يجمع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (87 عاماً)، ثلاثة أعلى مناصب قيادية في حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية و«منظّمة التحرير». مناصبُ يتنافس عليها عددٌ من قادة «فتح»، يرى كلّ منهم أنه الأحقّ في خلافة عباس، فيما يعتقد البعض أن تركة الأخير يجب ألّا تؤول إلى شخص واحد، في ظلّ تَغيّر الظروف التي أدّت إلى تَحقُّق سيناريو «الاحتكار» عقب وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات. في ما يلي، إضاءة على أبرز خمس شخصيات «فتحاوية» مرشّحة لـ«الخلافة»
حسين الشيخ


بات حسين الشيخ الشخصية الأبرز داخل حركة «فتح» أخيراً، بعد تعيينه عضواً لـ«اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير»، واختياره أميناً لسرّ اللجنة، فضلاً عن قُربه من عباس والثقة العالية التي يمحضه إيّاها الأخير. ويُعدّ الشيخ المستشار الأوّل لرئيس السلطة، الذي يُشاركه «أبو تالا» أفكاره نفسها، ويحظى - كما «أبو مازن» - بقبول إسرائيلي وأميركي. وباعتباره رئيساً لـ«هيئة الشؤون المدنية» (المسؤولة عن التنسيق المدني بين الفلسطينيين والإسرائيليين)، يرتبط الرجل بعلاقات واسعة مع مختلف المستويات في دولة الاحتلال، التي كان أصلاً المسؤول عن إعادة العلاقات معها عام 2020، بعدما انقطعت جزئياً على أثر اقتطاع تل أبيب جزءاً من أموال المقاصّة التابعة لرام الله. ويحظى الشيخ بسطوة على جميع المسؤولين في «فتح» والسلطة، والذين يتجنّبون إغضابه، بالنظر إلى أنه المسؤول عن إصدار تصاريح «VIP» للسفر والتنقّل والعلاج و«السياحة» داخل دولة الاحتلال. ويكوّن «أبو تالا»، مع ماجد فرج، ثُنائياً ذا فعالية عالية بالنسبة لمختلف قيادات السلطة (الأخير على المستوى الأمني)، ما يجعلهما الأوفر حظّاً لوراثة «أبو مازن».

جبريل الرجوب


من مواليد بلدة دورا عام 1953. قضى 17 عاماً في سجون الاحتلال لإلقائه قنبلة يدوية على سيارة عسكرية إسرائيلية، وقد تمّ إطلاق سراحه عام 1985، ضمن صفقة تبادل للأسرى نفّذتها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة». إثر ذلك، عاد إلى الضفة الغربية بعد «اتفاقات أوسلو» عام 1994، حيث أصبح رئيس جهاز الأمن الوقائي هناك، أكبر جهاز أمني للسلطة، ما استتبع علاقات قوية بينه وبين دولة الاحتلال. ويمتلك الرجوب العديد من عناصر القوة التي تؤهّله للتنافس على خلافة عباس، منها عضويّته في «اللجنة المركزية لحركة فتح» وتولّيه أمانة سرّها، وكونه مسؤولاً أمنياً سابقاً، ورئاسته «اتحاد كرة القدم»، وتولّيه الملفّ الرياضي الفلسطيني عموماً، والذي ما فتئ يستثمره من أجل إظهار «اعتداله» أمام دولة الاحتلال؛ إذ دعا، في عام 2012، وبصفته رئيساً لـ«اللجنة الأولمبية الفلسطينية»، إلى الوقوف دقيقة صمت لتَذكُّر 11 رياضياً إسرائيلياً قُتلوا في الألعاب الأولمبية الصيفية على يدِ مقاومين فلسطينيين في عام 1972.
ويرى الرجوب أنه يمتلك تأييداً داخل حركة «فتح» أكثر من منافِسيه الآخرين، فيما تُعتبر مواقفه «طيّبة» بالنسبة لإسرائيل، ومُساوِقة لمواقف رئيسه عباس.

توفيق الطيراوي


من مواليد بلدة الطيرة عام 1948. هو مسؤول أمني ساهم في تأسيس جهاز المخابرات. وفي أواخر آب 2007، عُيّن رئيساً لجهاز المخابرات العامة الفلسطينية برتبة لواء، من قِبَل عباس. لكنه سرعان ما أُقيل في 21 تشرين الثاني 2008، حيث اعتَبر أن إقالته «جاءت بناءً على رغبة أميركية - إسرائيلية»، ورَفض تعيينه مستشاراً أمنياً للرئيس برتبة وزير، مُعتبراً ذلك «منصباً شكلياً». وفي مؤتمر «فتح» السادس بتاريخ 12 آب 2009، أصبح الطيراوي عضواً في «اللجنة المركزية» للحركة، وتقلَّد منصب المفوض العام لـ«المنظّمات الشعبية» فيها إلى حين استقالته من هذا الملفّ عام 2011، ليتسلّم في عام 2013 منصب «المفوض العام للتعبئة الفكرية والدراسات». وهو يرأس، أيضاً، اللجنة الوطنية الخاصة بالتحقيق في ظروف وفاة عرفات، والتي شُكِّلت عام 2009. يرى الطيراوي أن احتمال انهيار السلطة بعد رحيل عباس وارد، بالنظر إلى أن أجنحة «فتح» لن تتّفق على شخص واحد تُسلّمه زمام الأمور كافّة كما هو الحال اليوم، فيما يبدو أن إمكانية إقدامه على خطوات صدامية ضمن صراع الخلافة غير مستبعَدة. وفي عام 2020، ذكرت مصادر عبرية أن السلطة اعتقلت مجموعة من الأسرى المحرَّرين من «فتح» على علاقة بالطيراوي، كانوا ينوون اغتيال ماجد فرج. وفي العام نفسه كذلك، وزّع مسلّحون من «فتح»، بتوجيهات من فرج، بياناً يهاجم توفيق، ويتّهمه باختلاس الأموال والتطاول على الأجهزة الأمنية بعد اقتحامها منازل أسرى محرَّرين في الضفة.

