يُعدّ الاتفاق بين حزبَي «الليكود» و«نوعم»، الثاني في درْب تشكيل الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، بعد الاتفاق الأوّل بين نتنياهو و«عوتسماه يهوديت» (القوّة اليهودية)، الذي سيتولّى زعيمه إيتمار بن غفير وزارة الأمن الداخلي. وعلى رغم العاصفة التي أثارها تعيين الأخير، والتقديرات التي استتبعها بشأن احتمال تَفجّر الأوضاع الأمنية على خلفيّة الخطوات التي يستعدّ لاتّخاذها عقب تَسلّمه المنصب رسمياً، لا تبدو «عاصفة معوز» أقلّ صخباً، وخصوصاً لناحية تداعيات تسليمه «سلطات جديدة على الأجيال الإسرائيلية الناشئة». بموجب الاتّفاق الأحدث، مَنح نتنياهو، عضو «الكنيست» اليميني المتطرّف المناهِض لـ«مجتمع الميم»، منصب نائب وزير ورئيس وكالة حكومية جديدة منبثقة عن مكتب رئيس الوزراء؛ إذ أعطاه صلاحيات واسعة في المدارس الإسرائيلية، وميزانية سنوية وحقوق توظيف في «هيئة الهوية اليهودية القومية» التي سيديرها ماعوز، والتي على ما يبدو ستكون أقرب إلى «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» بنسخة يهودية. وبحسب نصّ الاتّفاق، فإنه سيكون لـ«الهيئة» حق التدخّل في المضامين التي تُدرَّس خارج المناهج العادية في المدارس الإسرائيلية، على أن يبدأ عملها بعد شهر واحد من تشكيل الحكومة. وأَخرج هذا التعيين، الوزيرة المنتهية ولايتها شاشا بيطون، عن طوْرها، فوجّهت انتقادات حادّة إلى خطوة نتنياهو، ولا سيما أن ماعوز سيكون مسؤولاً عن المنهاج الخارجي والشراكات، ومن ضمنها الجمعيات والهيئات التي تصل للتدريس في المدارس، وإلقاء المحاضرات، وتقديم ورش العمل والأيام الدراسية (وهي أنشطة لامنهجية). ومن المفترض أن تنطلق «الهوية اليهودية» بميزانية سنوية تصل إلى 100 مليون شيكل (حوالي 30 مليون دولار أميركي)، قبل أن ترتفع لاحقاً لتصل إلى 150 مليون شيكل (حوالي 44 مليون دولار)، فضلاً عن ميزانية مخصَّصة لتعيين 15 موظّفاً، ومن ضمنهم ثلاثة مستشارين قانونيين.
سيكون لماعوز حق التدخّل في المضامين التي تُدرَّس خارج المناهج العادية


اللافت في الاتفاق، أنه لا يوضح بالضبط حدود صلاحيات الهيئة وماهيّة عملها؛ إذ يكتفي بوصفٍ فضفاض مفاده أن مهمّتها تتركّز على «تقوية الهوية اليهودية القومية وتعزيزها في كل الأنظمة العامة». ولذلك، ليس واضحاً ما إنْ كانت صلاحياتها ستطاول مجالات أبعد من التربية والتعليم، على أنه من الجليّ إلى الآن أن منظّمة «ناتيف» المسؤولة عن إدارة عملية استجلاب اليهود من الاتحاد السوفياتي السابق، ستصبح واقعة تحت سيطرة ماعوز، علماً أنها هي التي تحدّد مَن هم اليهود المؤهَّلون للهجرة، ومن ضمنهم من لهم جدّ يهودي واحد على الأقلّ، ولا يعتنقون ديناً آخر غير اليهودية. وعلى الرغم من تعهّده باحترام قوانين الهجرة، إلّا أن ماعوز معروف بتشدّده تجاه استخدام غير اليهود لـ«قانون العودة» إلى الكيان.
إزاء ذلك، رأت وزيرة التربية المنتهية ولايتها أن «رجلاً إيمانه الكراهية سيكون مسيطراً على المضامين التي يتعلّمها أطفالنا. إنه (ماعوز) يعتنق آراءً سوداء، وهو مَن سيحدّد حتى الأطراف التي تعلّم المحتويات والمضامين لأطفالنا». وإلى شاشا - بيطون، انضمّ الحاخام اليهودي «الإصلاحي»، جلعاد كاريف، الذي كتب على صفحته في موقع «تويتر» أن «نتنياهو يمنح كاره النساء والمثليين موطئ قدم في المدارس الإسرائيلية»، مطالِباً المعلّمين بالاحتجاج على ذلك. وعلى رغم هذه الانتقادات، يتابع نتنياهو طريقه صوب كرسيّ رئاسة الوزراء، متجاهلاً النداءات التي تطالبه باستخدام «المكابح» حفاظاً على بعض ما تبقّى من دوائر مشتركة بين «المجتمعات» الإسرائيلية المتناحرة. وفي سبيل عودته إلى القمّة، يُنتظَر أن يوقّع أيضاً اتفاقيات إضافية مع مَن تبقّوا في كتلته، وفي مقدّمتهم حزب «الصهيونية الدينية» برئاسة بتسلئيل سموترتش، والأحزاب «الحريدية» (اليهودية المتشدّدة).