يدرك زائر سعدنايل أن معركتها الانتخابية مغايرة لمثيلاتها في بقية البلدات والقرى البقاعية. "أمر جلل" ما حدث هنا، استدعى توحّد الأضداد في البلدة. هنا، تناست قوى 8 و14 آذار اصطفافاتها وتوحّدت مع العائلات لخوض معركة "وطنية" وراء لائحة يرأسها رئيس البلدية الحالي خليل الشحيمي، في وجه اللائحة التي يرأسها محمد توفيق الحمصي، والتي تحظى بدعم العميل زياد الحمصي (الملقب بـ"البريمو"، والذي حكم عليه القضاء العسكري بالسجن أربع سنوات بعد إدانته بجرم الاتصال بالعدو الاسرائيلي)."البريمو" مجرّد من حقوقه المدنية، وغير مسموح له بالترشح والإقتراع، وهو منبوذ من غالبية فعاليات البلدة. لكنه عاد الى الميدان من باب اللعب بالإنتخابات. منذ شهر ونصف شهر لم يهدأ حتى أنهى قبل أسبوع تأليف لائحة مكتملة، بثلاثة رؤساء ونائبين للرئيس يتناوبون على الموقعين. ويتداول أهالي البلدة صوراً وتسجيلات للحمصي يدلي فيها بآرائه الانتخابية في مجالس أحد مفاتيحه الإنتخابية.
حراك "البريمو" استنفر القوى السياسية والوطنية على إختلافاتها وإنقساماتها السياسية، ودفعها الى تجميع قواها وتشكيل لائحة متوازنة لإسقاط اللائحة الأخرى "وتسجيل ضربة قاضية ضد من يقف خلفها" على حد تعبير المرشح لرئاسة المجلس البلدي حسين محمود الشوباصي. ويضيف: "تدخل شخصية متهمة ومحكومة بالعمالة، ومحاولتها اللعب بالعائلات لتشكيل لائحة، جعلنا ننتفض لنحمي إرث سعدنايل الوطني، ومنعه من أخذ البلدة في إتجاه مشروعه المشبوه". ودفع ذلك الى تشكيل لائحة ضمّت مختلف الأطياف والعائلات والعشائر والأحزاب برئاسة الشحيمي، على أن تكون رئاسة البلدية في حال الفوز "مثالثة" بينه وبين حسين محمود الشوباصي وأيمن صوان.
المستقبل وقف على الحياد ولم يعلن بعد موقفاً واضحاً ضد لائحة البريمو

ويشير أحد وجهاء البلدة الى أن "البريمو"، كونه رئيساً سابقاً للبلدية وله تأثير على بعض فعاليات العائلات والعشائر، وعلى رابطة شباب سعدنايل ذات الحضور الاجتماعي، تمكن من تشكيل لائحة تضمن له سيطرة كاملة على البلدية وقراراتها في حال فوزها. وسأل: "كيف تسمح الأجهزة الأمنية لعميل محكوم بتعاطي الشأن العام؟".
وعلمت "الأخبار" أن "البريمو" رشح 5 أعضاء من الرابطة، يعملون تحت جناحه، كما رشح 5 أعضاء من العشائر ليضمن أصواتها الـ500، مخالفاً العرف السائد بتمثيلها بعضو واحد.كما انه نجح في "تركيب" توافق على التناوب على رئاسة البلدية لسنتين بين كل من محمد توفيق الحمصي ورياض الرحيمي وغالب صوان، وعلى منصب نائب الرئيس لثلاث سنوات بين عيسى خير الدين وسليمان الشوباصي لثلاث سنوات. ويحاول الحمصي عبر هذه "اللوحة" استقطاب أكبر عدد ممكن من أصوات أبناء البلدة.
وتضع فعاليات البلدة حراك "البريمو" في إطار "الإنتقام من سعدنايل التي نبذته ورفضت مبرراته لإتصاله بالعدو، وقطعه الطرقات بواسطة شبان يرشحهم اليوم الى المجلس البلدي، ولدوره المشبوه في أحداث 7 آيار". وتشير مصادر إلى أن الحمصي كرر، خلال جلساته الخاصة مع مؤيديه، "أنني سأجعل من وجهاء البلدة فرجة، وحط الأكياس براسن متل ما انحط الكيس براسي".
من جهة أخرى سجلت فعاليات محسوبة على تيار المستقبل استياءها من قيادة التيار في البقاع لعدم استعمالها نفوذها لإنجاح الوفاق، وقطع الطريق أمام تدخل "البريمو". إلا أن مصادر مستقبلية أكدت لـ"الأخبار" أن قيادة التيار أوعزت إلى محازبيها في سعدنايل بتأييد لائحة العائلات. وأضافت: "عند إعلان اللوائح سنكون واضحين، ولن نكون مع لائحة عليها علامات إستفهام". فيما يشير مصدر مقرب من قوى 8 آذار في البلدة إلى أن أحزابها، بما فيها حزب الله، تدعم اللائحة التي تقف في وجه الحمصي، رغم وجود مرشحين "فاقعين" ضد الحزب فيها. وأضاف: "نحن عند منعطف وطني، علينا ترك خلافتنا السياسية الداخلية والتوحد في وجه مشروع كيدي يخدم عدونا جميعاً".
بدوره أكد رئيس البلدية المرشح خليل الشحيمي أن المعركة ليست سهلة، وليست مسألة ربح وخسارة، بل "المطلوب أن يعرف الذين يريدون تشويه صورة سعدنايل الوطنية أنهم لا يمثلون البلدة بتاريخهم الأسود". ولفت الشحيمي إلى أنه أول من دعا الى الوفاق واختيار الكفاءات والإختصاصات من أجل مصلحة البلدة، لا إختصار العمل البلدي بالرئيس، "لكننا إصطدمنا بالتفاصيل، وبحيادية تيار المستقبل وعدم دفعه للوفاق".