محمود العالول


اختير محمود العالول، في 15 شباط 2017، نائباً لمحمود عباس في قيادة حركة «فتح». ووفقاً للوائح الحركة، سيحلّ الأوّل مكان الثاني لمدّة 60 يوماً، ريثما يتمّ إجراء انتخابات داخلية جديدة. ينحدر العالول من مدينة نابلس في الضفة الغربية، وقد اعتُقل عام 1968 بسبب نشاطاته ضدّ الاحتلال الإسرائيلي. وفي 1971، أُبعد إلى الأردن، وبعدها بعامَين، قرّر الاستقرار في لبنان، حيث تولّى قيادة «الوحدة الخاصة» التي أسرت عام 1983 ثمانية جنود إسرائيليين، وكُلّف برئاسة «مكتب حركات التحرّر في العالم»، وهو مكتب كان دوره تعزيز علاقات الثورة الفلسطينية بالحركات التحرّرية العالمية. عمل العالول إلى جانب خليل الوزير (أبو جهاد) الذي اغتاله الموساد الإسرائيلي عام 1988، كما شغل منصب أمانة سرّ «لجنة الأرض المحتلّة» التي كانت مكلّفة بدعم الانتفاضة الأولى، وتولّى أيضاً منصباً داخل المجلس العسكري الأعلى لـ«منظّمة التحرير» ما بين عامَي 1975 و1982. استشهد ابنه البكر، جهاد، عام 2000، خلال مواجهات مع الاحتلال بُعيد اندلاع «انتفاضة الأقصى». وفي 2009، اختير عضواً في «اللجنة المركزية لفتح»، وأعيدَ انتخابه في اللجنة ذاتها نهاية 2016. وعلى عكس عباس، يُعتبر العالول متشكّكاً حيال «عملية السلام». وخلال الفترة الماضية، لم يكن له حضور في الشارع الفلسطيني، فيما تشير مصادر «فتحاوية» إلى أن الرجل لا يثق بحركة «حماس»، ويؤيّد حلّ «الدولة الواحدة» مع الاحتلال.

مروان البرغوثي


من مواليد رام الله عام 1958. يُعتبر أحد مؤسِّسي الذراع الطالبية لحركة «فتح» في الضفة الغربية، وقد ترأّس حركتها في جامعة بيرزيت في بداية الثمانينيات، كما ترأّس «اتحاد الطلاب» هناك. حصل البرغوثي على بكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية من الجامعة نفسها، ثمّ الماجستير في العلاقات الدولية. وقد اعتُقل عدّة مرّات منذ عام 1978 وحتى عام 1986، وفُرضت عليه الإقامة الجبرية قبل إبعاده خارج البلاد، ثمّ عاد بعد توقيع «اتفاق أوسلو» وفاز في انتخابات أوّل مجلس تشريعي فلسطيني عام 1996. فشلت عدّة محاولات لاغتياله أثناء «انتفاضة الأقصى»، إلى أن اعتُقل في عملية «السور الواقي» عام 2002، وهو يقضي حالياً حُكماً بالمؤبّد خمس مرّات، وذلك لمسؤوليّته عن الجناح العسكري لحركة «فتح»، «كتائب شهداء الأقصى»، إبّان الانتفاضة. كشفت زوجته، فدوى البرغوثي، أنه ينوي الترشّح لرئاسة السلطة بعد عباس، سواءً كان في السجن أو خارجه، وأنه يرى أن تولّيه الرئاسة يمثّل الوسيلة الوحيدة لتسليط ضغط دولي ومحلّي على دولة الاحتلال لإطلاق سراحه. يؤمن البرغوثي بضرورة توسيع الانتفاضة الشعبية في وجه الاحتلال، وقد هاجم «التنسيق الأمني» مع إسرائيل عدّة مرّات، وهو يعتقد أن استمرار المفاوضات مع الاحتلال بالطريقة السابقة نفسها غير ذي جدوى. أمّا موقعه في الشارع، فلا تزال الاستفتاءات واستطلاعات الرأي تُبيّن أنه الأكثر شعبية في حركة «فتح».