيتو الذي وضعه تيار المستقبل والنائب محمد الصفدي على المرشح عبد الرحمن الثمين، وتحفظ ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي عن المرشح عمر الحلاب، بعدما وجدا أن الشارع الطرابلسي الموالي لهما لم يتقبله، نتيجة تسرّعه في الاحتفال بالتوافق المبدئي حوله، ما جعل تسويقه صعباً، وضع تيار المستقبل "فيتو" على المرشح عثمان عويضة، وأعاد مجدداً ترشيح الحلاب إلى الواجهة.
وأفادت المعلومات التي حصلت عليها "الأخبار" من مصادر عدة بأن ميقاتي التقى أول من أمس النائب محمد كبارة ورجل الأعمال طارق فخر الدين، وهما إحدى قنوات التفاوض بينه وبين الرئيس سعد الحريري، وأبلغاه أن الأخير والرئيس فؤاد السنيورة مصرّان على الحلاب مرشحاً توافقياً، فيما أصرّ ميقاتي على تبني عويضة المقرب منه.
فسّر البعض التهديد بالمعركة بأنه ليس أكثر من تشدد لتحسين أوراق التفاوض

وأضافت المعلومات أن إصرار الحريري والسنيورة على تبني الحلاب يعود إلى أن الأخير مقرب منهما، وكان مشرفاً على وضع دراسات تتعلق بردم البحر جنوبي طرابلس بهدف إقامة رجال أعمال مقربين من تيار المستقبل مشاريع تجارية وسياحية فوق المنطقة المردومة.
خلط الأوراق في طرابلس جعل الغموض يخيم على مصير التوافق السياسي، وعلى لقاءات نواب طرابلس التي أصبحت بلا معنى بعد الوصول إلى الحائط المسدود، إلى حدّ جعل كثيرين يرسمون معالم التنافس الذي يرجح أنه سيدور بين لائحتين، الأولى مدعومة من ميقاتي وكرامي والثانية تلقى دعم الحريري والصفدي، وفق مصادر الأطراف الأربعة، إضافة إلى لائحتين ينتظر أن يشكل إحداهما الوزير أشرف ريفي والثانية تمثل المجتمع المدني، أما بقية القوى الأخرى، وتحديداً الإسلاميين، فإنهم سيتوزعون على اللوائح الأربع.
وكشفت المعلومات أن لقاءات نواب المدينة في منزل النائب أحمد كرامي، التي بات عقدها بعد اليوم صعباً، كانت ناقصة منذ يومها الأول، لسببين: الأول أن نواب تيار المستقبل بطرابلس لا يملكون قرارهم في ما يخص الانتخابات البلدية فيها، لأن عليهم العودة إلى الحريري قبل اتخاذ أي قرار. والثاني أن المستقبل أبدى اعتراضه منذ البداية على دعوة ريفي لحضور لقاءات النواب كأحد فاعليات المدينة، وحصره بممثلي المدينة في مجلس النواب فقط، ما أدى إلى إبعاد الوزير السابق فيصل كرامي وآخرين عن هذه الاجتماعات، علماً بأنّ كرامي كان يوضَع في أجواء اللقاءات أولاً بأول من قبل ميقاتي.
غير أن عقدة ريفي لا يبدو أنها مقتصرة على اجتماعات نواب طرابلس، بل ترى مصادر متابعة أنها قد تمتد إلى اللقاء المرتقب في 20 أيار الجاري في منزل السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري، الذي سيجمع فيه شخصيات وقوى سياسية سنية من مختلف المشارب، وسيكون الحريري وميقاتي أبرز الحاضرين فيه.
في هذه الأثناء تسود ترجيحات بالتوصّل مجدّداً إلى اسم رئيس بلدية في غضون الساعات الـ48 المقبلة، أما تعثر التوافق فسيؤدي إلى انفراط عقد التوافق وخوض القوى السياسية انتخابات قاسية في ما بينها، وهو احتمال سيكون على الأرجح مؤجلاً إلى ما بعد 20 الشهر الجاري، في انتظار ما سيسفر عنه اللقاء في منزل العسيري.