يبدو أن سلطات العدو لم تَعُد تحتمل واقع الاستنفار الذي بات يستنزف قدرات جيشها وأجهزتها الأمنية في الأراضي المحتلّة، على خلفيّة تقديرات لديها بتصاعد موجة العمليات الفلسطينية ضدّ جنودها ومستوطِنيها، فقرّرت تنفيذ «بروفة» اجتياح في مخيّم جنين، تأْمل أن تؤدّي إلى ردع المقاومين، لا في هذه المدينة فحسب، بل وأيضاً في نابلس والخليل وغيرهما من مدن الضفة المشتعلة بحالة الاشتباك. ومع أن أن جيش الاحتلال خرج من هذه الجولة بحصيلة خفيفة عليه، ثقيلة على الفلسطينيين، إلّا أن وضع الحدث في سياقه الأعمّ، والذي يقول إن المعادلة التي كافحت إسرائيل طيلة السنوات الماضية لإرسائها بهدف تنْسية الفلسطينيين أرضهم وقضيّتهم وهويّتهم باتت غير ذات صلة، ينبئ بأن عدوان الأمس سيكون له مفعوله العكْسي بالنسبة للاحتلال. إذ لن يؤدّي، على الأرجح، إلّا إلى تعميق المعضلة التي يعيشها الأخير، وعنوانها فشل استراتيجيات الترويض كافّة، على رغم إصرار تل أبيب إلى الآن على إنكار هذا الفشل، وتلقيّها مدداً من الأنظمة العربية المُطبّعة في الاستغراق في حالة الإنكار تلك