منذ شهرين، سخّر وزير الخارجية جبران باسيل كل طاقاته من أجل النجاح داخل التيار الوطني الحرّ. بفضل مُبادرة وتنازل من الفريق الآخر الذي فضلّ عدم المواجهة، أصبح باسيل رئيساً للتيار ليكون أول خلف للعماد ميشال عون. «التيار» طوى صفحة انتخاباته الرئاسية، أما المرحلة الثانية التي بدأ العمل عليها، فتتمحور حول انتخابات هيئات الأقضية وممثلي الأقضية وبعدها المجلس الوطني. وما بين المرحلتين، سيعمل باسيل على تشكيل فريق عمله و»التواصل بشكل دائم مع الحزبيين «الناقمين» وغير الناقمين لاستيعاب الجميع .
«تحداني جبران خلال عشاء 7 آب الذي نظمه في منزله أنه قادر على رفع عدد المنتسبين من 17 ألف بطاقة الى 40 ألفاً»، يقول أحد الناشطين. يبدو باسيل واثقاً، على خلاف العديد من «العونيين»، بأن «ملعب التيار» سيكبر أكثر. الأهم بالنسبة اليه «هو جمع التيار الوطني الحر وحلّ الخلافات داخله». لذلك، طلب من «فريق عمله التواصل مع المعارضين لنهجه وقد شُكلت لجنة للتواصل لهذه الغاية وهو سيُكمل اللقاءات التي بدأها مع المناضلين». أما بالنسبة الى الرأي العام العوني «فالخطاب معهم يختلف والأولوية ليست لهم حاليا».
أول من أمس حلّ باسيل ماكينته الانتخابية، «وهو دعا جميع من يرغب بأن يتولّى مركزا حزبيا الى تقديم أوراقه قبل العشرين من أيلول». أما فريق عمل باسيل فيتألف حالياً من: باسكال حنا، نهاد عون، زياد نجار وسيزار أبو خليل. فيما لم تنضج معالم الفريق الذي سيرافقه طيلة الاربع سنوات. «وهو لم يقطع اتصالاته مع أحد ولا يزال يبحث الآلية الانسب لتشكيل الادارة الحزبية». هذه الأخيرة تتألف من لجان تنفيذية واستشارية «وهي ستشكل من دون موافقة المجلس الوطني عليها نظرا لأن المرحلة انتقالية وهناك اولوية لتسيير الشؤون الداخلية».
«لن يبقى أي مسؤول في منصبه»، تؤكد المصادر. جميعهم وضعوا استقالاتهم في تصرف «الرئيس» وذلك من أجل «ضخ دم جديد في التيار». يُعول باسيل وفريقه على التظاهرات والتحركات على الارض «كما دائما كانت هي التي تفرز القيادات». ولكن شخصاً مثل منصور فاضل، مسؤول الماكينة الانتخابية والذي لعب دورا اساسيا في معركة باسيل الرئاسية «اكيد انه سيكون له دور في العهد الجديد». ورداً على الأسئلة الكثيرة التي تطرح حول مصير المنسق العام للتيار بيار رفول، يقول أحد المطلعين إن «هذا المنصب لم يعد موجودا اصلا فمهامه سيتولاها نائب الرئيس للشؤون الادارية رومل صابر». و»لا نظن أن رفول قد يرضى بمنصب أقل مستوى من منصبه السابق». ويتابع المصدر القريب من باسيل: «يوجد اجماع على الدور السلبي الذي لعبه رفول رغم ان الجنرال كان قد اعطاه كامل ثقته».
والواضح اليوم أن مشكلة العديد من «العونيين» ليست مع شخص باسيل، بل بالطريقة التي استلم من خلالها رئاسة التيار، بعد أن أغدقت على هؤلاء الوعود بتنظيم انتخابات حزبية. يضع الناشطون «المعارضون» ملاحظات جمة حول طريقة عمل باسيل وكيفية استئثاره بالقرار. الا أن بعض العاملين معه يُصرون أنه «قام بنقد ذاتي وأقنعنا. بمكان ما جبران أصدق من غيره. نحن نراقب عمله منذ سنة ونصف ومرتاحون له». يٰعول هؤلاء ايضا على استمرار وجود عون «الذي يشكل امرا وازنا». لا يُنكرون أن باسيل «نال الفرصة التي لم ينلها غيره. ولكنه الاجدر خاصة بين جميع الورثة السياسيين، أقله هو نصف وريث».
هذه المعركة بينت للعونيين أن عون «لم يتمكن من بناء صمام أمان يحمي من خلاله نفسه والتيار». لا يقولون ذلك حرصا منهم على التيار بل «لان المعركة كانت معركة كسر عظم ولم نكن نعرف من سيربح». جلّ ما ارادوه أن تصب الاصوات لمصلحة باسيل بنسبة ٩٩،٩ بالمئة.
بالعودة الى حفلة تنصيب باسيل، كان لافتا اختيار نائبي الرئيس: نقولا الصحناوي للشؤون السياسية ورومل صابر للشؤون الادارية. كان من المفترض أن يختار عون نائبي الرئيس وأن لا يشكلا مصدر استفزاز للمعارضين، الا ان بصمات باسيل بدت واضحة في هذا الاختيار. مصادر وزير الخارجية تؤكد «كلا، عون هو الذي اختار. جبران كانت لديه مروحة واسعة من الخيارات كمنصور فاضل ورولان خوري وانطوان فرحات». تُصر المصادر أن «نائبي الرئيس جيدان، رومل نجح في ما يسمى وزارة مال التيار ونقولا ليس استفزازيا. هما جيدان من أجل مرحلة انتقالية».
في المنطق السياسي «الذي يسبق هو الذي يشم الحبق». باسيل سبق الجميع على درب رئاسة التيار، كان هذا الهدف الذي عمل عليه منذ فترة وتمكن من تحقيقه بعد أن فقد الفريق الآخر مقومات «الصمود». رغم ذلك، تقول مصادر باسيل انها تقدر «كل من وقف ضدنا في البداية واعاد تموضعه ولكن في النتيجة كل واحد بيشتغل بعدته». باسيل يُدرك أن «هذه العدة هي التي عززت موقعه وساهمت في تقدمه». هذه المرحلة انتهت «العين الآن على انتخابات المناطق».

المشكلة ليست
مع شخص باسيل بل في الطريقة التي استلم بها رئاسة التيار



خلال جولاته الانتخابية على المناطق، كان باسيل يتحدث عن «العمل سويا» من أجل «التيار القوي». لكن هذا كله تزعزع حين فصل خمسة أشخاص، وسط إشاعات عن فصل آخرين أيضا. لم يطبق هذا الاجراء بحق ابن شقيق عون والقيادي في «التيار» نعيم عون الذي لم يتأخر في نشر مقالات صحافية ينتقد فيها الاوضاع الداخلية للتيار الوطني الحر. الا ان هاكوب مانيساجيان، شادي انطونيوس، ميشال توفيق ابي خليل، لينا عقيقي وباتريك رزق الله لم يحالوا الى المجلس التاديبي ولم يحاول احد استيعاب غضبهم و «ردة فعلهم». وهم بطبيعة الحال ضحية الحقن والامل ببناء تيار لا يشبه التيارات التقليدية اللبنانية. تبدو المصادر مترددة في الحديث: «لا علاقة لباسيل بالامر. كان يعارض لكن الجنرال أصر». يبررون بان «الشباب ما سكتوا وما تراجعوا، بعكس نعيم الذي سكت».
ينتهي الكلام حول هذا الموضوع سريعا، «عمليا هناك مناصب وتحركات على الارض ستظهر مدى جدية باسيل».