ما إن سمع الخمسيني خميس الشوبكي خبر اختفاء مجموعة من «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، في أحد الأنفاق شرقي غزة، حتى شعر بأن ابنه غزوان أحدهم، لما عرفه عنه من اختياره في المهمات الصعبة، وسرعان ما سبقه شعور الأب باستشهاد ابنه برغم ما قيل عن أمل بإنقاذ المفقودين، فلم ينتظر عودته إلا محمولاً على الأكتاف.
«كان طفلاً جميلاً خلوقاً معروفاً بطاعته لوالديه وهدوئه الدائم، يواظب على صلاته، ومن الطلبة الممتازين في المدرسة»، يستذكر الشوبكي طفولة ابنه غزوان (25 عاماً). لم يشعر بطول السنين حتى صار ابنه شاباً. وبرغم التحاق غزوان بـ«كتائب القسام»، وعمله تحديداً في «وحدة النخبة»، فإن أباه لا يزال يتحدث عن طفولة ابنه. ويضيف: «كنت أعلم أن ابني يعمل في صفوف القسام، لكنه لم يتحدث لنا يوماً عن عمله. كنت أشك أحياناً في انتمائه أساساً إلى القسام من شدة كتمانه».
هنية: المقاومة في معركة إعداد لأي مواجهة مع إسرائيل

وُلد غزوان الشوبكي، وهو أحد السبعة الذين نعتهم الكتائب قبل يومين من أصل 11 علقوا في أحد الأنفاق التي يجري العمل فيها وترميمها، عام 1994 في حيّ الدرج في مدينة غزة، ودرس في مدارس «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ــ الأونروا»، وكان من المقرر أن يتخرج في كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية في الشهور المقبلة. يقول الأب: «اختار ولدي تخصصه الجامعي لحبّه لدراسة تعاليم دينه، وهو حافظ لكتاب الله، وكان سيحصل على السند المتصل في القرآن». ويتابع: «لكن الجهاد والمقاومة كانا الأكثر إشغالاً له».
وقالت مصادر أمنية إن التقديرات الأولية لانهيار النفق في حيّ التفاح شرقي غزة، تشير إلى أن سبب الانهيار هو «تصدع تدريجي» راكمت عليه الأحوال الجوية الأخيرة.
وشيعت أمس جماهير كبيرة في غزة جثامين الشهداء السبعة من عناصر «القسام»، بمشاركة واسعة شملت كافة الفصائل والقوى الإسلامية والوطنية. كذلك شاركت مواكب عسكرية في التشييع بعدما كانت قد انطلقت نحو بيوت الشهداء لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم قبل مواراتهم الثرى في مقبرة الشهداء في غزة.
وخلال خطبة الجمعة، قال نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، إن «البعض يظن وقت التهدئة التي تسكت فيها أصوات المدافع هو للنوم والراحة، لكن كتائب القسام وقوى المقاومة تبرهن أنها معركة إعداد لأي مواجهة مقبلة مع إسرائيل».
ودعا هنية قبيل تشييع الشهداء، من وصفهم بـ«المشككين بقدرة الشعب الفلسطيني على مواصلة المقاومة»، إلى «ترك هذه اللغة وعدم العبث بمشاعر شعبنا أو ابتزازه بآلامه ومعاناته».