شدد رئيس أركان الجيش الاسرائيلي بني غانتس، في مقابلة مع مجلة «المقاتل» التي تصدر عن معوقي جيش الاحتلال، على أن «من يقرر في نهاية الأمر، التنازل عن إنتاج أسلحة نوويّة، هو إيران»، مبرراً ذلك بأن الجمهورية الاسلامية «أمة كبيرة تبلغ عشرات الملايين، لديها جامعات، وقدرات اقتصادية، وقدرات علمية، وقدرات تكنولوجية، ولديها أيضاً طموحات، وبالتالي من غير الممكن سلبها إياها».
وفسر غانتس واقع إيران بأنه يعود إلى «ثقافة مُشبعة جداً»، لافتاً إلى أن الرهان القائم في هذه المرحلة هو على أن «القيادة الإيرانية هي التي ستقرر أن ثمن الالتصاق بالبرنامج النووي العسكري له ثمن مرتفع غير مستعدة لدفعه»، من قبيل العزلة الدولية وأثمان اقتصادية، وعسكرية.
في موازاة ذلك، أكد غانتس أن إيران النووية ستكون «خطرة جداً على العالم، وخطرة على المنطقة، ويوجد إمكانية لتكون خطراً أيضاً على إسرائيل»، معرباً عن ثقته بأن «العالم يفهم هذا الأمر». في المقابل، وجه غانتس رسالة قدم فيها الجيش الاسرائيلي على أنه «أكثر استعداداً، وأفضل من الماضي». ودعا الجمهور الاسرائيلي إلى عدم الدخول في «هيستيريا».
في هذه الأثناء، وبعدما انكسر حاجز السرية، تواصلت التسريبات لما دار في جلسة المجلس الوزاري المصغر أول من أمس، إذ أكدت صحيفة «هآرتس» أن عرض جهازي الاستخبارات العسكري «آمان » والخارجي «الموساد»، في الموضوع الإيراني، كان «متطابقاً تقريباً»، ولم يكن هناك أي خلافات بينهما، سواء في ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم، أو تطوير العناصر العسكرية، وصولاً إلى التأكيد أن المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي، لم يتخذ قراراً إلى حد الآن، بإنتاج القنبلة.
في المقابل، أوضحت «هآرتس» أن الخلاف الذي ساد جلسة المجلس الوزاري المصغر كان سياسياً، وحتى حزبياً، بين الوزراء أنفسهم. ولفتت إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم ينجح في هذه المرحلة في تجنيد غالبية تؤيد عملية عسكرية إسرائيلية ضد إيران في التوقيت الحالي، وأنه ليس عبثاً إلغاء نتنياهو في اللحظة الأخيرة، قبل أسبوعين، جلسة لمنتدى وزراء التسعة» للبحث في الموضوع الإيراني، للمرة الاولى منذ ستة شهور.
كذلك، أكدت الصحيفة نفسها أن نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك استشاطا غضباً مما نُشر عن مضمون جلسة المجلس الوزاري، رغم المغالطات التي تضمنه، لأنه، كشف بنظرهما، عن حقيقة وجود خلافات غير بسيطة في ما يتعلق بموقفهما من إيران.
في هذا الوقت، كشفت «هآرتس» عن أن الوزراء بني بيغن، ودان مريدور وموشيه يعلون لم يكتفوا فقط بمعارضة عملية عسكرية إسرائيلية أحادية في التوقيت الحالي، بل يبذلون أيضاً جهوداً جبارة ضد العملية في أوساط رفاقهم في الحكومة. وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن رئيس حزب شاس الوزير إيلي يشاي، لا يزال ضمن معسكر المعارضين للهجوم، وهو ما يشير إلى فشل مهمة مستشار الأمن القومي يعقوب عميدرور، عندما زار الحاخام عوفاديا يوسف قبل أسابيع، في محاولة لإحداث تغيير في موقف «شاس».
الى ذلك، أكدت «هآرتس» أن نتنياهو وباراك، رغم من أنهما لم يجمّدا إجراءاتهما في محاولة كسب تأييد الحكومة للهجوم على إيران، قلَّصاها إلى الحد الأدنى، وضمن هذا السياق يدرسان إمكان «النزول عن الشجرة» من خلال رزمة ضمانات أميركية. ولهذه الغاية يرغب رئيس الوزراء في عقد لقاء مع الرئيس الاميركي باراك أوباما، كي يحصل منه على ضمانات سرية وعلنية تسمح له بعرضها كإنجاز سياسي، كبديل عن عملية عسكرية، بحسب «هآرتس». ورأت الصحيفة أن هذه المستجدات تعود إلى اقتناع نتنياهو بأن الجمهور الاسرائيلي لا يؤيد، في هذه المرحلة، عملية عسكرية ضد إيران من دون تنسيق مع الولايات المتحدة.
هذا إلى جانب معارضة الرئيس شمعون بيريز، وتصريحات رئيس أركان الجيش الأميركي مارتن ديمبسي، حول عدم رغبته في أن يكون جزءاً من هجوم إسرائيلي على إيران، والتحفظ الكبير لدى مسؤولي الأجهزة الأمنية السابقين والحاليين، على هذا الخيار. وهو ما كبح محاولات نتنياهو _ باراك لتجنيد الرأي العام. من جهة أخرى، ذكرت تقارير إسرائيلية أن نتنياهو يدرس إخضاع كل الذين شاركوا في جلسة المجلس المصغر لآلة كشف الكذب، ولهذه الغاية التقى رئيس «الشاباك» يورام كوهين بالمستشار القانوني للحكومة يهودا فينتشاين، من أجل دراسة إمكان فتح تحقيق في هذا الأمر.