برغم أن عمليات التطويق والاعتقالات أمر يومي في الساحة الفلسطينية، فإن فرض جيش العدو الإسرائيلي الحظر شبه التام على مدينة رام الله التي تمثل عاصمة السلطة الفلسطينية، يجعل لهذا الحدث الأمني رسائله السياسية والأمنية على حد سواء. وما يعزز خصوصية هذه الإجراءات أنها المرة الأولى منذ اندلاع «انتفاضة القدس» قبل عدة أشهر، التي تبادر فيها إسرائيل إلى خطوة كهذه. وبررت تل أبيب إجراءاتها، كما صدر على لسان مصدر عسكري إسرائيلي، بأنها غير مرتبطة بالعملية التي نفذها ضابط من الأجهزة الأمنية في «بيت ايل» قبل يومين، بل لوجود عدة إنذارات في المنطقة، وعمليات إطلاق النار لم تعرف ظروفها حتى الآن.
رفض يعلون فكرة أن عملية سكري تعطي انطباعاً عاماً عن أجهزة السلطة

وتأتي خطوة فرض الحظر على رام الله في ظل سجالات داخل الساحة الإسرائيلية والحكومة، حول الخيارات الواجب اتباعها إزاء الانتفاضة المستمرة منذ عدة أشهر؛ بين من يدعو إلى خطوات متطرفة، وآخرين يؤكدون ضرورة الفصل بين منفذ العمليات والجمهور الفلسطيني، والابتعاد عن تبني سياسة العقاب الجماعي، حتى لا يتسع نطاق الانتفاضة. لكن انضمام أشخاص من أجهزة السلطة إلى منفذي العمليات رفع مستوى القلق والتوتر لدى القيادة الإسرائيلية، خاصة أن اتساع نطاق العمليات في هذا الاتجاه يشير لدى القيادة الإسرائيلية إلى أن مسار الانتفاضة هو تصاعدي، وأن المقبل من الأيام قد يحمل المزيد من الخسائر الإسرائيلية المؤلمة، مع الإشارة إلى أن هذه الخطوة تتعارض مع ما كان قد أعلنه رئيس أركان الجيش، غادي ايزنكوت، في كلمته أمام مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي، بأن «فرض حظر التجوال والحصار سيشكلان خطأً جسيماً، لأنهما ضد المصالح الإسرائيلية».
وفي محاولة لتبرير هذه الخطوة، استنكر المتحدث باسم رئيس حكومة العدو باللغة العربية، أوفير جندلمان، خطوة حركة «فتح» بإصدارها بياناً نعت فيه الضابط الفلسطيني أمجد سكري، وقد صدر البيان بالعبارات الآتية: «نزفّ إلى العُلا الشهيد البطل أمجد جاسر أبو عمر»، ووصف عمليته بأنها «عملية بيت إيل البطولية». وأدان جندلمان أيضاً الشرطة الفلسطينية لوصفها منفذ العملية بأنه «الشهيد البطل».
في المقابل، أكد وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعلون، خلال حديثه إلى الاذاعة الإسرائيلية، أنه خلال المحادثات التي جرت ليلاً بين أجهزة الأمن الإسرائيلية والفلسطينية، تنصل الجانب الفلسطيني من عملية إطلاق النار التي تعرض لها الجنود الإسرائيليون. وقال يعلون: «هذه ليست سياسة الفلسطينيين، ولكن بالتأكيد نطالبهم بتقديم تفسيرات وتفتيش موظفي الأمن الوقائي وحاملي الأسلحة لديهم». وأضاف: «عندما يخرج 120 ألف عامل فلسطيني للعمل كل يوم، سيشكل هذا عامل كبح ومصلحة إسرائيلية».
وأوضح الوزير الإسرائيلي أن الفلسطينيين يأملون دوماً عيش حياة كريمة، لذلك إن «احتمال شنّ الهجمات سينخفض». مع ذلك، أكد يعلون قدرة جيشه بالتعاون والتنسيق مع السلطة، على القضاء على انتفاضة القدس، لكنه استدرك بأن «هذا لا يعني نهاية النزاع مع الفلسطينيين». وشدد، أيضاً، على أن عملية «بيت إيل» التي نفذها الضابط الفلسطيني، لا تعطي طابعاً عاماً عن الأجهزة الأمنية ككل، مشيراً إلى أن «أجهزة أمن السلطة تواصل التعاون الأمني» مع جيش العدو حتى اللحظة.