غزة | اليوم، إسبانيا تدخل المزاد العلني للتذكير بفلسطين، وككل مرّة يُعترف فيها بهذا المنوال، يسأل المرء نفسه عن شعور يجدر أن يُخالجه تلك اللحظة: هل يُسرع لشكر الإشتراكيين الإسبان على مجهودهم الخرافي في تحريض دولتهم على الإنضمام للدول الأوروبية الأخرى المقرّة بذلك فعلًا؟ أم تسلب قلبه ذكريات عروبته في قرطبة الفائقة الجمال، تلك التي لم تزل تحتضن تراثها الاسلامي هناك؟ ولأنّ ظروف الواقع الفلسطيني لا ولن يسمح بالسرحان طويلًا، وبالأصل ليس هناك متسّع زماني ولا مكاني لهذا الترف كما يعلق ساخرا صديقي العراقي مروان.
هذا الصديق الذي هبّ لحظة اعتراف اسبانيا بفلسطين، مباركًا لي هذا التحرك الدولي الجديد. جائتني مباركته تلك في رسالة واتساب مؤثرة، حتى أنني لحلاوتها أعدت قراءتها عشرات المرّات، وبالذات لكونها تستمد وقعها وقوة تأثيرها من عروبة صاحبنا البغدادي. رغم أنّها وفي محتواها تُهين تاريخ فلسطين النضالي، كونها تظهر الفلسطيني وكأنّه بحاجة لمن يذكره أنّه موجود فعلًا، وأنّه يملك أرضًا وشعبًا وتراثًا كباقي البلدان، كأنّه لم يُضحي بشهدائه واحدًا تلو الآخر فداءًا لأرضه المغتصبة ولم يزل يفعل، كأنّه يؤمن بقناعات غير منطقية، ولإنسانيته حان الوقت لمكافأته بشهادات علنية يخرج بها برلمانيون شقر من قلب أوروبا الناعمة المترفة! ومقابل كل هذا يجدر أن ترتسم إبتسامة الرضى على وجه الفلسطينيين، استبشارًا وأملًا بفلسطين الموعودة! بل أنني أحيانًا كثيرة أحسب أنّ العالم بأسره بحاجة ماسّة أن تبقى قضية فلسطين وغيرها من القضايا عالقة هكذا أبدًا، كي تتبنّاها الحركات الثوريّة العالمية وتبني عليها ديمقراطياتها البرلمانية المزعومة!