آمال خليل عدد من الارهابيين الذين بادلت بهم الدولة اللبنانية أمس أسراها لدى "جبهة النصرة" الارهابية، من أصحاب السوابق الذين خبروا التوقيف والتحقيق والمحاكمة أمام المجلس العدلي والمحكمة العسكرية، لكنّ سنين الإحتجاز ووزر المحاكمة وإخلاء سبيل بعضهم أو انتهاء محكومية آخرين، لم تحفزهم على التوبة. أعادوا الكرّة إرهاباً، إما عقيدة أو انتقاماً أم لأنها مهنة لم يجدوا سواها. عند إتمام الصفقة، قالت سجى الدليمي لوسائل الإعلام إنها لن تبقى في عرسال، بل ستعود مع أطفالها الأربعة إلى بيروت في انتظار الإفراج عن زوجها الفلسطيني كمال خلف وتسوية أوراق أطفالها واستصدار جوازات سفر للإنتقال إلى تركيا. ليس معلوماً لماذا اختارت الدليمي هذه الخريطة وصولاً إلى تركيا، حاضنة "النصرة" و"داعش"، وما إذا كانت تقول الحقيقة في الأساس. وكيل الدفاع عنها وعن زوجها حنا جعجع تقدم منذ أسبوعين بطلب إخلاء سبيل خلف وينتظر أن تبت المحكمة العسكرية فيه بعد إتمام الأوراق اللازمة. حتى ليل أمس، لم يكن جعجع قد علم شيئاً عن الوضع الجديد لموكلته، لكنه في لقائهما الأخير يوم الجمعة قبيل نقلها إلى الأمن العام، لم يتطرقا إلى مرحلة ما بعد الحرية، إلا أنه يجزم بأنها تريد الإبتعاد عن كل المشاكل من العراق إلى سوريا ولبنان، ناقلاً عنها أنها ترفض الجو المتطرف. فهي "كانت مزينة شعر تعيش حياة بسيطة ومنفتحة قبل أن تتشدد بعد زواجها بأحد قادة جيش الراشدين الذي قتل في الأنبار عام 2010".
ما الذي يمنع المفرج عنهم من استئناف أعمالهم لرد "الجميل" لـ "النصرة"؟
لكن ماذا عن المرأة الأخرى جمانة حميد؟ الأم لثلاثة أولاد وصاحبة محل للنحاسيات في عرسال، التي قادت عن وعي وعلم مسبق سيارة مفخخة بمئة كيلوغرام من المتفجرات، من بلدتها قبل أن يوقفها حاجز الجيش في اللبوة بناء على اعترافات نعيم عباس. قيل إن السيدة السافرة قبلت بالمهمة ثأراً لشقيقها الذي قتل في سوريا في معارك ضد حزب الله. فهل كان احتجاز 22 شهراً درساً لها؟. ماذا عن بقية من أُفرج عنهم أمس، وما الذي يمنعهم من استئناف أعمالهم، أقله لرد "الجميل" لـ "النصرة" التي اختارتهم من بين العشرات؟ بين عرسال وجرودها، توزع هؤلاء الذين ربما سنسمع مجدداً بأسمائهم، إما انتحاريين أو قياديين أو ناقلي انتحاريين... فكل شيء وارد نظراً إلى السجل الحافل لكل منهم. استعراض مختصر عن بعضهم، قد يفسر لماذا اختارتهم "النصرة".
ما الذي يمنع المفرج عنهم من استئناف أعمالهم لرد "الجميل" لـ "النصرة"؟
ابن طرابلس إيهاب الحلاق، الشيخ ذو القامة الطويلة والرأس الأشيب لا يزال ملف محاكمته مع صهره السوري عبيد الله زعيتر، مفتوحاً بتهمة انتمائه إلى "النصرة" ونشاطه في صفوفها في القلمون، كأحد مساعدي أميرها أبو مالك التلي. أفاد أمام المحكمة العسكرية بأنه انتقل من السويد التي يحمل جنسيتها إلى سوريا عن طريق تركيا ليقدم مواد الإغاثة. في عرسال كان الشيخ مصطفى الحجيري (أبو طاقية) يتسلم منه المواد. وكخدمة "إنسانية" أيضاً، طلب منه أبو خالد السوري (من المسؤولين عن تفخيخ السيارات وتجهيز الإنتحاريين نحو لبنان) أن يصطحب شخصاً سعودياً من الحمرا إلى عرسال. الحلاق زوّج ابنته لزعيتر، أو "أبو معن"، المسؤول الإعلامي للتلي الذي كان يعرف بـ "مراسل القلمون". والاثنان بالمشاركة في تأمين خدمات لوجيستية لـ "النصرة" بين القلمون ونقل انتحاريين ولا سيما منهم انتحاري السيارة المفخخة في النبي عثمان. من سجن زحلة إلى عرسال، مسافة اعتادها حسين الحجيري، اللبناني الثاني على لائحة التبادل، والرأس المدبر لعملية خطف الأستونيين وثلاثة مراسلين تابعين لهيئة الإذاعة البريطانية. "الفدائي" (32 عاماً) شارك في مقاومة الإحتلال الأميركي في العراق. لم يُعرف عنه التزام ديني، لكنه انقلب إلى متشدد بعد إقامته في مبنى الإسلاميين في رومية. وقد وضع خبرته في خدمة "النصرة" بين فليطا وعرسال. العسكريون المحررون أمس هم الذين تسببوا في توقيف الشيخ السوري محمد يحيى، وهم أنفسهم أنقذوه من سجن رومية بعد توقيف لم يكمل عاماً واحداً. أوقفته استخبارات الجيش عند حاجز وادي حميد مرتدياً حزاماً ناسفاً فيما كان برفقة عضو هيئة علماء المسلمين الشيخ حسام الغالي وثلاثة سوريين آخرين محملين بالأسلحة، بينما كانوا في طريقهم للقاء قياديي "النصرة" في جرود عرسال "لطلب تعهد منهم بعدم قتل العسكريين" كما أفاد الغالي حينها، والذي أطلق فوراً. من بين الذين أُطلقوا أمس أيضاً، مجموعة من موقوفي "فتح الإسلام"، اختارتهم النصرة من بين العشرات الذين لا يزالون يحاكمون أمام المجلس العدلي. السوري محمد رحال المعروف بـ "أبو محمد الإدلبي" لم يُسق الجمعة الماضي إلى جلسة محاكمته أمام المجلس العدلي. قبل ليلة، ساقه الأمن العام إلى المديرية تمهيداً لإتمام التبادل. كان المجلس على وشك إصدار الحكم بحقه بعد ثماني سنوات من التوقيف. زميلاه في معركة نهر البارد، السوري محمّد علي نجم وابن مخيم اليرموك محمد أحمد ياسين الذي دخل إلى لبنان بهوية سورية مزورة باسم باسم دياب، أُطلقا أمس أيضاً. علماً بأن خلف، زوج الدليمي، كان زميلهما، وقرر المجلس العدلي في تموز الماضي إخلاء سبيله قبل أن يعاود نشاطه من سوريا ويلتقي زوجته ويصطحبها إلى لبنان. أما عن كيفية تسوية ملفهم قانونياً، فذكرت مصادر قضائية أن جميع المُبادلين، الموقوف معظمهم لصالح المحكمة العسكرية، أُخلي سبيلهم من قبل المجلس العدلي والمحكمة العسكرية قبل أن يُتركوا أحراراً.