قدمت المؤسسة الاستخبارية الإسرائيلية تقديرها السنوي حول الوضع الجيواستراتيجي لإسرائيل خلال جلسة طويلة عقدها المجلس الوزاري الأمني المصغر ليل الثلاثاء، في مقر الموساد. وتناول التقدير أحوال الساحات المحيطة بإسرائيل وفقاً لمعيار رئيس هو التهديد الذي يمثّله كل منها على الأمن القومي الإسرائيلي. وانتهى في المجمل إلى خلاصة مفادها أن الوضع الاستراتيجي لإسرائيل ازداد توطداً خلال العام المنصرم، انطلاقاً من تدهور الأوضاع الداخلية للأعداء الفعليين والمحتملين لتل أبيب، وتراجع عناصر قوتهم تبعاً لذلك.
ووفقاً لما تسرّب عبر وسائل إعلام إسرائيلية، فإن التقدير، الذي يخضع كوثيقة للتصنيف السري، أشار على وجه الخصوص إلى ضعف الجيش العراقي المستمر منذ سنوات، والضرر الجوهري الذي أصاب القدرات الكيميائية والبالستية السورية، وتورط حزب الله في القتال داخل سوريا ووجوده في مواجهة مع عناصر إرهابية إسلامية داخل لبنان، إضافة إلى انكباح تنامي قوة الجيش المصري المشغول خلال العامين الماضيين بالشؤون الداخلية.
وأفرد التقدير قراءة خاصة لكل ساحة على حدة. ورأى في الشأن الفلسطيني أن الرئيس محمود عباس يستفيد من العملية السياسية ومن الوضع الذي تتيحه له المفاوضات، لكنه شكّك في قدرته على اتخاذ قرار حاسم بالتوقيع على اتفاقية تاريخية. وحول غزة، رأى التقدير أن حماس تواصل سيطرتها هناك بالقوة وتمنع زعزعة سلطتها رغم عدم رضا جمهور القطاع عن الوضع السائد فيه.
وفي ما يتعلق بسوريا، لفت التقدير الاستراتيجي السنوي إلى أنه تم تفكيك نحو 50 في المئة من السلاح الكيميائي الذي تمتلكه، فيما تراجعت قوة الجيش السوري بشكل دراماتيكي «إلى درجة أن هناك من يقول إنه إذا كان الجيش الإسرائيلي يحتاج قبل عامين إلى أسبوع أو أكثر ليصل إلى دمشق في الحرب، فإنه اليوم قادر على القيام بذلك خلال ساعات أو أيام قليلة على أكثر تقدير».
وأشار التقدير إلى أن نحو نصف الجيش السوري لم يعد موجوداً تقريباً، كذلك تعرضت قدرات الدفاع الجوي الخاصة به للأضرار. وتبعاً لذلك، فإن «الخطر الذي تشكله هذه الساحة على إسرائيل منخفض، لكن مع ذلك، فإنه بسبب الفوضى في سوريا تنامت قوة المنظمات الإرهابية التي رغم أنها غير قادرة على تهديد إسرائيل استراتيجياً اليوم، بإمكانهم التسبّب بتشويش جدول أعمالها الطبيعي».
وبالانتقال إلى مصر، رأى التقدير أن الجيش المصري يحاول فعلاً محاربة القاعدة في سيناء، إلا أن قدراته العملياتية والاستخبارية منخفضة، ولذلك فإن محاربته ليست فعالة. وفي المقابل، أدى انشغال الجيش المصري بالأوضاع الداخلية غير المستقرة خلال العامين الماضيين إلى لجم مسار تعاظمه الذي ميّز الأعوام السابقة على الثورة.
أما الوضع اللبناني، فنظر التقدير إليه من زاوية وضع حزب الله الذي «ترتفع وتيرة المواجهات بينه وبين منظمات إرهابية معادية، وثمة خشية من أن يؤدي هذا الوضع المتفجر إلى مواجهة واسعة النطاق داخل الدولة». وعن مشاركة الحزب في القتال داخل سوريا، رأى التقدير أن «حزب الله في أفضل أحواله، حتى إن وضعه أفضل من وضع الجيش السوري» الذي تعرضت وحداته وبطارياته للإضرار خلال العامين الماضيين.
وعن الساحة الإيرانية، أكد التقدير أن الجمهورية الإسلامية تحولت إلى العدو الرقم واحد بالنسبة إلى إسرائيل في الشرق الأوسط، وهو العدو الأخطر بسبب برنامجه النووي. ورأى التقدير أن طهران لن تخرق اتفاق جنيف الذي وقعته مع دول 5+1، وتالياً سوف يكون برنامجها النووي في حالة جمود.