بعد فضيحة برنامج التجسس الإسرائيلي «بيغاسوس»، تطرح فرنسا حالياً أسئلة محدّدة كثيرة على إسرائيل، فيما لا تبدو هذه الأخيرة مستعدة للإجابة عليها. وبحسب معلومات حصلت عليها صحيفة «L'Opinion» الفرنسية، طلبت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، من نظيرها الإسرائيلي بيني غانتس، في اجتماع بينهما في 28 آذار الماضي، أن يتمّ استبعاد الأرقام الفرنسية، وهي أكثر من 33 رقماً، من الهواتف القابلة للاختراق من البرنامج، من دون الحصول على ردّ واضح.
من جهة أخرى، كانت الحكومة الإسرائيلية التي تسمح بتصدير هذه البرمجيات، قد وافقت على طلب مماثل بخصوص الأرقام الأميركية والبريطانية، وربما حتى الصينية والروسية. على إثره، اعتبرت فرنسا، التي هي أيضاً عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أن إسرائيل «لا تحترم مقامها». وبالتالي، بدأت هذه المسألة بتعقيد العلاقات بين البلدين في الخفاء بحسب الصحيفة.

ومن على متن الطائرة التي كانت تقلّه في 22 تموز إلى اليابان، اتصل الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون برئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، للبحث في هذه المسألة. ولم يكن بينيت مستعجلاً للردّ على ماكرون، بذريعة «الغضب» بسبب عدم تلقّيه تهنئة خاصة من الرئيس الفرنسي يوم تولّيه المنصب منتصف الشهر الماضي، وفق ما أفادت الصحيفة.

يشار إلى أنه كان من المقرر أن تُكرَّس الزيارة الإسرائيلية إلى فرنسا لبحث الأزمة اللبنانية والاتفاق النووي الإيراني والتعاون الثنائي، غير أن قضية «بيغاسوس» فرضت نفسها على جدول الأعمال.

هل تسعى فرنسا للانتقام؟
ترجّح الصحيفة أنه من غير المحتمل أن تنتقم فرنسا من مثل «هذه التجاوزات الإسرائيلية». في الواقع، حتى لو لم تعترف الشركات الفرنسية بذلك علناً، فإن العديد منها تعتبر أنها في حاجة ماسة إلى التكنولوجيا الإسرائيلية، لا سيما لحماية نفسها من الهجمات الإلكترونية، علماً أن الإسرائيليين يتقدمون على الفرنسيين في هذه المجالات. ومن جهتهم، يحتاج الإسرائيليون إلى رأس المال والدراية الصناعية.

أضف إلى ذلك، أن الفرنسيين والأوروبيين يتفقون على أنه إلى جانب التقدم التكنولوجي عليها، تتفوق إسرائيل أيضاً على فرنسا في مجال الطائرات المسيّرة، وهو محور المناقشات بين الجيشين الفرنسي والإسرائيلي أيضاً. وقد شهد التعاون فيه بين الطرفين تقدّماً ملحوظاً في السنوات الماضية.

ردع إيران
أرسلت فرنسا الخريف الماضي وللمرة الأولى، مقاتلات رافال للمشاركة في التدريبات الجوية الإسرئيلية «Blue Flag»، فيما لا يخفِ الجيش الفرنسي أنه يتحضر لـ«مواجهات مكثفة» ويتدرب بشكل منتظم مع قوات جوية «موثوقة». كما يجري التعاون في المجال البحري أيضاً، وآخرها في مرفأ حيفا.

وهذه التدريبات، وإن لم يتم الاعتراف علناً بذلك، تشكّل جزءاً من موقف فرنسا الهادف إلى «ردع إيران» بحسب الصحيفة. لكن إلى أي مدى قد يذهب موقف الرّدع هذا؟ وهذا هو الحوار الذي يرغب الإسرائيليون في إجرائه مع فرنسا، لمعرفة الجواب في حال قرروا شن حملة ضد المواقع النووية التابعة للجمهورية الإسلامية، بينما لا توافق في الداخل الفرنسي على هذه المسألة.

وتنتهج فرنسا التي لديها قواعد جوية في الأردن والإمارات العربية المتحدة، سياسية قريبة جداً من ممالك الخليج المتحالفة أمنياً مع إسرائيل. وينطبق هذا أيضاً على المغرب المطبّع مع الدولة اليهودية. ويجبر هذا فرنسا على الإبقاء على علاقات جيدة مع إسرائيل، «بالرغم من بعض التنصتات الطائشة»، على حدّ تعبير الصحيفة.

يشار إلى أن فرنسا تتهم المغرب بشنّ عمليات تجسّس استهدفت ناشطين وصحفيين وسياسيين من دول العالم من بينهم الرئيس الفرنسي، بواسطة برنامج «بيغاسوس» للهواتف الخلوية. وهو برنامج طوّرته شركة «NSO» الإسرائيلية التي تعمل تحت سلطة وزارة الدفاع الإسرائيلية، التي تمنعها من توقيع أي عقد عمل من دون موافقتها المسبقة، نظراً للطابع الأمني للبرنامج.
(الأخبار)