في أعقاب الجدل الحادّ الذي أثاره قرار سحب الديمقراطيين لمشروع تمويل «القبة الحديدية»، أعلن زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأميركي ستيني هوير، مساء أمس الثلاثاء أن المجلس سيصوّت قبل نهاية الأسبوع الحالي على مشروع قانون آخر يتضمّن تمويلاً لمنظومة «القبّة الحديدية» الإسرائيلية.
وخاطب هوير المجلس بالقول، إنه «لقد تحدّثت إلى وزير الخارجية (الإسرائيلي) يائير لبيد قبل ساعتين فقط وأخبرته أن هذا النصّ سيُقرّ في المجلس». وأكّد زعيم الأغلبية أنه يعتزم طرح التصويت قبل نهاية الأسبوع الحالي على مشروع قانون سيموّل بالكامل القبّة الحديدية الإسرائيلية، مشدّداً على أن هذه المنظومة «دفاعية» و«أساسية تماماً» لأمن إسرائيل.

وأوضح زعيم الأغلبية الديمقراطية، أنه «سيستخدم لإقرار هذا النصّ آلية معجّلة تقضي بأن تتمّ الموافقة عليه بأغلبية ثلثَي الأعضاء الحاضرين أو بتصويت شفهي بالإجماع. وبعد إقراره في مجلس النواب، يتعيّن على مجلس الشيوخ إقرار النصّ بدوره كي يُحال إلى الرئيس جو بايدن لتوقيعه ونشره ليصبح قانوناً نافذاً.
وأكّد هوير أن «الرئيس يريد أن تتمّ الموافقة على هذا النص» وكذلك يفعل جميع القادة الديمقراطيين في الكونغرس.

وفي وقت سابق من مساء الثلاثاء، أثار الديمقراطيون في مجلس النواب عاصفة من ردود الفعل الغاضبة في الولايات المتحدة، بعدما سحبوا من مشروع قانون آخر مبلغ مليار دولار خصّصته الإدارة الأميركية لتمويل تعزيز مخزون ذخيرة منظومة «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ.
وبحسب وسائل إعلام أميركية، فإن الديمقراطيين سحبوا هذا المبلغ من مشروع قانون مخصّص لتمويل الحكومة الفدرالية، بعد ضغوط مارسها عليهم نوّاب من الجناح اليساري للحزب، رفضوا أن يتمّ الربط في نصّ واحد بين تقديم مساعدات لإسرائيل لتمويل «القبّة الحديدية»، وتمويل حكومتهم.

وما أن سُحب هذا التمويل من مشروع قانون تمويل الحكومة الفدرالية، حتى سارع القادة الديمقراطيون إلى التأكيد على أن تمويل «القبة الحديدية» سيتمّ، ولكن في مشروع قانون الميزانية السنوية لوزارة الدفاع الأميركية، مشدّدين على أنه لن يكون هناك أي «انقطاع» في هذا التمويل.
لكنّ الخطوة الديمقراطية كانت كافية لإثارة حنق الأقلّية الجمهورية وغضب بعض الديمقراطيين «المعتدلين». وسارع زعيم الأقليّة الجمهورية في مجلس النواب كيفن مكارثي إلى اتّهام خصومه الديمقراطيين «بالإذعان لنفوذ نوابهم الراديكاليين المعادين للسامية»، في حين أعرب بعض الديمقراطيين «الوسطيين» عن أسفهم للخطوة التي أقدم عليها زملاؤهم.

وكان القادة الجمهوريون قد أعلنوا أنّهم لن يصوّتوا في مجلس الشيوخ لصالح مشروع القانون الذي سُحب منه تمويل «القبة الحديدية»، في قرار يعني عملياً وأد هذا النصّ في المهد. لكن هذا الأمر لم يمنعهم من أن يصبّوا جام غضبهم على خصومهم الديمقراطيين.
وكتب السناتور المحافظ تيد كروز في تغريدة على «تويتر»: «أمر مأسوي. الزعماء الديمقراطيون يستسلمون لليسار المعادي للسامية». كما أعرب عدد من الديمقراطيين «المعتدلين» عن غضبهم من الضغط الذي مارسه زملاؤهم اليساريون.

وكتب النائب دين فيليبس في تغريدة على «تويتر»: «لا أصدّق أن بعض الزملاء الديمقراطيين يفضّلون أن يصوّتوا ضدّ قانون لتمويل الحكومة، على أن يدافعوا عن أحد أهمّ حلفائنا».
بدورها قالت النائبة الديمقراطية إليسا سلوتكين، وهي محلّلة سابقة في وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، إن الاعتراض على تمويل «القبة الحديدية» خطوة «غير مسؤولة»، أظهرت «الرغبة في مهاجمة شيء ما، أيّ شيء، ما دام يتعلّق بدولة إسرائيل».

وكان وزير الخارجية الإسرائيلية يائير لبيد قد أعلن في بيان، مساء الثلاثاء أنه تحدّث إلى زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأميركي هوير حول المساعدات المتعلقة بـ«القبة الحديدية» التي تعهّدت إدارة بايدن تحويلها إلى إسرائيل، وأشار إلى أن الأخير أكد التزام الديمقراطيين في مجلس النواب، بالمصادقة على قيمة مبلغ المساعدات.
وجاء في بيان لبيد أن هوير أبلغه أن تأجيل تمرير المصادقة على قيمة المساعدات «كان تأجيلاً فنياً ناتجاً عن النقاش في الكونغرس حول سقف العجز في الموازنة الأميركية». وأشار لبيد إلى أن «زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب، جدد التزام البيت الأبيض ورئيس مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي شاك شومر الذين تعهّدوا للحكومة الإسرائيلية بتحويل ميزانية المساعدة لـ«القبة الحديدية» في المستقبل القريب.

ووفقاً للبيان، شدّد لبيد على «ضرورة الموافقة على الطلب في أقرب وقت ممكن لضمان الاحتياجات الأمنية لإسرائيل». ونقل البيان عن لبيد قوله: «بعد سنوات أهملت فيها الحكومة السابقة الكونغرس والحزب الديمقراطي وألحقت ضرراً كبيراً بالعلاقات الإسرائيلية الأميركية، نُعيد اليوم بناء علاقة ثقة مع الكونغرس. أشكر الإدارة الأميركية والكونغرس على التزامهما الراسخ بأمن إسرائيل».

وكانت إسرائيل قد توجهت إلى واشنطن، خلال الاجتماعات التي عقدها وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس مع مسؤولين في إدارة بايدن، من بينهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جاك سوليفان ووزير الدفاع لويد أوستن في واشنطن مطلع حزيران الماضي، بطلب لتقديم مساعدات مالية لتعبئة ما نفد من صواريخ «القبة الحديدية».
وخلال العدوان الذي شنّه جيش العدو الإسرائيلي على قطاع غزة، من 10 إلى 21 أيار الماضي، استُخدمت كميات كبيرة من صواريخ منظومة «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ، في التصدي للصواريخ التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة ضد الأهداف والمستوطنات الإسرائيلية.