من على منبر الأمم المتحدة، أعلن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، أن ايران التي ترفع راية إزالة دولة اسرائيل تشكل تحدياً لمستقبلها وآمالها، مذكرا بأن الجمهورية الاسلامية قامت بقطع «العلاقات التاريخية» بينهما منذ انتصار الثورة في العام 1979، واستبدلت ذلك بصرخات الموت لاسرائيل.
وفي خطاب استمر نحو 32 دقيقة، خصص نتنياهو 25 منها لتقديم ما يشبه «المرافعة الاتهامية» ضد النظام الإسلامي، مركّزاً هجومه على شخص الرئيس الشيخ حسن روحاني، عبر «نبش» الأدوار والمناصب التي كان يتولاها.
وبالرغم من أن كلمته لم تحمل جديداً، وإنما شكلت تكراراً منظماً للأدبيات الاسرائيلية، حاول أيضاً فرض حضور العامل الاسرائيلي على أطراف التفاوض، كجزء من أوراق الضغط على ايران، عبر التلويح بالخيار العسكري، مضيفاً أن اسرائيل «ستواجه ايران حتى لو بقيت وحدها».
وحاول نتنياهو مواجهة «دبلوماسية الابتسامات» التي يعتمدها روحاني، باستعراض المناصب والمهمات التي قام بها خلال الفترة التي سبقت توليه رئاسة الجمهورية، مؤكدا أنه لا يختلف عمن سبقه في المنصب، الرئيس محمود أحمدي نجاد، وتساءل «عما حوَّل روحاني الى شخص مقبول؟»، لافتاً الى انه «كان يترأس مجلس الأمن القومي، عندما قامت إيران بقتل 85 يهودياً في بيونس آيرس، عام 1994 و19 جنديا اميركيا في الخبر السعودية» وانه «هو الذي قاد الاستراتيجية التي سمحت لإيران بالتقدم في برنامجها، من وراء ستار دخاني».
وهاجم نتنياهو إيران أيضاً على خلفية تأييدها للرئيس السوري بشار الأسد، مُحمّلاً إياها المسؤولية عن موجة العنف التي شهدها العالم والمنطقة، خلال الثلاثين سنة الأخيرة.
وتوجه الى الحضور بالسؤال عما اذا كانوا يصدّقون بأن «ايران التي تبني منشآت تحت الأرض لا تريد إنتاج سلاح نووي وأنها تريد من برنامجها الحصول على الطاقة لأغراض سلمية؟». وتساءل أيضاً «لماذا دولة تريد السلام، وتطور صواريخ باليستية لحمل رؤوس نووية؟»، مضيفاً أن «هذه الصواريخ يتم بناؤها لهدف واحد فقط، لماذا تقوم بكل ذلك؟ الجواب بسيط، ايران لا تبني برنامجاً نووياً مدنياً، وانما تطور سلاحاً نووياً».
ورأى نتنياهو أن «الطريق الوحيد لمنع ايران من امتلاك سلاح نووي بالطرق السلمية هو تهديد عسكري ذو صدقية مقروناً بعقوبات ذات مصداقية». وأكد أن «هذا الدمج بين الأمرين سيؤدي الى الإضرار بايران اقتصادياً»، ومحذّراً من أن روحاني «يريد ازالة العقوبات من دون التخلي عن البرنامج النووي واستراتيجيته لتحقيق هذا الهدف، هي الابتسامات، ودفع ضريبة شفهية، والتحدث عن السلام والديموقراطية». ولفت الى ان «التكتيك الذي يتبعه هو اقتراح أمور تفتقر الى المعنى. على ان يبقى لدى ايران المواد النووية الكافية من أجل مواصلة السباق باتجاه صناعة القنبلة في الوقت الذي تختاره».
وقال نتنياهو انه يدرك أن «هناك في المجتمع الدولي من يعتقد بأني أبالغ، بالحديث عن التهديد الذي تشكله ايران النووية»، لافتاً الى أننا «نسمع الصرخات من ايران (بشعارات) الموت لأميركا، والموت لاسرائيل، والدعوات الى ازالة اسرائيل»، مشددا على أن «من يعتقد بأن هذه مجرد كلمات لم يعتبر من التاريخ».
وفيما اعتبر نتنياهو أن الحل الدبلوماسي الوحيد، هو ذاك الذي يؤدي الى تفكيك تام للبرنامج النووي الايراني»، حذر، في ما يتعلق بامكانية السماح لايران بالتخصيب لدرجة 3 في المئة فقط، من أن «من يخصّب الى هذه الدرجة قادر على التخصيب الى درجات عالية».
وهدد نتنياهو بأن اسرائيل «لن توافق مطلقا» على امتلاك ايران سلاحاً نووياً، خاصة وأنها «تهدد بمحونا عن الخارطة»، مضيفاً انه في مواجهة تهديد كهذا، «لن يكون امام اسرائيل خيار الا الدفاع عن نفسها». واضاف «من اجل ان لا تكون حيرة اذا ما اضطرت اسرائيل للوقوف وحدها، وهي ستقف وحدها، وعندما نقف وحدنا نعلم بأننا ننقذ حياة آخرين كثيرين».
وتناول نتنياهو ايضاً، المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، معبّراً عن امله بأن ينتهي النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، ومعلناً عن «التزامه بحل تاريخي» لكنه اضاف أن «احداً لا يوهم نفسه بأن هذا الأمر سيكون سهلاً».
وكانت صحيفة «معاريف» قد ذكرت ان «خلف الابتسامات التي أظهرها اوباما ونتنياهو امام الكاميرات، فوارق جوهرية بين الولايات المتحدة واسرائيل، حول كيفية معالجة البرنامج النووي الايراني». اذ يخشى نتنياهو من ان تكون الخطوة التي يقودها الرئيس الاميركي كفيلة بأن تؤدي الى رفع العقوبات عن ايران، فيما «السيناريو الأخطر هو التوصل الى تسوية يسودها الخلل تسمح للايرانيين بخداع العالم مثلما فعلت كوريا الشمالية، التي توصلت الى تسوية مع الغرب لكنها اكملت برنامجها سراً للوصول الى قنبلة نووية».
ورأت «معاريف» ان احدى «الفجوات الكبرى التي ظهرت بين الزعيمين خلال لقائهما في البيت الأبيض، والذي استغرق اكثر من ثلاث ساعات، كانت حول طلب نتنياهو أن تعلق ايران برنامجها النووي أثناء المفاوضات، واذا لم تفعل ذلك ينبغي تشديد العقوبات المفروضة». واعتبرت الصحيفة ان «نجاح الزعيمين تمثل بعدم الكشف عن خلافاتهما امام الكاميرات».