بعد ساعات من الانتظار والتفاؤل باحتمال قبول «المحكمة العليا الإسرائيلية» طلب الصحافي الفلسطيني محمد القيق، المضرب عن الطعام منذ 85 يوماً، نقله إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، أعلنت المحكمة رفضها طلبه بعدما كانت قد أرجأت النظر في قضيته، عقب مماطلة طوال يوم أمس، وفي ظل اجتماعات فردية عقدها القضاة مع النيابة العامة الإسرائيلية وممثلين عن أجهزة المخابرات خلال الأيام الماضية للبحث في طلبه.
وكان من المقرر أن تعيد المحكمة النظر في نقل القيق إلى مجمع فلسطين الطبي، وذلك بعد رفضه اقتراحها نقله إلى مستشفى المقاصد في القدس المحتلة.
مدير الوحدة القانونية في «نادي الأسير»، المحامي جواد بولس، أكد أن القيق وافق على وضع رقابة أمنية فلسطينية عليه في المستشفى في رام الله بهدف تبديد الادّعاء الإسرائيلي بأنه يشكل خطراً، وقال: «عرضنا على المحكمة أن يعالج محمد في رام الله في مجمع فلسطين الطبي، وقدمنا ما يكفي من ضمانات بأنه لا يشكل خطراً على إسرائيل كما تدّعي».
«إذا لم تتحركوا الآن فلن أقبل عزاءكم عندما يستشهد محمد»

في المقابل، أعلن القضاة الإسرائيليون رفضهم تعليق الاعتقال الإداري للقيق، وطالبوا ببقائه في مستشفى العفولة للعلاج، ما يعني أنه عند تحسّن صحته يصير للنيابة العامة أن تعيد اعتقاله إدارياً.
وأضاف بولس: «لم يسبق أن عقدت المحكمة العليا أربع جلسات مطولة حول قضية اعتقال إداري.... هذا يدل على الأزمة التي واجهت القضاة في هذا الملف».
وكانت «هيئة شؤون الأسرى» قد حذرت من الوضع الصحي المأساوي الذي يعيشه القيق حالياً، وحذرت من تدهور صحته في الساعات المقبلة.
أما رئيس «نادي الأسير»، قدورة فارس، فقال إن «المؤشرات كلها تدل على أن سلطات الاحتلال تعاملت بشكل مختلف مع قضية محمد مقارنة بزملائه السابقين الذين خاضوا إضرابات عن الطعام، فهناك تعنّت وتشنّج واضحان، وكان ذلك واضحاً في سلوك المؤسسات الإسرائيلية، بل ألقت كل مؤسسة بالقضية في حضن الأخرى».
وأضاف قدورة: «كانوا يخشون أن يتخذوا قراراً، سواء كان إيجابياً أو سلبياً... وقرار الرفض اليوم (أمس) هو قرار إعدام بحق الأسير».
على المنوال نفسه، رأى وزير الأسرى السابق، عيسى قراقع، أن سلطات الاحتلال تريد قتل القيق، وما يمر به حالياً هو «تعذيب مميت وقرار إعدام». وأضاف: «الفيديو الذي نشر للقيق وهو يتعرض لنوبات وتشنجات وضرر في كافة جسده يدل على أن من الممكن أن يفقد حياته في أي لحظة!».
ورأى قراقع أن قرارات ما تسمى المحكمة العليا، التي تستجيب لطلب النيابة العسكرية الإسرائيلية، تمثل موقف الحكومة الإسرائيلية القاضي بعدم الافراج عن القيق وإلغاء الاعتقال الإداري، بل حتى نقله من مستشفى إلى آخر، وهذا «قرار إعدام». وأشار كذلك إلى أن «المحكمة الإسرائيلية العليا وافقت على طلب نقل الأسير من مستشفى العفولة إلى المقاصد، ولكن القيق رفض ذلك وأصرّ على إلغاء الاعتقال الإداري ونقله إلى مجمع فلسطين الطبي، وهو ما رفضته المحكمة العليا».
ولم ينف قراقع وجود تدخلات دولية، لكنها لا تزال دون المستوى المطلوب، مضيفاً أن «هذا التدخل لم يقدّر حجم المأساة والكارثة التي يتعرض لها الأسير القيق بصفته إنساناً قبل أي شيء، فقد اقتصرت التدخلات على اتصالات مع الجانب الإسرائيلي... لم يكن هناك موقف حقيقي وضاغط، وإلا ما انتظرنا 84 يوماً من الألم والوجع اللذين يعانيهما القيق».
في السياق، تخوّفت محامية «هيئة شؤون الأسرى والمحررين»، حنان الخطيب، من التدهور الكبير الطارئ على الحالة الصحية للأسير القيق الذي يعاني من نوبات حادة في صدره وتشنجات كاملة في يديه، و"اخدرار" مؤلم في وجهه وجسده. وأضافت الخطيب في تصريح من مستشفى العفولة حيث يرقد القيق، إن «محمد يصرخ بصوت عالٍ جداً وينادي سمعوني صوت ابني... طوال إضرابه لم أره بهذه الحالة، والوضع مؤلم ومحزن وفي غاية الخطورة».
أيضاً، قالت فيحاء شلش، وهي زوجة الأسير القيق، تعليقاً على الفيديو الذي نشر لزوجها: «كأنه يودع الحياة، ويقول لأصحاب الضمائر الميتة، ولهذا العالم الذي تجرد من الإنسانية، إني ذاهب إلى ربي حراً عزيزاً مكرماً». وكانت شلش قد وجّهت كلامها للفصائل الفلسطينية قائلة: «إذا لم تتحركوا الآن، فلن أقبل عزاءكم عندما يستشهد محمد... لا داعي لأن تقدموا العزاء، فجوهر وجودكم حماية وجودنا».
وفور إعلان الرفض الإسرائيلي نقل القيق إلى رام الله، أعلن رئيس «الحركة الإسلامية في أراضي 48»، رائد صلاح، وعدد من الناشطين إضرابهم المفتوح عن الطعام إلى حين إطلاق القيق. وكان عشرات المتضامنين قد شاركوا كذلك في وقفة تضامنية في مختلف المدن مع الأسير.
إلى ذلك، طالبت «الهيئة القيادية العليا لأسرى حركة حماس» الأسرى كافة بـ«التأهب والجاهزية الكاملة لأي مفاجأة قد تطرأ على حالة القيق»، محذرة «مصلحة السجون التي هي جزء من مؤسسات الاحتلال، وهي مسؤولة كغيرها، سواءً بسواء، عن أي مساس بحياة القيق».