منذ سنوات، وفلسطين تتآكل سياسياً ويُنخر عظمها وتتجه شيئاً فشيئاً نحو نفق مظلم وحالك، وفي هذا النفق، سقط العديد من الرموز والكثير من الأبطال الذين كرسوا جلّ نضالهم الأدبي والسياسي لتحيا فلسطين. منهم من سقط شهيداً يحمل البندقية، ومنهم من سقط يحمل قلمه، ومنهم من سقط وهو يشتري هدية العيد لأولاده. كلهم سقطوا تغمرهم دماؤهم وآهات شعبهم. ماتوا في الشوارع العامة وبين الناس.
أما الآن، فنحن نمسح غبار الحرب عن أجساد من تبقى من أشباه الأبطال، وما زلنا نشعر أن باستطاعتهم الوقوف قليلاً والدفاع عن ما تبقى من إنسان وأرض، نخرجهم من حفرهم، وكتماثيل الطين نسند ظهورهم بالخشب وبأجسادنا وبكل ما أوتينا من دعاء وتسابيح، نهلل ونكبر ونقول لهم نحن خلفكم، لكن سرعان ما يهربون منا... رافعين راياتهم البيضاء.
تسقط الحكومة وتأكل نفسها بنفسها، فتبني جدراناً لقصورها لعلها تحميها من ثورة الجياع، أولئك الذين وقفوا منذ عهد أجدادهم حماة الوطن، يستشهدون ويؤسرون. وحينما عادوا لم يجدوا شيئاً سوى بعض الخيام الحديثة التي لا تتسع لأكثر من شخصين وقد مزقها الزمن وهي مخبأة في مخازن الكبار.
الشعب ما زال يقاوم. هكذا، كسر سياسيه بحبه لوطنه، ما زال هذا الوطن يخفق في قلوبهم أينما كانوا، وفي هذا الأسبوع فقط انتصرت المعلمة حنان الحروب ابنة مخيم الدهيشة كأفضل معلم على مستوى العالم من مؤسسة "فاركي فاونديشن"، في حين فازت كارولين عساف، فلسطينية أميركية من مدينة نابلس، بالمرتبة الأولى على ولاية نيوجرسي الأميركية بمسابقة طبية مع مئات الجامعات والمدارس. وتأهلت للمرحلة الأخيرة في ولاية تينيسي بمدينة ناشفيل التي ستكون على مستوى العالم.
وقد فاز كل من المصور الفلسطيني خالد السباح بالمرتبة الأولى بجائزة "HIPA" للتصوير في محور الأب والابن، والمصور الفلسطيني صابر نورالدين بالمرتبة الخامسة لنفس المسابقة وذات المحور.
وقد فازت الدكتورة الفلسطينية هناء فوزي أبو العساكر، المقيمة في بريطانيا، بجائزتين تقديراً لجهودها في نشر مفهوم البحوث السريرية للتغلب على مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها من المشاكل الصحية. وحصلت الدكتورة أبو العساكر على الجائزتين في حفل الحدث التعليمي، الذي تنظمه مؤسسة (AWARE for ALL) البريطانية، في مدينة كامدن البريطانية. وكان قد ترشح للجائزة العديد من المنظمات والمؤسسات البريطانية والأميركية والأوروبية المتخصصة في هذا المجال.
هذه الإنجازات الفردية ما هي إلا مقاومة تجدد نفسها بالوعي والثقافة والحب، وتعيد الى فلسطين حضورها من دون حاجتها الى السياسيين وطبقتهم الفاسدة المفسدة بأغلبها، وهي تشرع الدفاع عن حقوقها بعيداً عن كل الخراب الذي يحيط بها من المتأسلمين.