القدس | تحوّلت بهجة اللهو بالثلوج في القدس المحتلة إلى «انتفاضة» ضدّ جيش العدو ومستوطِنيه؛ إذ عمّت المواجهات عدّة قرى في المدينة، ما أدّى إلى وقوع إصابات متبادلة، إضافة إلى اعتقال عشرات الفلسطينيين خلال أقلّ من 24 ساعة، في وقت توالت فيه عمليات إطلاق النار تجاه أهداف إسرائيلية في الضفة الغربية. وعلى رغم أن مشهد تكييف الفلسطينيين العوامل الطبيعية، ومنها الثلوج، لتتناسب ومتطلّبات مواجهة الاحتلال، بات مألوفاً، إلّا أنه هذه السنة بدا أكثر قوّة وفاعلية، وسط انتشار ما بدا أنها أشبه بـ«التعليمة»: «نُمسك الحجر، نغطّيه بالثلج ونحوّله لكرة، ثمّ نقذفه على مركبة شرطة العدو». بدأت السُّبحة في قرية الطور لدى مهاجمة عشرات الشبان مركبة لشرطة العدو لحظة اقتحامها القرية، ورشقهم إيّاها بكُرات الثلج والحجارة والكراسي وكلّ ما عثروا عليه في الشوارع، ثمّ كرّت لتَصل إلى مناطق جديدة، منها العيساوية، جبل المكبر، وباب العَمود. في العيساوية، ألقى شبّان حاجزاً حديدياً إسرائيلياً نحو مركبة للشرطة الإسرائيلية خلال المواجهات. وفي بلدة شعفاط، هاجم شبان بالحجارة المغطّاة بالثلج القطار الإسرائيلي. ودفع كلّ ذلك الإعلام العبري إلى وصف ما يجري بأنه «انتفاضة ثلوج»، وفق وصْف مراسل «القناة 13» يوسي إيلي، علماً أن تطبيق «تيك توك» لعب دوراً بارزاً في تغطية هذه «الانتفاضة»، إذ اعتمد الشبّان عليه بشكل كبير في نشر الأحداث والمواجهات.وبعد أقلّ من ساعتين على المواجهات الأولى في قرية الطور، والتي استشعر العدو من خلالها أن ما يجري «ليس حدثاً واحداً عابراً وانتهى»، شنّت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة في القدس، طاولت 54 فلسطينياً «بدعوى إلقاء الحجارة وكرات الثلج على الشرطة والمستوطنين»، بحسب قناة «كان» العبرية، فيما أكدت وسائل إعلام إسرائيلية إصابة مستوطِن في باب العَمود، وتضرُّر قطار شعفاط وعدد من مركبات الشرطة. من جهتها، أفادت مصادر طبية فلسطينية بإصابة 5 شبّان على الأقلّ بالرصاص المطّاطي وقنابل الصوت خلال مواجهات العيساوية، في حين اعتُقل شابّ بعد ملاحقته لِرفْعه العلَم الفلسطيني في باب العَمود، الذي اعتلاه الفلسطينيون وسط التكبيرات والأناشيد الوطنية، رافعين العلَم أيضاً عدّة مرّات داخل المسجد الأقصى، توازياً مع إعلائه عند مدخل العيساوية. والجدير ذكره، هنا، أن إسرائيل تُلاحق العلَم الفلسطيني وتمنع رفْعه في القدس، منذ إعلان الإدارة الأميركية السابقة عن «صفقة القرن»، ما أكسب الراية رمزية أكبر، وحوّل مسألة إعلائها في المدينة المحتلّة إلى نوعٍ من التحدّي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
استشعر العدوّ في الطور أن ما يجري «ليس حدثاً واحداً عابراً وانتهى»


أمّا في الضفة المحتلّة، فيكاد الدوس على الزناد يكون مستمرّاً، فيما قلّما تشهد خطوط التماس هدوءاً على نحو تامّ. وفي أعقاب انتهاء «انتفاضة الثلوج» في القدس ليلة الجمعة، وقعت 4 عمليات إطلاق نار متتالية خلال 4 ساعات في الضفة، أُولاها عندما أطلقت مركبةٌ النار تجاه نقطة لجيش العدو قرب حاجز بيت فوريك شرق نابلس، والثانية استهدَف خلالها مقاوِمون برجاً عسكرياً عند حاجز «دوتان» جنوب جنين، ثمّ فتح مقاومون، في الثالثة، النار تجاه دورية لقوات الاحتلال أثناء تواجدها قرب قرية بير الباشا في جنين، لتَختتم الليلة أحداثها بحادثة رابعة أُطلقت فيها نيران كثيفة نحو بؤرة «أفيتار» الاستيطانية في بيتا قرب نابلس. وكانت منطقة شرق نابلس شهدت عمليتَي إطلاق نار خلال اليومين الماضيين، ما يشي بدخول نقطة اشتباك جديدة إلى المشهد المشتعل في الضفة. وجاء هذا في وقت أَطلق فيه شبّان مطلوبون لجيش العدو دعوات إلى الفلسطينيين لتجنُّب الدخول بمركباتهم إلى أزقّة البلدة القديمة ليلاً، وإبلاغ المطلوبين مسبقاً في حال اضطرّوا لذلك. ويفسّر مصدر، لـ«الأخبار»، هذه الدعوات بأنها «تأتي في إطار الحذر من العدو، والاستعداد لمواجهة عملية لقوّة خاصة إسرائيلية قد تقع في أيّ لحظة بمدينة نابلس، في ظلّ وجود عدد من المقاومين المطارَدين» هناك.