لم تمضِ أيام قليلة على اللقاء الذي جمع الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في الكرملين، حتى بدأ عناصر الأمم المتّحدة لمراقبة فضّ الاشتباك (الأندوف ــ القوّة الدّوليّة لمراقبة النّشاط العسكريّ في الجولان السّوريّ) بالاستعداد للانتشار مجدداً في الجولان، بعدما انسحبوا منذ سنة ونصف من الأراضي السوريّة بصورة مفاجئة، ما يوحي بأن موافقة الأمم المتحدة على إعادة قواتها يأتي ضمن تسويات سياسيّة تتبلور حالياً في محادثات جنيف.
ونفذ ضباط وعناصر من «الأندوف» في الأسابيع الأخيرة، جولات ميدانيّة في الشق السوريّ من أراضي الجولان، وفق صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبريّة، وتفقدوا نقاط المراقبة المختلفة التي توزعوا فيها، حتّى تاريخ انسحابهم المفاجئ في أيلول 2014.
وأوضحت مصادر إسرائيلية للصحيفة أن قوّات الأمم المتّحدة ستعيد نشر عناصرها في نقاط المراقبة، وستشارك خمس دول في عملية ترمي إلى إيجاد صيغة أو «عنوان واضح»، تتمكن إسرائيل والجهات الدوليّة المعنيّة من التوجه إليه في ظل الفوضى المنتشرة هناك.
في هذا الصدد، رأى الصحافي الإسرائيلي أليكس فيشمان، أن وجود الأمم المتّحدة في الميدان «يخلق ضمانة دوليّة معيّنة لناحية إسرائيل، يُمنع بموجبها أي نشاط عدائيّ ضدّها»، موضحاً أن ذلك سيمنع أيضاً الأمم المتحدة من التّغاضي عن أي عمليّات عسكريّة ضدّ عناصرها أو ضدّ إسرائيل.
بخلاف قضية الأمن في الجولان مقدرات نفطية كبيرة

وفي عام 2013، سحبت النمسا قرابة 400 عنصر من قواتها المنتشرة في الهضبة المحتلة، خوفاً على أمنهم، فاقترحت موسكو آنذاك إرسال جنودها كبديل من النمسويّين المنسحبين، لكنّ إسرائيل وأعضاءً في الأمم المتحدة لم يؤيّدوا المقترح، فقد رأوا أنه «دخول روسي إلى سوريا من الباب الخلفيّ».
عقب ذلك، انتشر 900 جندي من «الاندوف»، حتى بدأوا يتعرضون لهجمات وعمليات اختطاف، الأمر الذي دفع الأمم المتّحدة إلى سحب كامل قوّاتها المنتشرة في الجانب السّوريّ، ونقلها داخل فلسطين المحتلة. ومنذ ذلك الحين تحاول إسرائيل إيجاد فرصة لإعادة العناصر إلى نقاط المراقبة في الجانب السوري، فيما رفضت الأمم المتّحدة ذلك.
لكن الرئيس الإسرائيلي استغل اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا ليطرح طلبه على طاولة مضيفه الروسي في الكرملين، مشدداً على أن «إعادة مفتشي الأمم المتحدة إلى المنطقة الحدودية الفاصلة بين إسرائيل وسوريا سيؤدي إلى تحسين الوضع الأمني هناك». والهدف الذي تعلنه إسرائيل صراحة هو أن عودة هذه القوات سيجهض كل إمكانية مستقبلية لتسويات جديدة، قد تفضي إلى تحرر الجولان من القبضة الإسرائيلية، أو على الأقل، لتضمن عودة الهدوء على طول «حدودها»، خصوصاً أن رئيس وفد الحكومة السورية، بشار الجعفري، سلّم المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، قبل يومين، وثيقة من عشر نقاط، أهم ما جاء فيها هو «استعادة الجولان حتى خط 4 حزيران 1967، ومساندة الجيش السوري في محاربة الإرهاب».
ووراء سطور الواقع الأمني الذي تسعى إسرائيل إلى فرضه في الجولان، تقبع المقدرات النفطية الكبيرة التي اكتشفت العام الماضي، ومَنحت إثرها وزارة البنى التحتية الإسرائيلية قبل شهر تصاريح لشركة «آفك أويل» الأميركية للتنقيب عنها واستخراجها، وسط مطالبة جهات حقوقية عربية في الداخل لإسرائيل بالتوقف عن التنقيب، لكونه «انتهاكاً» ويُدرج ضمن جرائم الحرب، وسكان المنطقة السوريون محميون بموجب معاهدة جنيف. وبرغم أن بيع هذه المقدرات وتصديرها سيضعان إسرائيل أمام تحديات قانونية، فإنها ستجد «تصريفة» لبيعها في السوق المحلية، ما قد يُسهم في خفض الفاتورة التي تدفعها على استيراد النفط.